الحب في زمن النضال.. قصص توجتها الدموع وتحكمت فيها كواليس السياسة

عربي ودولي

بوابة الفجر


يحتفل العالم بالحب ولدي كلا منا قصة حب يخفيها بين جناباته سواء انتهت بنهاية سعيدة أو حزينة إلى أن النضال السياسي عندما يدخل إلى صفحات الحب يحوله إلى مغامرة شائكة قد يدفع أحد الشريكيين حياته مقابل لها ولذلك ستروي السطور القادمة عددا من قصص الحب لقيادات ونشطين سياسيين امتزج نشاطهم السياسي باختيارات قلوبهم واستقت تلك القصص من أفواه اصحابها اللذين تم تغيير اسماء بعضهم في عدد منها بناء على طلبهم فهل تكون التضحية بقصة الحب ثمن رخيص للحفاظ على حياة الحبيب، وهل يمكن أن تكون حياة الحبيب ثمن لخطا شريكه وهل ممكن أن تكون قضبان السجن باب امل لحياة جديدة.

التضحية بالحب
لم يكن يعلم جميل ليس اسمه الحقيقي بأن عمله في الصحافة سيخبئ له شيئ آخر حيث وجد زميلته داليا ليس اسمها الحقيقي وسرعان ما تحولت الزمالة إلي قصة حب ملتهبة فتوحدت حيايتهما فلا تكد أن تري أحدهما الامصاحبا لنصفه الآخر فلم يعد يفرق بينهما إلا النوم،بل قد يجد كل واحد منهما الآخر في أحلامه.

أصبح الرفاق في الحزب وفي الجريدة ينتظرون ميعاد فرحهم، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وبدأت التحولات في البلد المستقر بحرب جنوب اليمن الأهلية في عام ١٩٨٦ حيث حدثت عمليات تصفيات ضخمة ذهب فيها خيرة شباب الجنوب والتي نجا منها جميل بأعجوبة وعندما عاد إلى عدن وجد الكثير من أصدقائه قد حصدتهم الحرب، منذ ذلك اليوم بدأ يفكر مليا في إرجاء قصة الزواج إلي حين استقرار الأوضاع ثم ما لبست أن جاءت الوحدة اليمنية وبدأت عملية التصفيات على أشدها ضد كوادر الحزب الإشتراكي وهنا قال الحب كلمته.

اعتبر جميل أن حياة داليا اهم لديه من أي رابط زائف بينهما قد يعرضها لخطر التصفية، كان أمانها خط أحمر بالنسبة له، وباتت نهايات الرفاق الغامضة في حوادث مع أسرهم ماثلة أمام عينيه، وعلي الجانب الآخر رفضت داليا الارتباط بأي شخص آخر ووجدت أنه يكفيها أن تضع جميل أمام عينيها.

زادت الضغوط من أسرة داليا لتزويجها وكثر الحديث حول علاقتها بجميل وهي كلمة واحدة أن لا بديل عن جميل ولكن يضحي جميل للمرة الثانية ويقنع حبيبته بأن تختار لحياتها شريكًا أخر ورغم هذا الخيار الصعب إلا أنه ظل مالكا لروحها حتي بعد أن تزوجت.

هدأت الأمور وتوقفت الملاحقات ورغم عدم إنتهاء نشاط جميل السياسي إلا أنه فوجئ بهاتف من حبيبته السابقة تعرض عليه عروسة وتقنعه بأنها لا تستامن عليه أحد سواها وان الزمن قد تغير ويجب أن يتزوج، وبالفعل ارتبط بعروسة حبيبته.

كانت زيجة توقع لها الجميع بالفشل، ولكن بالفعل وجد جميل توصيات داليا صحيحة وان روحها لا تغادر صديقتها واختيارها، فأخلص لها ايم الاخلاص.

لم تترك الأقدار جميل في عشه الجديد بعد أن علم أنه من المستحيل أن ينجب من شريكته الجديدة، ورغم ذلك أصبح لا يخفي عليها سرا وباتت المستشارة والرفيقة، ولا يزال يقول إنه لن يفرقهما الا الموت.

ومن الحب ما قتل
"أرجوك لا تشغلها" بتلك الكلمات طلب "أدهم" –ليس إسمه الحقيقي- أحد السياسيين وقادة الحركات الشبابية في السودان، عدم تشغيل احدى اغنيات الحب السودانية كي يخفي معها معالم حبه القديم، حيث وهج العمل السياسي ضد نظام البشير قلبه تجاه ناشطة إتخذت من الوطن محرابها ولم تدع ميدان او فعالية أو مظاهرة إلا وشاركت فيها.

