خطيب المسجد الحرام: إجراءات المملكة بتعليق العمرة والزيارة مؤقتاً شرعية

السعودية

أرشيفية
أرشيفية


أشاد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالله بن عواد الجهني، بالإجراءات التي اتخذتها حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بتعليق العمرة والزيارة مؤقتًا للحد من انتشار الوباء القاتل.

ووفقا لوكالة الأنباء السعودية "واس"، قال "الجهني" في خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام: نِعَم الله علينا لا تُعد ولا تحصى، ومن أعظم هذه النعم وأكملها نعمة رسالة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، فاشكروه عليها، وأدوا حقها بالاقتداء بها، واتباع نبيها عليه الصلاة والسلام، وقال تعالى: {ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}، وقال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليَّ إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}. ولو تأمل المسلم هذه النعمة لهزت مشاعره، ولعرف قدرها وفوائدها.

وأضاف: لقد فتح الله بها قلوبًا غُلقًا وآذانًا صمًّا، وأعينًا عُميًا، أخرج الله بها الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهداية، ومن الجهالة إلى المعرفة، ومن الرذيلة إلى الفضيلة، ومن الظلم إلى العدل.. والعبد دائمًا بين نعمة من الله تحتاج إلى شكر، وذنب يحتاج فيه إلى استغفار، وكل من هذه الأمور لازمة للعبد دائمًا؛ فإنه لا يزال يتقلب في نعم الله وآلائه، ومن تلكم النعم أيضًا، نعمة السمع والبصر والفؤاد قال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون}. ومن تلكم النعم أيضًا: نعمة الأمن في الأوطان؛ فحاجة الناس إليه أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لذا قدّمه نبي الله إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام على الرزق فقال: {رب اجعل هذا بلدًا آمنًا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم}. ولأن الناس لا يهنؤون بطعام ولا شراب مع الخوف، قال تعالى ممتنًّا على قريش بهذه النعمة {فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}، ونِعَم الله لا تُعد ولا تُحصى {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}.

وتابع: القواعد التي يقوم عليها الشكر خمس: أولها خضوع الشاكر للمشكور، ثانيها حبه له، ثالثها اعترافه بنعمته، رابعها الثناء عليه بها، وخامسها لا يستعملها فيما يكره؛ فمتى فَقَد واحدة منها اختلت قاعدة من تلكم القواعد.

وقال ً" الجهني": حياء العبد من تتابع نِعَم الله عليه شكر، ومعرفته بتقصيره عن الشكر شكر، والمعرفة بعظيم حلم الله وستره شكر، والاعتراف بأن النعم ابتداء من الله بغير استحقاق شكر، والعلم بأن الشكر نعمة من نعم الله شكر، وحسن التواضع في النعم والتذلل فيها شكر، وتلقي النعم بحسن القبول واستعظام صغيرها شكر، فما يندرج من الأعمال والأقوال تحت اسم الشكر لا ينحصر، والشكر قيد النعم وحافظها؛ فإذا انفك هذا القيد ذهبت ولم ترجع.

وأضاف: جاء عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه)، قال: فحمد الله عمر رضي الله عنه ثم انصرف. رواه البخاري ومسلم. وهذا الحديث يدل على وجوب الحرص خوفًا من تفشي الوباء.

وأردف خطيب المسجد الحرام: من هذا المنطلق يا عباد الله جاءت الإجراءات التي اتخذتها حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -أيدهما الله- بتعليق العمرة والزيارة مؤقتًا؛ للحد من انتشار هذا الوباء القاتل متوافقة مع نصوص الشريعة؛ فحفظ الأرواح من مسؤوليات الحاكم الكبرى، وله تقدير ذلك بعد سؤال أهل العلم والاختصاص.

وتابع: الواجب على المسلمين كافة التوكل على الله عز وجل، والتضرع والالتجاء إليه بالدعاء أن يرفع عن خلقه ما نزل بهم؛ فالدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، قال تعالى: {قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم}.