حكاية علي عبود.. قائد فريق مغسلي ضحايا كورونا بالأقصر

محافظات

بوابة الفجر


فجر علي عبود، قائد فريق مغسلي ضحايا كورونا بالأقصر، مفاجأة كبرى بعد 17 يومًا من بدء تطوعه بتغسيل ضحايا فيروس كورونا المستجد، وتكوين فريق من نحو 50 شخصًا استطاعوا حتى الآن من تغسيل 10 حالات وافتهم المنية إثر إصابتهم بالفيروس.

علي عبود، ابن مركز أرمنت بجنوبي غرب الأقصر، يعمل مدرسًا للدراسات الاجتماعية بإحدى مدارس أرمنت التعليمية، ويبلغ من العمر 50 عامًا، تطوع منذ 20 عامًا لتغسيل الموتى بقريته، إضافة إلى مشاركته في العديد من الأعمال الخيرية لمساعدة المحتاجين، ولم يوقفه رعب كورونا عند هذا الحد من المساهمة في فعل الخير، ليكون مؤخرًا فريقًا لتغسيل ضحايا الوباء العالمي.

كيف بدأت قصة "عبود" في تغسيل موتى كورونا 
في النصف الأول من شهر أبريل الماضي، وعند مطالعة "عبود" للأخبار على وسائل السوشيال ميديا، تأثر كثيرًا بمشاهدة قصتي أولى ضحايا كورونا بقرية في كفر الدوار، وطبيبة الدقهلية، تأثر كثيرًا من رفض الأهالي لدفنهما، مما جعله يقسم بالاستعداد على تغسيل ضحايا الفيروس قائلًا من خلال صفحته الشخصية على فيسبوك: " رسالة إلى أهل الأقصر، أي إنسان يموت لا قدر الله بالكورونا أقسم بالله على استعداد أن أغسله وأدفنه ولو لوحدي".

ولقيت رسالة "عبود" التي وجهها لأهالي الأقصر، تضامنًا كبيرًا من رواد السوشيال ميديا، بل وصل الأمر إلى طلب آخرين التطوع معه لتغسيل ضحايا كورونا، ولم تمضي بضعة أيام ليتلقى مكالمة هاتفية في السابع عشر من أبريل الماضي، من أحد الأشخاص يخبره بوفاة شخص نتيجة إصابته بفيروس كورونا في إحدى المستشفيات.

ويقول "علي عبود" لـ" الفجر"، لم أتردد بعد المكالمة الهاتفية، وقمت بالاتصال بالمهندس محمد توفيق صاحب الـ52 عامًا، الذي أخبرني برغبته في المشاركة بهذا الأمر، ووصلنا إلى المستشفى، ولم يكن هناك بدل واقية، فارتدينا الكمامات والقفازات وبدئنا في الغسل.

وأوضح المتطوع بتغسيل ضحايا كورونا، أنه وشريكه قاما بتطهير فم وأنف المتوفي بالكحول، تحسبًا لخروج أية سوائل منهما، وبدئا بتغسيله بالصابون في المرة الأولى ومن ثم غسل الجنابة في المرتين الثانيتين، وبعد الانتهاء أصر على استكمال اجراءات دفنه.

ولفت عبود، إلى أنه تم تكوين فريق من نحو 50 شخصًا رجالًا ونساءً لتكريم ضحايا كورونا، مؤكدًا وصول عدد الحالات التي تم تغسيلها ودفنها من قبل الفريق حتى الآن يصل إلى 10 أشخاص، بينهم 6 سيدات، مؤكدًا أن " أم اسلام" مقيمة بوسط مدينة الأقصر هي المسئولة عن تغسيل السيدات المتوفيات.

"هروب التربي والصلاة على سيدة بعربة الإسعاف" 

وعن المواقف الغريبة التي شهدها الفريق، يروي "عبود"، أن أول شخص قام بتغسيله، عند وصولهم به إلى المقابر، وجدوا القبر مفتوحًا، وعدم وجود التربي، مشيرًا إلى تخوفه من انتقال العدوى من المتوفي، مما جعله يقوم بدفنه بشخصه، بالإضافة إلى موقف آخر، حيث تخوف الأهالي تنزيل سيدة من عربة الإسعاف، وطلبهم الصلاة عليها وهي بداخل العربة، لافتًا إلى قيامه بتنزيلها والصلاة عليها.

موقف أسرة "عبود" من تطوعه بتغسيل ضحايا كورونا 

وذكر عبود، أن أسرته لم ترفض ما يقوم به ربها، مؤكدًا أن زوجته تشجعه على هذا الفعل الخيري، ووالدته المسنة أيضًا، قائلًا: "أنا موجود في بيتي وسط أمي وزوجتي وأبنائي، بناكل مع بعض ومفيش حد خايف مني، لدرجة ان بنتي الصغيرة بتقعد على حجري وتلعب معايا".

وأردف: "لقد قمت بتغسيل شخص متوفي من كورونا بالأمس الأحد، وعدت إلى المنزل وتناولت وجبة الإفطار مع أسرتي، مؤكدًا عدم وجود تنمر من أحد لما يقوم به من تغسيل ضحايا الوباء العالمي".

ووجه "علي عبود" رسالة للأهالي، بأنه منذ بداية تغسيل أول شخص من ضحايا كورونا، دون لبس بدلة واقية، مر حتى الآن 17 يومًا دون أن تظهر عليه أية أعراض للمرض، بالإضافة إلى أسرته سواء الأطفال أو والدته المسنة، مؤكدا عدم انتقال المرض من الشخص المتوفي.

وأضاف، أن مديرية الصحة قامت بعمل تدريب للفريق وامدادهم بالبدلات الواقية، وتعليمهم كيفية التعامل مع المتوفي من الفيروس وضرورة تطهير منطقتي الإخراج " الفم والأنف"، تحسبًا لخروج سوائل، مؤكدًا أن عملهم تطوعي لوجه الله دون أية مقابل.