نصائح الدكتور أحمد عكاشة للمصريين فى زمن «الكورونا»

العدد الأسبوعي

محررة الفجر وأحمد
محررة الفجر وأحمد عكاشة


سلوك العالم يتغير إلى الأفضل بعد "كوفيد-19"

لا تلتفتوا إلى شائعات التواصل الاجتماعى وتقصوا من منظمة الصحة العالمية

للآباء.. اجلسوا مع أولادكم.. العبوا معهم.. وللأمهات علمن بناتكن الطبخ

للأطفال.. احرص على أن يرتدى طفلك زى المدرسة بالمنزل

منذ أن أعلنت مصر عن الإصابة بأول حالة بفيروس كورونا، بدأت حالة الفزع تجتاح البيوت المصرية، خاصة مع انتشار الشائعات المتتالية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى والتى دائما ما تشكك فى طريقة تعامل مؤسسات الدولة المصرية مع الأزمة على عكس ما هو حادث على أرض الواقع، الأمر الذى تسبب فى بعض الأوقات بحدوث حالة من البلبلة والخوف الشديد والاكتئاب، نظرا للارتفاع المتزايد لحالات الإصابة بالفيروس عالميا والذى من المتوقع أن يصل إلى المليون خلال الفترة المقبلة.

وأمام هذا المشهد المرتبك لم نجد أمامنا سوى الدكتور أحمد عكاشة الطبيب النفسى الشهير، ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسى ليضع لنا روشتة من النصائح التى تقينا من شر الأمراض النفسية فى زمن الكورونا.

■ يعيش أغلب المصريين حالة من الفزع جراء ما ينشر حول وباء كورونا خاصة عبر صفحات التواصل الاجتماعى.. كيف نعالج ذلك؟

- بداية لابد من التأكيد على أن 90% مما ينشر على هذه الصفحات غير صحيح، ولذلك منظمة الصحة العالمية قدمت أربع نصائح فى هذا الأمر، وهى أولا تجنب قراءة ومشاهدة والاستماع لكل الأخبار التى تسبب القلق، ثانيا: منظمة الصحة العالمية هى المصدر الرئيسى لتلقى المعلومات لحماية أحبابك وأقاربك، ثالثا: يجب تلقى المعلومات عن فيروس الكورونا سواء من الجرائد أو التليفزيون مرة أو مرتين يوميا فقط ولا تجعل حياتك تدور حول الوباء، ولابد أن نعرف أن الجهل يتسبب فى انتشار المرض والاعتماد على التواصل الاجتماعى فقط يزيد الجهل جهلا، وللأسف غالبية المصريين حتى المتعلمين منهم يلجأون إلى مواقع التواصل الاجتماعى.

■ هل حالة الخوف المنتشرة حاليا بين المواطنين صحية أم العكس؟

- الخوف المتواجد حاليا هو خوف صحى ولكن مع بعض الناس ينقلب إلى خوف مرضى، وأى شخص لديه قلق نفسى نسبة الخوف لديه حوالى 71%، وأى شخص لديه هلع نسبة الخوف عنده 80%، أى شخص لديه وسواس نسبة الخوف عنده 22%، وأى شخص لديه اكتئاب نسبة الخوف عنده 43%.

وأهم خوف هو الخوف من الأمراض فإذا سألنا أى شخص عما يخيفه ستكون إجابته المرض خاصة مرض السرطان والقلب والسكر والإيدز والزهايمر، وحاليا نسيت الناس كل الأمراض وأصبحت تخاف من «الكورونا» على الرغم من أن تلك الأمراض مميتة أكثر من الفيروس.

ولدينا منحنيات، فكلما تعرضنا إلى قليل من الخوف كلما يكون الإبداع والإنتاج أفضل، وبالتالى أى شخص مقبل على امتحانات لابد أن يخاف وهذا الخوف سيساعده على المذاكرة وزيادة الإنتاج إلى حد معين، أما إذا زاد الخوف عن حد معين فإن ذلك سيعيق إنتاجه ويصبح خوفًا مرضيًا.

ولابد أن نفرق بين الخوف والقلق لأن الخوف له مركز بالمخ يسمى الاميجدالة وباللغة العربية يسمى «اللوزة المخية» ووظيفته هى عندما يتعرض الإنسان للخوف يجعله إما يواجه بشجاعة أو يلجأ للهروب، حيث إن وظيفته إفراز مواد كيميائية لمحاربة الخوف أو الإجهاد أو المرض.

والخوف شعور ملازم لكل الأشخاص ولابد من محاربته، وإن لم تحاربه سيتحول إلى خوف مرضى وبذلك سيحتاج إلى علاج مختلف، لذلك علينا تنفيذ النصائح التى تحدثنا عنها ونبتعد عن كل الأخبار السلبية ولا ننجرف ناحيتها.

