دافع عن نساء أصدقائه فغدروا به.. "الفجر" داخل منزل "قتيل أبو النمرس"

حوادث

صورة من اللقاء
صورة من اللقاء


طيب الأخلاق، محبًا للجميع، لا يختلق المشاكل، كانت تلك الصفات التي وصف بها أهالي قرية منيل شيحة بمركز أبو النمرس بمحافظة الجيزة، الشاب محمد عبد الحي ذو الـ36 عامًا، قتيل "السوبر ماركت".

محمد عبد الحي، كان يعمل بكل طاقته في محل رزقه، ويكافح من أجل لقمة العيش الحلال، ليعول أسرته، وكانت الأمور تمر بسلام مثل باقى الأيام، حتى كتبت نهاية الشاب على يد الأشرار الثلاثة وهم "مراد. ج. ع"، و"معروف. ر"، و"سيد. ق"، حيث أصابوه بوابل من الرصاص اخترق جسده؛ لتصعد روحه لخالقها.

داخل قرية صغيرة، كانت القلوب تمتلئ حزنًا، وأهالي القرية يملئون الشوارع لتقديم واجب العزاء في ضحية "لقمة العيش"، بينما انتقلت محررة "الفجر"، لكشف الستار عن كواليس جريمة الغدر.

والدة الضحية: ابني راح غدر وساب رضيعة

تجلس "أم محمد" السيدة الستينية العمر في إحدى زوايا الغرفة والحزن يملأ قلبها والدموع تنهمر من عينيها، وتروي تفاصيل مقتل نجلها إلى "الفجر": "ابني راح ضحية الغدر، معملش حاجة وحشة في حد، الناس كلها بتحبه، وساب بنت رضيعة".

تأخذ الأم المكلومة نفسًا عميقًا، ثم تضيف: "محمد كان الابن الأكبر ولديه 4 بنات، مات وساب طفلتين إحداهما طفلة رضيعة وتدعى فيروز عمرها فقط 15 يوما، والأخرى لامى عمرها 3 سنوات"، كان يعمل في "السوبر ماركت" منذ عام ونصف، بعد أن استأجر محلا يمتلكه أقارب صديقه "محسن إبراهيم"، وكانت الأمور تسير في هدوء.

كان بيدافع عن نساء أصدقائه

"كان بيدافع عن الستات"، تتابع والدة الضحية: قبل 3 سنوات، تعرض "أحمد ومراد جمال" لأخت وزوجة صديق الضحية "محسن" في الشارع، فملأت النخوة قلبه، ودافع عنهن ولم يدر أنها بداية النهاية بالنسبة له، حيث تعديا عليه بالضرب بكل قوتهما، وأصيب حينها في رأسه، وقام بتحرير محضر بالواقعة.

أولاد عم صديقه يوجهون رسائل تهديد له

"يا محمد يا عبد الحي مش هخليك حي"، هكذا هدده المجرمون بعد دفاعه عن النساء، وتتابع الأم الحزينة حديثها: بعد مرور فترة، كان الضحية يحضر حفل زفاف بالمنطقة، وعقب خروجه من الحفل، تعدوا عليه وضربوه من جديد، وأصابوه في رأسه وتم تخييط الجرح بغرزتين، لم ينته الوضع عند ذلك الحد، بل استمروا في تهديده.

ابن عم المتهم: دافع عن نسائنا في وقت غيابنا

التقط الحديث وليد حنفي، وهو ابن عم المتهمين، وصاحب "السوبر ماركت" المؤجر للضحية: "كانت تربطني به علاقة صداقة قوية وليس العمل فقط، أو أنه يستأجر منى المحل، كان إنسانًا ذو خلق طيبة، يدافع عن الحق من كل قلبه".

