رامي المتولي يكتب: فى كل أسبوع يوم جمعة.. دم جديد على الشاشة وأداء تمثيلى جيد

مقالات الرأي



الاهتمام بالعناصر والتفاصيل هو ما يميز عملاً فنيًا عن الآخر، العديد من المسلسلات التى تُعرض سنويًا وعددها يتخطى العشرات بالإضافة إلى إنتاجات السنوات السابقة الأمر الذى يخلق فى النهاية صراعاً بين ما هو قديم وحديث وأيهما أفضل من جانب، ويولد مقارنات متعددة من جانب آخر، لكن يظل الاهتمام بالتفاصيل فى كل عصر هو ما يصنع جودة المنتج الفنى ويؤمن له الشعبية والجماهيرية، الوسيط أيضا هو عنصر وعامل مهم فى التعامل مع المنتج الفنى ومدى نجاحه، فكون الوسيط كتاب يجعل التلقى وشريحة الجمهور مختلفة عن مسلسل أو فيلم، وكل شخص تقريبًا من هواة القراءة قد تلقى رواية ومنتجاً فنياً مقتبساً عنها بشكل مختلف بسبب اختلاف الوسائط، وكذلك الحال مع المنتج الفنى فما يتحول لفيلم يختلف عن المسلسل ومؤخرًا ما يعرض على شاشة التليفزيون يختلف عما يعرض على المنصات الإلكترونية – أحدث ما توصل له العالم فى مجال العرض- بعد أن أصبحت منافساً حقيقياً لدور العرض السينمائية والمسرح والتليفزيون. 

«فى كل أسبوع يوم جمعة» هو المسلسل الذى اختارته منصة «شاهد» الإلكترونية لتبدأ به انطلاقتها الثانية، بعد سنوات من عرض إنتاج المسلسلات التليفزيونية بعد وأثناء عرضها على الشاشة الصغيرة عبر وسيط الإنترنت، ليأتى المسلسل الذى أُنتج خصيصًا للعرض على المنصة مع عدد آخر من الأعمال معظمها توفرت حلقاته بشكل آنى، أى أن الحلقات كلها متوفرة للعرض فى نفس الوقت كما الحال مع معظم إنتاج المنصات الإلكترونية، وعدد أقل يعرض الحلقات منفردة بشكل أسبوعى كما الحال مع طريقة العرض التقليدية فى التليفزيون  بالولايات المتحدة، على مدار 10 أسابيع عرضت حلقة جديدة من المسلسل عبر المنصة، تماشيًا مع ميعاد الحدث الأساسى فيه وهو يوم الجمعة من كل أسبوع، حيث تتحرر نور (منة شلبى) من القيود وتستطيع تنفيذ خطوات انتقامها ممن ظلموها بمساعدة عماد (آسر ياسين).

المسلسل يعتمد على أصل روائى بنفس العنوان للكاتب إبراهيم عبدالمجيد الذى اختار أن يكون الإنترنت هو العامل الأساسى فى أحداث روايته التى تركز على قاتلة متسلسلة تعتمد على مدونة على الإنترنت لتحديد ضحاياها ثم استدراجهم وقتلهم بمساعدة زوجها المريض العصبى، فى المسلسل الأمر مختلف لحد كبير، نور هى فتاة حصلت على تعليمها الجامعى ومتفوقة فى عملها، لكن علاقتها العاطفية بشخصية عامة تدمر حياتها وحياة أسرتها، ومصيبتها هى فائدة لعائلة المستشار جابر (عبد العزيز مخيون) الذى سعت زوجته سوسن (سوسن بدر) لتأمين مرافقة لابنها المريض بالتوحد ووجدت ضالتها فى نور التى زيفت موتها وقبلت فى مقابل مساعدات مادية لعائلتها أن تغير اسمها وتتزوج عماد، الأمر الذى تحول لسعى محموم للانتقام الذكى الممنهج ممن تسببوا فى إيذائها.

الاختلاف الكبير بين الرواية والمسلسل أيضًا فى النهاية، أى أننا أمام عمل جديد يعتمد بشكل طفيف على العمل الروائى، لتوفير دم جديد من جهة ولطبيعة الوسيطين واختلافهما من جهة أخرى، لذلك جمهور الرواية لن يجد أى مشكلة فى متابعة المسلسل، فلن يؤثر معرفتهما نهاية الرواية على تلقيهما نهاية المسلسل، الذى يعد أكثر تطورًا من الرواية فيما يتعلق بالتكنولوجيا وتطبيقاتها بحكم الفارق الزمنى وتطور صناعة المسلسلات فى المنطقة بالسنوات القليلة الماضية والتى أتاحت أن يتحمس المنتجون والشركات لأنواع بخلاف الدراما الاجتماعية والكوميديا، مع الاهتمام بعناصر الديكور والملابس والتصوير والمونتاج أصبح إنتاج عمل فنى جيد يهتم بالعناصر الفنية المختلفة ليس مستحيلاً ولا رفاهية كما كان فى السابق حيث كانت المسلسلات هى مستنسخات من بعضها البعض.

السيناريو الذى يقف وراءه إياد إبراهيم ومحمد هشام عبية وسمر عبدالناصر راعى اختلاف الوسائط وصنع أحداثاً تتصاعد حدتها مع اقتراب النهاية بما يتناسب مع نوع المسلسل وطبيعة عرضه على منصة إلكترونية، وهو ما منحهم أفضلية الهروب من قالب عدد الحلقات والمدة الزمنية، لذلك كان الإيقاع منضبطًا بدأوا بهدوء نسبى يعرفنا بالشخصيات وعلاقتهم ببعضهم البعض مع تصاعد مناسب لنوع الجريمة والتشويق والدراما النفسية، وعكس المخرج أحمد شارك خضير هذه الحالة بتطبيقاته على عناصر الإضاءة والديكور والملابس والمكياج، وحافظ على وتيرة الشد العصبى ورفع مستوى التشويق أسبوع بعد أسبوع مع كل حلقة. عنصر التمثيل هو الأهم فى هذا المسلسل واختلاله يمكن أن يهبط بكل جهود الفنانين مهما بلغت جودتها، لكن اختيار فريق العمل وتسكين الأدوار متناسب مع الشخصيات بكل ملامحهما جيل الآباء رشدى الشامى وعارفة عبدالرسول وعبد العزيز مخيون وسوسن بدر والأبناء آسر ياسين وصدقى صخر ومنة شلبى ومى الغيطى وخالد أنور ووكيلى النيابة أحمد خالد صالح ومحمد حاتم، كونوا معًا النواة الأساسية فى أحداث المسلسل والأداء التمثيلى وتفاعلهم معًا على اختلاف خبراتهم ومراحلهم العمرية كان منضبطًا وتحكم فى خروجه بهذا الشكل الجيد المخرج، ونجاحهم فى الأداء ساهم فى إنجاح عنصر التمثيل ككل فى المسلسل وهو ما انعكس على جماهيريته والآراء الإيجايبة حوله كمنتج فنى.