■ هل هناك نصائح تقدمها لنا لتفادى هذا الفيروس؟

- لتفادى الفيروس علينا الالتزام بالجلوس بالمنزل، غسل الأيدى بالصابون، البعد عن الناس من متر إلى اثنين، وأخذ مخفضات حرارة فقط.

وأود طمأنة الناس بأن 80% من حالات الكورونا لا تدخل المستشفى حيث من الممكن أن يتم علاجهم بالمنزل، لأن الانعزال ممكن أن ينهى المرض، ولا يوجد علاج حاليا إلا مخفضات الحرارة، وكل ما يتداول حول العلاج بالملح والليمون على بنجر والأشياء الأخرى لم تثبت علميا حتى الآن.

أما الـ 20% الذين يحتاجون للمستشفيات فهم من تظهر نتيجة تحاليل الكورونا لديهم بأنها إيجابية، وتكون 3 درجات: خفيف ومتوسط وشديد، ويتم توزيع الـ 20% وهم من يحتاجون رعاية مركزة كالتالى: 5% من الأطفال حتى سن 40 سنة، 12% من 50 إلى 60 سنة، 27% من 60 إلى 70 سنة، 43% من 70 إلى 80 سنة، وما فوق 80 سنة يكون بنسبة 60%.

أما عن نسب الوفيات فلا توجد وفيات بكثرة فإن من توفى حتى سن 60 سنة بنسبة 0.6%، أى أقل من 1% وموزعون كالتالى من 60 إلى 70 سنة 2% يتوفون، من 70 إلى 80 سنة 5%، أما فوق الـ 80 سنة 9% يتوفون أيضا، ومعنى ذلك أن الذين يموتون بأمراض القلب والسرطان والصدر أكثر ممن يموتون من الكورونا والفرق بينهم أنها أمراض مزمنة وليست عدوى مثل الكورونا.

■ فى تقديرك ماذا سيحدث حال وصول عدد المصابين بالكورونا حول العالم إلى مليون شخص؟

- أعتقد أنه عندما يصل عدد المصابين بالفيروس إلى مليون شخص سيبدأ العدد فى التراجع وهذا تنبؤ وليس تأكيدًا علميًا، وهذه المعدلات حيوية وتعطى تفاؤلاً للناس، لأن أكثر عدد للموتى كان وقت الحروب، ففى الحرب العالمية الأولى مات من المدنيين والعسكريين ومن المجاعات نحو 40 مليون شخص، والحرب العالمية الثانية مات من العسكريين والمدنيين والمجاعات 60 مليون شخص، ولن يصل أعداد الموتى بسبب أى وباء إلى هذا الحد.

وظاهرة الأوبئة حدثت كثيرا، ففى عام 1720 حدث امتداد للطاعون الأسود ومات فيه ثلث سكان أوروبا، وسنة 1820 جاء وباء الكوليرا ومات ملايين، وسنة 1920 جاءت الإنفلونزا الإسبانية ومات ملايين أيضا، وسنة 2020 جاء «الكورونا».

وهذا يؤكد أن كل 100 سنة يأتى وباء يقتل ملايين ولكن وأوضح إلى الآن أن أقلهم الكورونا، وهذا بسبب تطور العلم لأن وقت الطاعون كان لا يوجد علاج له ولا الكوليرا وأيضا مرضى الإيدز الذين مات منهم حتى الآن 35 مليون شخص، أما الذين يموتون بالحوادث والأمراض المزمنة أكثر ممن يموتون بسبب «الكورونا».

■ فى رأيك.. ما الآثار التى سيتركها «كورونا» على العالم؟

- أرى أن العالم سيتغير وتظهر الحميمية وحب الآخر والتعاون لأن هذه الأشياء اختفت مع وجود وسائل التواصل الاجتماعى، فالأسرة المكونة من الأب والأم والأولاد والجد والجدة كلهم مشغولون بأجهزتهم ولا يتكلمون مع البعض وبدأت العواطف الإنسانية تتجمد وتتبلد مع رؤية الأفلام المليئة بالرعب والدم والعنف، حتى لعب الأطفال أصبحت معظمها أسلحة وأدوات حروب وأصبحت المشاعر الإنسانية فى الانهيار.

وأعتقد أن هذا المرض نعمة ورحمة وسيكون سببا فى إفاقة الناس لأنه لم يفرق بين الغنى والفقير، والقوى والضعيف، والمسن والصغير، وبيل جيتس الذى تبرع بكل ثروته لعلاج الأطفال الفقراء بالعالم وليست أمريكا فقط كتب مقاله قائلا: «فيروس كورونا يذكرنا بأننا جميعًا متساوون، بغض النظر عن ثقافتنا، أو ديننا، أو مهنتنا، أو وضعنا المالى، أو مدى شهرتنا، هذا المرض يعاملنا جميعًا على قدم المساواة، ربما يجب علينا أيضًا أن نتعامل هكذا. إن كنت لا تصدقنى، اسأل توم هانكس».

