إيمان كمال تكتب: منع "بنت الجيران".. قلة حيلة

مقالات الرأي



فى البداية لابد وأن اعترف بأن كلامى لا يعنى إطلاقا دفاع عما يسمى بأغانى المهرجانات أو مطربى المهرجانات، بالرغم من حرصى على الاستماع إليها منذ سنوات طويلة بطبيعة عملى ولحرصى على متابعة الجديد بحلوه وبقبحه.

واعترف أيضا أن هذه النوعية من الأغانى ضمت الكثير من الكلمات التى لا ترتقى لتصنف أغنية من الأساس، وإن كان المتابع لهذا النوع جيدا يدرك بالتطور الكبير الذى حدث فى الموسيقى والكلمات لمن يطلق عليهم مطربى المهرجانات.. وهو ما جعل أغنية حسن شاكوش وعمر كمال «بنت الجيران» والتى صنفت بالخطأ كأغنية مهرجانات تتخطى المائة مليون مشاهدة واستماع عبر اليوتيوب والساوند كلاود.

ولكن السؤال الأهم هل نحمى الحرية أم الأخلاق العامة ضد كلمات بعض أغانى المهرجانات البذيئة؟

هل منعها سيقلل من نسب الاستماع عليها كما ينادى هانى شاكر نقيب الموسيقيين؟ فى الواقع من يتابع جيدا نسب المشاهدة سيدرك جيدا بأن قرار المنع تسبب فى زيادة نسب الاستماع للمهرجانات كما تسبب أيضا فى «قطع أرزاق» مجموعة من مطربى المهرجانات بدون داعى وبدون وجه حق  مثل أوكا وأورتيجا فالمتابع جيدا لأعمال الثنائى وآخرين سيدرك بأن أغنياتهما على النقيض من كلمات مجموعة «بير السلم» التى تحمل كلام يحث على التحرش وزنى المحارم وغيرها ففى الحقيقة لا يمكن لنقابة مهمة مثل نقابة المهن الموسيقية أن تتخذ قرارا غير مدروس يأخذ العاطل بالباطل ولا يمكن لنقابة لها مكانتها وضمت أهم موسيقيين فى العالم على مدار التاريخ أن تعتقد أن المنع فى 2020 هو الوسيلة لحماية الأخلاق!

أغانى المهرجانات تشبه مجتمعها وتشبه البيئة التى نتجت منها تماما ويشبه الغيبوبة الفنية التى نعيشها سنوات طويلة، إذن المشكلة ليست فى منع مطربى المهرجانات وقطع أرزاقهم..

فى الحقيقة سنوات طويلة استمعت لأغانى المهرجانات لم يطرق لخيالى البحث عن الأغنيات الداعية لزنى المحارم وفى الأفراح لم أر أشخاصا يرقصون على أغانى تدعو للتحرش برواية من يهاجمون هذا النوع من الأغانى، فمنها كثير من الأغنيات اللطيفة الراقصة التى يسعى لها الكثيرون كنوع من «فس الدماغ والهلس» على غرار الكثير من الأغانى التى قدمت فى الماضى ولم تحمل مضمونا وفكرة بل صنعت فقط لأجل الرقص والفرح.

حسبة معقدة إذن تواجه النقابة بين المنع وبين الحفاظ على الذوق العام وإن كنت لا أميل بأن يكون هناك أشخاص أوصياء على الذوق الشخصى جدا للجمهور فهم أيضا «بنى آدمين» مثلنا تماما لديهم ذائقتهم التى قد تختلف عما يبسطنا وعما يجعلنا ننسى الهموم ونتراقص على كلمات بسيطة وموسيقى صاخبة.

فالأحرى بالنقيب هانى شاكر ألا يكون مغيبا عن الواقع وألا يفرض ذوقه الشخصى هو وأفراد نقابته علينا وأن يدرك بأن لكل أوان ذوقه ولكل مجتمع طريقته فى التعبير وفى كل عصر هناك شاكوش وحمو بيكا وعليه أن يحتوى هذا الجيل الذى يستمع له ملايين من الباطن عليه أن يدرك أن المنع ربما يولد كلمات أعنف ناتج من ثورة غضب لتجاهل مفردات العصر، عليه أن يسيطر بالطريقة التى ترضى كل الأطراف فيحسب له وقتها أنه وجد الطريقة المثلى فى الخروج من فخ «المنع» للحرية الحقيقية، فمن المفترض أن هانى شاكر فنان قبل أن يكون نقيبا ويعلم جيدا أن الإبداع الحقيقى هو الباقى وأن أوامره لن تنفذ فى البيوت ولن تمنع آذاننا من اختيار ما يحلو لها وليس له.

عليه مراجعة هذا القرار المتعسف وفتح الأبواب لهذا الجيل الجديد ومنحهم الفرصة للاختيار والتواجد وترك الحرية للمتلقى فى القبول والرفض.. حرية قبول ما يتناسب مع أخلاقه وقيمه وحرية رفضه للبذاءة.

هل يتخيل شاكر أننا فى المنازل نستمع لكلمات تدعو لزنى المحارم مثلا؟ هل نربى أولادنا من وجهة نظره على التحرش؟ هل يتخيل بأننا لا نجيد الاختيار فقرر أن يكون الوصى ويحرمنا مما نحب أو نكره؟.