"الصحافة سلاحنا لوقف الدم".. "النوفل" وزملائه يُعايشون العالم في الثورة السورية بمصروفهم الشخصي

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


اِستعان وليد النوفل، بكاميرته لتوثيق تاريخ أحداث الثورة السورية، بعدما استخدمت وسائل الإعلام إستراتيجية التعتيم وعرض أخبار مُزيفة، وعزل العالم وجمهور الأزمة عن أحداثها، اِغتم، ولزِم ساحة الحرب بالريف الشمالي لمحافظة درعا، الذي يبعد 80 كيلو متر عن مركز التظاهرات، توَقي الوثائق، للمرة الأولى في مطلع إبريل عام 2011 "هذا التاريخ كان بداية ميلادي الصحفي بتصويري أول فيديو.. كنت بس بحاول أوثق اللي عم بشوفه بعيني.. خاصة أنه ما كان بينحكي في وسائل الإعلام..  بس بيحكوا أن الأمور هادية على المقابل الناس كانت بتموت في المدينة".







أبَى الذلَّ صاحب الـ(17 ربيعًا) آنذاك، خاصة بعد اقتحام القوات الأمنية مدينته، عقب خروجها في تظاهرات في اليوم الثالث من عمر الثورة الموافق 21 من مارس 2011، أطلق عليها "نداء الفزعة"، مُطالبين بفك الحصار عن مدينة درعا البلد بجنوب سوريا "هي أول مرة أشوف الاسلحة الثقيلة كالدبابات والصواريخ.. وكيف عم تقتحم المدينة وتداهم البيوت"، تتفتح نوافذ ذكريات الفتى السوري، واستحضرَ ذكرياته، قمع القوات بالمدينة التي يترواح عدد سكانها 45 ألف نسمة "حوالي 15 ألف عنصر دخلوا بالدبابات كانت أكتر من 600 دبابة.. وقتل أكثر من 35 شخص وقتها كان الاقتحام بمدن عدة"، بعد مشاهدته هذه المواقف اقتنع أن ما هيكون في إصلاح، والسلاح الوحيد لوقف نزف الدماء هو الصحافة "هاد السبب دفعني أن أبلش اتعلم كيف أرفع الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي".






حاذَ النوفل على رصد الأحداث والمشاهد، طيلة الوقت، بمعاونة أصدقائه، وتطورت الأوضاع بشكل أكبر، ونظموا أول تنسيقية بالمدينة، بعدما ظهرت مفهوم التنسيقات- أي تكوين مجموعه من الشباب في كل حي يقوموا بنقل الاحتجاجات ويقودها.. ويرفعوا مقاطع الفيديوهات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي ويتواصلوا مع القنوات التليفزيونية والإعلام.. يمدها بالأخبار وكانت تعمل بشكل سري-، بعد ثلاثة أشهر من الثورة. وكون فريقان كل فريق عبارة عن سبع أشخاص المجموعه الخاصة به كانت أعمارهم تحت 18 عامًا، لذا اِقتدوا بالمجموعة الأخرى، التي ترواحت أعمار عناصرها الـ(35 ربيعًا) ، بلغت ضَراوة الحرب أقصاها، راسِب الجميع في مكانه "كنا نساعدهم ونظبط معاهم حتى قوينا إعلاميا.. وثقنا كتير من الجرائم اللي عم بتصير".






أصوات الطائرات، وطلقات الرصاص الحي، تروي أحوال الآلاف من المواطنين الذين قمعوا، لحظات موجعة يعيشها الجميع، جعلتهم يمولون الإنترنت "التمويل كان من مصروفنا الشخصي.. عملنا صندوق جمعنا فيه المصروف اليومي تباعنا وبعدين نشتري باقات الإنترنت لأن أسعاره ارتفعت.. ومع ذلك كنا نحمل المقاطع بصعوبة"، فالانترنت الأرضي كان سرعته بسوريا آنذاك تصل إلى 34 كيلو بايت في الثانية، هذه السرعه كانت الأكبر فقط وقت رفع أذان الفجر، أما طوال اليوم وصلت السرعة إلى  16 كيلو بايت "هيك السرعة صعب تحميل أي صورة وفيديو.. لذلك كنا نحمل الفيديوهات باليوم الثاني تقريبا عند الفجر.. أو نذهب إلى المناطق الحدودية القريبة"، ظل الوضع حتى عام 2013 "فاشتريت خط أردني واستخدمته في أخر فترة من هاد السنة".







حال العهد وتغيرت الأحوال، ولكنه ظل يواصل رسالته، برغم أنه ترَّ عن وطنه "تعلمت بشكل ذاتي احمي نفسي.. من ناحيه أمنية وصعبت عليهم كشف نشاطي.. عن طريق تصوير بعض الفيديوهات عن طريق أكتر من شخص.. بحيث ما يبين من اللي رفعه.. وبالنهاية نختار زاوية واحدة للنشر.. كنا نعتمد وقتها على تطبيق اسكايب"، حتى بات ذائِع الصيت، هو وزملائه، بعدما اعتمدت أكبر الوكالات العربية والغربية، على توثيق الأحداث من خلالهم، فضلاً عن ظهور وسائل إعلام محلية، زوَّدها بالمعلومات الموثقة. أوطن الشاب السوري نفسه على العيش بعمان، حاملاً قضية بلده على عاتقه، لاسيما بعدما سنحت له الفرصة بالعمل في المجال الصحفي في يونيو عام 2012، من خلال مؤسسة بحثية خاصة بتوثيق الانتهاكات "بلشت اتعلم بشكل أوسع كمواطن صحفي من هذا التاريخ.. ضلتني هيك لأخر 2012. واكتشف النظام أسامي المجموعة تابعنا اضطريت أن أخرج من بيتي مع عائلتي وننام عند أقاربي كل أسبوع أغير مكان إقامتي".







دَامت الأوضاع على هذا الحال، حتى 12 فبراير عام 2013، بدأت الأمور تتأزَّم، والمخاوف الأمنية تزيد، احتدم من لعدم وصوله إلى حل،  ليبدء رحلة جديدة تبدأ من الشريط الحدودي الأردني، "تعبت على حالي ..وشوفت أن الصحافة هي المشوار اللي أقدر أكمل فيه لتوثيق الأوضاع داخل سوريا.. فبهذا الوقت كان الوضع العسكري سيطر على الثورة السورية بشكل كبير.. بلش استخدام الأسلحة المحرمة الكيماوي وقصف الطائرات.. الجانب المدني بدا يقل والعسكري تصعد المشهد"، الذي دفعهم كصحفين لتركيز بشكل أكبر على نقل انتهاكات حقوق الإنسان بالداخل سواء من النظام أو أي طرف أخر، وخارجيا لاسيما بعد الزج بأبناء بلده في صراعات سياسية من قبل النظام التركي، لضغط على أوروبا "شىء مسيء للسوريين.. لذلك ما ضل غير هذا السلاح الأخير لوقف سلاح الدم اللي عم بيصير في سوريا", وهذا ما شدد عليه من خلال عمله في عدة مؤسسات أجنبية ومحلية.