وهذا الفيروس يذكرنا بأننا جميعًا مترابطون وأن الحدود الزائفة التى وضعناها ليس لها قيمة تذكر، لأن هذا الفيروس لا يحتاج إلى جواز سفر، كما يذكرنا القمع لفترة قصيرة، بأولئك الذين يقضون حياتهم كلها تحت القمع، فالآن أصبح الناس قلبها على بعض وأصبحوا يحبون بعضهم أكثر وبدأ رأس المال الاجتماعى يتحسن.

■ هل ستؤثر أوقات الحظر نفسيا على الأسرة المصرية وما النصائح التى تقدمها للأسرة للاستفادة بهذا الوقت؟

نعم، فهذه فرصة لكى يستمع كل أب وأم لأولادهم ويتعرفون على مشاكلهم، خاصة أن العصر الحالى يشهد انفصالاً بين الأجيال، وهنا يأتى دورنا تجاه أولادنا، فعلينا أن نستغل فترة الحظر فى الجلوس مع أولادنا ونعيد التواصل الاجتماعى الحقيقى بين الأسرة، ولابد من عمل برنامج يومى فى فترة الحظر، بحيث يقسم إلى وقت للمذاكرة ووقت آخر للحديث معهم والاستماع إليهم وليس لإجبارهم على عمل شىء، وفكرة الفيديوهات التى يفعلها الوالدان مع اولادهما تعد تقاربًا من نوع آخر.

أما عن الأب والأم فعليهما العودة مرة أخرى إلى قراءة الكتب الورقية، حتى يقلدهما الأطفال، وعلى الوالدين أيضا مشاركة الأطفال الألعاب على الإنترنت والموبايل مما يولد حميمية غير طبيعية، بالإضافة إلى أن هذا الوقت يعد فرصة لتعلم الأم أولادها أن يساعدوها بالمنزل أو تعلمهم الطبخ.

شىء آخر لا يلتفت له الكثير داخل البيوت يتمثل فى حب الاقتناء أو وسواس الاستحواذ، وهذا نراه بشكل واضح فى الملابس فأغلبنا لديه ملابس كثيرة لا تناسب أحجامنا الحالية خاصة فى حالة زيادة الوزن، ورغم ذلك لا نفرط فيها، وبالتالى فالفترة الراهنة مناسبة جدا لإعادة ترتيب البيوت والتبرع بمثل هذه الملابس لمن يحتاج.

أضف إلى ذلك إمكانية ممارسة الرياضة فى المنزل مع الأبناء بالمنزل حتى لو ساعة يوميا، لتفادى أزمة إغلاق النوادى، كما أنصح الآباء أن يتركوا لأطفالهم مساحة أن يجلسوا بمفردهم أثناء اليوم وليس فرضًا عليهم أن يكونوا متواجدين مع الأب والأم طوال النهار، فمثلا نتركه يلعب أو يتحدث إلى أصدقائه هاتفيا.

ولابد فى هذه الفترة من المحافظة على الروتين اليومى للأطفال فيما يخص أوقات النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، وارتداء ملابس المدرسة والجلوس بها فى البيت وكذلك الوالدين فعليهما عدم ارتداء ملابس المنزل طوال اليوم لعدم استسلامهما للروتين اليومى.

■ هل توجد شخصيات ذات صفات معينة عرضة للانهيار خلال هذه الأزمة؟

- نعم توجد عدة أمزجة أو مزيج من الأمزجة، الأول: هو مزاج القلق الخائف مثل الأم القلقة دائما على أولادها، فمثلا تجدها لا تنام وأبناءها خارج البيت ودائمة التفكير فى مستقبل أولادها، الثانى، العصبى والخائف، أما الثالث فهو التشاؤمى الاكتابى والنكدى فمعظم الناس تفضل أن تذهب للعزاء بدلا من الأفراح، والرابع المزاج النوابى فنوبات من البهجة وأخرى من الاكتئاب ثم نوبات أخرى تفكير فى الهجرة.

■ الأعياد على الأبواب فالمسيحيون سيحتفلون بعيد القيامة والمسلمون سيصومون رمضان ماذا تنصحهم؟

- أرى أنه لا داعى للعزائم، وإذا لزم الأمر فلابد من كبار السن أن يأكلوا بعيدا عن أفراد الأسرة، وعلينا الالتزام بالتعليمات وتقليل التجمعات وبالأخص الأعياد القادمة لعدم انتشار المرض.