مرحلة جديدة يختفي فيها الاتحاد الأوروبي.. كورونا يقلب موازين القوى العظمى

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية


أزمة كورونا قلبت موازين العالم، وأظهرت ضعف دول من المفترض أنها من أقوى الدول حول العالم، وأكثرها تقدما، ورغم أن الصين كانت مصدر الفيروس، إلا أنها تمكنت من السيطرة عليه، في حين لا تزال أمريكا تتعثر من أجل القضاء عليه، في وقت أصبحت أوروبا مركزا لتفشي الوباء وعجزت حكوماتها عن توفير الإجراءات اللازمة لحماية شعوبها.

ومع تفاقم الأزمة، منعت ألمانيا تصدير المعدات الطبية التي تستخدم في مكافحة كورونا، وذكرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن سويسرا والنمسا انزعجتا من الأمر، وشن الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، هجوما غير مسبوق على الاتحاد قائلًا: "التضامن الأوروبي غير موجود، كان كل هذا قصة خرافية على الورق".

سيطرة صينية على الفيروس
وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، طارق فهمي، إن تعامل الصين مع الولايات المتحدة يأتي في إطار الصراع المستمر الموجود قبل أزمة كورونا، مشيرا إلى أن الصين صدرت الفيروس للعالم، ولكنها تمكنت من السيطرة عليه، دون أن يعلم أحد حقيقة الإجراءات التي اتخذتها للسيطرة على انتشار الفيروس.

وأضاف "فهمي" في تصريحات إلى "الفجر" أن الصين بادرت واتهمت أمريكا بنشر الفيروس في العالم، وهناك تصريحات أكد فيها مسؤولون صينيون الأمر، في حين تعاملت أمريكا مع الأمر كدولة عظمى.

عالم جديد بقوى عظمى مختلفة
وذكر أستاذ العلوم السياسية، أن الاتحاد الأوروبي رغم محاولاته التعامل مع الأزمة ومحاولة معالجتها، إلا أن القرارات الفردية طغت على الأمر، فشعرت إيطاليا أنها وحيدة في التعامل مع الأزمة.

وأكد أن العالم في مرحلة ربما سيعاد النظر في شكل التجمعات المقبلة فيها، حيث غابت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الإقليمية عن تقديم حلول للقضاء على الوباء العالمي، وبات العالم أمام تحولات جديدة في شكل النظام الدولي بأكمله، مشيرا إلى أنه لا يوجد تعاون دولي حقيقي بين القوى السياسية الكبرى لمواجهة الفيروس، وعصر التنظيم الدولي الراهن في طريقه للانهيار، في إطار عالم ما بعد كورونا، ويتجمد دور الاتحاد الأوروبي والمنظمات المتخصصة قريبا.

صراع وحرب بيولوجية مقبلة
وأوضح "فهمي"، أن الصراع الآن ليس في الوصول لعلاج الكورونا ولكنه سباق بين الدول الإقليمية، سيؤدي إلى تغيير شكل القوى العالمية، وسيكون له تداعيات مؤثرة ولن تكون هناك قوة واحدة مهيمنة على العالم خلال الفترة المقبلة، وبالتالي فإن التهديدات الحالية غير مسبوقة، تتمثل في حروب فيروسات جديدة، وتعتبر كورونا بدايتها، ومن الآن فصاعدا ستظهر فيروسات أخرى تتجاوز مخاطر وتحديات التهديدات النووية، وترسم معالم جديدة تشكل إطارا مختلفا في علم العلاقات الدولية المعاصرة لا وجود فيها للدول الضعيفة.

وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن هناك صراعًا فعليًا بين أجهزة الاستخبارات العالمية حول الوصول إلى علاج حقيقي لفيروس كورونا، والألمان الأقرب إلى التوصل وليس أمريكا أو روسيا أو إسرائيل والأمريكيين سيفعلون المستحيل لاستباق الجميع، وهي حرب قذرة بالأساس لا وجود فيها لأخلاقيات.

سبب أزمة أوروبا مع كورونا 
وفي نفس السياق، أوضح المتخصص في شئون الاتحاد الأوروبي، بهاء نور، أن الأزمات عموما تكشف مدى قوة الأنظمة السياسية لكن الوضع يختلف في الكوارث غير المتوقعة التي تشل الدول وتخطط لحلها بصعوبة.

وأضاف المتخصص في شئون الاتحاد الأوروبي، في تصريح إلى "الفجر"، في حالة أوروبا الوضع صعب، نتيجة اعتماد دولها على التجارة مع الصين، وبالتالي شهدت نقصًا في الكثير من المستلزمات بعد توقف سلاسل التوريد، نتيجة العزلة التي وضعتها الدول في محاولة لاحتواء الفيروس الجديد، مشيرا إلى أنه لكل دولة مخزونًا سلعيًا أو طبيًا بالكاد يكفي، والأزمة هنا تتمثل في صعوبة التعاون خاصة مع حظر السفر، وبالتالي موقف الدول الأوروبية من إيطاليا مبرر من باب حاجة الدول نفسها.

وأكد "نور"، أن الدول الأوروبية لديها أزمة حقيقة في مستلزمات الطوارىء بمعنى أن حظر الخروج معضلة ديمقراطية، فأي إجراء من هذا النوع يقابل بهجوم، لكن مع انتشار الفيروس أصبح من اللازم حظر التنقل وفرض إجراءات العزل الصحي، وهو ما جعل الوفيات قليلة في ألمانيا نتيجة التزام شعبها بقرارات الحكومة على العكس من إيطاليا التي شهدت آلاف الإصابات والوفيات.

وذكر أن الخطابات الشعبوية التي تطالب بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي غير مقبولة في الوقت الحالي، ولكن ما يحدث هو رهان على شرعية الأنظمة السياسية في القيام بأدوار الدولة التقليدية.