اليوم السّابِع من شهر رَمَضَان المُعَظَّم 1441هـ

أبراج

بوابة الفجر



*الباب الأوّل (المُصنّفَات العلميّة فى مُشكلات الأحلام)

**المسائل التى يُثيرها البحث العلمى فى ظواهر الحلم يُمكن تبويبها فى الفصول التالية....
3-مُنبهات الحلم ومصادره (المُنبهات الحسيّة الخارجيّة ، التهيّجات الحسّية الداخلية/الذّاتيّة ، المُنبّهات الجسميّة العضوية الداخليّة ، المصادر النفسيّة للتنبيه)
4- لماذا ينسى الحلم بعد اليقظة؟
5-الخصائص السّيكولوجيّة المُمَيّزى للحلم.
6-الحاسّة الخُلُقيّة فى الحلم.
7-نظريّات الحلم ووظيفة الحُلم.
8-العلاقة بين الحلم والأمراض العقليّة.

3-مُنبّهَات الحلم ومصادره
أحد الأمثلة العاميّة يقول "تأتى الأحلام من المعدة/الجوعان يحلم بسوق العيش" وهذا المثل يُوضّح ببساطة مصدر الحلم ، فالحلم ينشأ بسبب "إزعاج" يُصيب النّوم ، فنحن ماكنّا لنحلم لولا طرأ مُزْعِجْ فى أثناء نومنا ، والحلم بمثابة إستجابة أو ردّ فعل لهذا المُزعِجْ.

وهنا تبدأ الأسئلة العلمية ، فهل الحلم سببه إزعاج نفسى يتعلق بعلم النفس فقط ؟ أم أنه يدخل معه علم وظائف الأعضاء الجسميّة ؟ وهنا يُقسّم فرويد مُنبهات الحلم لأربعة أصناف (منبّهات حسيّة خارجيّة/موضوعيّة ، منبّهات حسيّة داخليّة/ذاتيّة ، منبّهات جسميّة باطنيّة عضويّة ، منبّهات نفسيّة خالصة للتنبيه)

ج-المُنبّهات الجِسْمِيّة العضويّة الدّاخِليَة: 
نحن نشعر بجسدنا أثناء يقظتنا ، وفى فترة إسترخاء الجسم بالنوم يكون إحساسنا بجسدنا أكثر عمقاً ، فصوت خرير الماء من النبع لانستطيع سماعه فى النهار لإن ضجيج الحياة يطغى عليه ولكن عندما يُخيّم الليل يُصبح صوت خرير الماء واضحاً ، وهذا ما يقوم به الجسم فى الليل وطريقته فى تعريفنا بعلة ما فى جسدنا تكون عن طريق الحلم ، هذا لايعنى أن كل حلم نراه يعنى بالضرورة علة أو مرض فالأصحّاء يحلمون كما يحلم المرضى.

الطبيب النفسى الفرنسى كراوس قسّم الحلم الناتج عن مرض عضوى لنوعين : (إحساسات عامة) وتعكس الحالة المزاجية العامة لجسمنا بشكلٍ عام ، (إحساسات نوعيّة خاصّة) وتنقسم لخمسة أنواع (إحساسات عضلية ، تنفسيّة ، هضميّة ، جنسيّة ، سطح الجلد) وهناك شبه إجماع أن هناك أحلاماً شائعة ومألوفة الحدوث لدى أكثريّة الناس ويُمكن ربطها بالحالة الجسميّة للحالم ، فمثلاً أن يرى الإنسان نفسه عارياً غالباً يكون مرتبطاً بإزاحة الغطاء عن الحالم وهو نائم أو نقص فى ردائه فاستهدفه الهواء ، حلم سقوط الأسنان يُعزى إلى تنبيه بالحالة العمريّة للحالم وإن لم يعنِ بالضرورة وجعاً فى أسنان الحالم ، حلم الطيران فى الهواء يُعبّر عن حالة صعود الرئتين وهبوطهما بشكل يستوجب الفحص الطبى ، أما حلم السقوط من مكان مُرتفع فيُمكن إرجاع سببه الجسمى إلى إنبساط فى مرفق ركبة القدم بشكل كبير. 

كما قام دكتور مورلى فورد بتجربة لإثبات التأثير الحسّى العضوى على الحلم ، فقام بتجربة تثبيت الأطراف للنائم ، فكان أن ربط قدم أو يد النائم حَلَمَ النائم بعراقيل تعوق حركة قدمه أو يده ، وضعيّة النوم إن كانت مُشابهة لحيوان حلم النائم بهذا الحيوان ، إذا قام بتقيد حركة أحد الأصابع حلم النائم بالأرقام  ، لكن النتيجة التى يستخلصها فرويد من تلك التجارب السابقة أن نظريّة حتميّة الحلم المرتبطة بالحالة الجسديّة ليست حتميّة الضرورة.

د-المصادر النفسيّة للتنبيه: 
إختلفت الآراء فى تأثير الحالة النفسيّة فى اليقظة على الحلم أثناء النوم ، فهناك رأى مفاده أنّنا نحلم بالأشياء التى تشغل بالنا طوال النهار فى اليقظة ، بينما رأىٌ آخر يقول أنّنا لانحلم إلا بالأشياء التى فقدنا الإهتمام بها وأصبحت غارقة فى اللاوعى أو اللاشعور ، ولو كان كل حلم مُتصلاً بأحد شئون الحياة اليومية فى اليقظة لأصبح تفسير الأحلام وربطها بمصدرها الحقيقى سهلاً للجميع ، لكن لا أحد حتى اليوم بإمكانه الجزم بصحّة تفسيرعلة حلمٍ ما تفسيراً كاملاً وصحيحاً ، بل إن فريقاً من الباحثين قللو من أهمية تأثير الحالة النفسية للحالم على الحلم وساقو دليلهم أن الحالة النفسية للإنسان لايُمكن فحصها بشكل علمى بل تندرج تحت الأمزجة و الأحاسيس والمشاعر وأن التفسير الوحيد للحلم هو بربطه بالحالة العضوية الطبية للحالم ، ويتساءل فرويد إن لم يكن بإمكان هذا الفريق ربط الحلم بالحالة النفسيّة وقصرها على الحالة العضويّة بسبب جهلهم بعلم النفس فهل هذا سبب كافٍ لنبذهم هذا العلم ؟

*المصدر: كتاب تفسير الأحلام لسيجموند فرويد ، تحت إشراف الدكتور مُصطفى زيور 1969.