كانت "مريم" –ليس اسمها الحقيقي- دافع رئيسي في كفاح أدهم السياسي، وتطوير أراؤه السياسية، كان يحب ان يراها تشق صفوف الجماهير مرددة شعارات الثورة ضد نظام الإنقاذ، وكان صوتها يرج صمت شوارع الخرطوم، ولم يمانع الأهل في خطبتها لأدهم الذي ينحدر من أسرة سياسية ولها باع طويل في النضال، وإن كان الأسرتين طالبا الخطيبين بعدم المخاطرة والاهتمام بتكوين أسرتيهما.

زادت الإعتقالات في صفوف المتظاهرين، ورغم ذلك لم يعبأ أدهم واعتبر أن مهمته استكمال مسيرة رفاقه الذين سبقوه إلى المعتقل، وكثير حذروه من إشتراك خطيبته في الفعاليات وأنه قد تواجه بخر الإعتقال، ولم يكن يعلم أن المسألة تتجاوز الإعتقال بكثير، وجائه يومًا معلومة بأنه قد يفتح الأمن النار على المظاهرة القادمة.
استأنف "أدهم" حديثه بالبكاء، ففي يوم أستيقظت مريم مبكرًا كي تخبره بأنها ستشارك في المظاهرة، ولم يريد أن ينقل لها مخاوفه ومعلوماته عن أن الأمن قد يفتح الرصاص على المتظاهرين، فكثيرًا ما تأتي تلك التحذيرات من المكاتب الأمنية للحزب ولا يحدث شيئًا إلا أنه فوجئ بأن حبيبته جاءته نعشًا ليرى وجهها الملطخ بالدماء للمرة الأخيرة قبل أن يواريها التراب.

حب ما بعد الزنزانة
يعتقد الكثيرين أن زنزانة السجن هي نهاية حياة لكل من يدخلها، خاصة وإذا كان السجان محتلا، ولكن الأسيرات الفلسطينيات علمونا شيئ اخر، هل يمكن أن تصبح الزنزانة بداية حياة بل ومؤهلات زواج، هذا ما تنبئ به قصة حب المناضلة فاطمة برناوي مع القائد فوزي النمر.

نجحت في وضع القنبلة داخل السينما الإسرائيلية، لم يهدأ لتل أبيب بال حتي قبضت على مرتكب العملية، وصدر الحكم بالسجن مدى الحياة.

وأكدت برناوي ل"الفجر" يكن لديها شك أن باب السجن سيفتح يوما ما، وبالفعل بعد 10سنوات خرجت في صفقة تبادل أسري، لتكون بداية حقيقية لحياتها.

"ثأر للمصريين ولنكسة 1967" بتلك الكلمات وصفت برناوي حبيبها فوزي النمر، الشاب الفلسطيني من عرب ٤٨ الذي كان بطلا في الملاكمة ورئيس خليةفلسطينية كانت تقوم بعمليات في العمق الاسرائيلي، مبينة انه في كان منها عملية لتفجير آبار النفط عقب هزيمة 1967 أدت لاعتقاله من الاحتلال الاسرائيلي وظل في المعتقل حتى عام ١٩٨٣.

لم يكد يخرج النمر من أسره حتى بدأت قصة حبه مع المناضلة فاطمة برناوي، والتي سرعان ما توجت للزواج بينهما في عام 1985

ابتسمت الحياة مرة أخرى ََللزوجين خاصة بعد اتفاقيةاوسلو حيث أصبحت برناوي مؤسسه للشرطة النسائية في فلسطين، حيث وزوجها اصبح مستشار للرئيس الفلسطيني لشئون الداخل، واقاما في غزة.

وشهدت الأيام الأخيرة لحياة النمر اختبار جديد للزوجين حيث اصيب النمر بشلل رعاش وتحولت برناوي إلى ممرضة تسهر على راحة زوجها تخدمه بشكل يومي لسنوات حتى انتقل الى الرفيق الأعلى في ٢٠١٣ولم تتوقف قصة حب الزوجين على وفاة أحدهما.

أصرت برناوي على أن تحقق ما لم يستطيع زوجها تحقيقه اثناء حياته حيث ظل مبعدا إلى قطاع غزة منذ الإفراج عنه في عام ١٩٨٣، ولم يسمح له المحتل بزيارة أسرته ولو لمرة واحدة، ولذلك قدمت برناوي طلبا لسلطات الاحتلال لزيارة عكا، وبالفعل بعد عام ونصف من وفاته زارت للمرة الأولى أسرته وتقايلت مع والدته التي لم تجف دمعها منذ أن أسر الإسرائيليون ولدها ولا زالت برناوي لليوم تفتخر أن حبيبها من ثأر للمصريين من هزيمة 1967 في عقر دار إسرائيل.