وأضاف، أنه منذ أن دافع "محمد" عن نساءنا والمشاكل كثرت بشدة بين "محمد" وأولاد عمومته وهم "أحمد" و"مراد جمال"، لافتًا إلى أنه سبق وأطلقوا النار عليه هو وأخيه إثر خلافات أيضًا سابقة، فأصر أولاد عمه أن ينتقموا من الأسرة بأكملها ولكن من يدافع عنهم، وكانت الضحية الأولى "محمد عبد الحى".


وأضاف ابن عم المتهم الرئيسي "مراد"، أنه نتيجة إطلاق النار عليه هو وأخيه، حصل المتهم على حكم سنة مع إيقاف التنفيذ، ولم يظهر منذ تلك الفترة بينما أخيه "أحمد" سجن لمدة عام ونصف، وكان من المقرر خروجه في تلك الفترة عقب موت الضحية.

ابن عم المتهم: الضحية كان ناوي يصالح أولاد عمى

"كان ينوى مصالحتهم"، واستكمل ابن عم المتهم الرئيسي، كان "محمد.. الله يرحمه" ينوى عقب خروج نجل عمى من الحبس أن يتم التصالح معهم : "محمد قالى أنا مش بتاع مشاكل واللي عايزينه نعمله، الموضوع مش مستاهل، وأنا مسامح في حقى"، ولكن لم يتحقق ذلك وكان تحقيق رسالة التهديد من نجل عمى "مراد" أسرع حينها.

"كاشير" المحل: سمعنا أصوات رصاص

بوجه يملأه الحزن على فراق صديقه "محمد"، قال "مصطفى صبحى"، شاهد عيان، ويعمل "كاشير" في "السوبر ماركت"، محل الواقعة، مستعيدًا ذكريات ذلك اليوم: "محمد كان صديق ليا قبل أن أعمل معه، وفي حدود الساعة السادسة ونصف قبل العشاء من يوم الاثنين الماضي، كان آخر زبون في المحل يشتري مستلزماته، وفى أثناء خروجه من المحل عاد مرة أخرى مسرعًا عقب سماع أصوات الرصاص تتراشق في المكان، معتقدًا أنها خارج المحل وفي مكان آخر.

"دافع عنى عشان ماموتش"

ويتابع "الكاشير": كان محمد وقتها يقوم بترتيب الثلاجة الموضوعة خارج المحل، وتبعد عني أمتار قليلة، وفجأة تعالت أصوات الرصاص، وسمعت كلمة "آه"، فخرجت في الحال للاطمئنان عليه، ووجدت محمد داخل عليا: "أدخل بسرعة"، مضيفا: "كان بيدافع عني، ونجاني من الموت".

وأشار إلى أن المتهمين وهم 3 ملثمين مسلحين، كانوا يقصدون الضحية، والرصاص موجهًا له فقط، وكان في انتظارهم "توك توك" يقف على بعد 10 أمتار، مؤكدًا أن "محمد" سقط في الحال على الأرض، وأنه كان يظنه مغمى عليه فقط.

ويتابع شاهد العيان، في حديثه إلى "الفجر": نقلته على الفور لمستشفى أم المصريين بـ"توك توك"، ورأيت الطلقات تملأ جسده، منها ما استقر في الساق، ومنها ما استقر في الكتف والصدر، وهي كانت الطلقات النافذة التي أدت لموته.

وأشار إلى أنه قبل مقتل "محمد" بأيام تحدث معه عن واقعة دفاعه عن النساء، حيث كان الضحية ينوي الصلح مع المتهمين، وقال له: "أول ما يخرج أحمد ويظهر مراد مرة أخرى، سوف أصالحهم حتى ينتهي الخلاف، وهتنازل عن المحضر، أنا عايز أشوف أكل عيشى، وعشان خاطر بيتى وعيالى، وهتنازل عن أي مشاكل حدثت".

زوجة المجني عليه: كان أب وأخ للأسرة كلها

أما الزوجة المكلومة، فهي تجلس بجانب رضيعتها التي تبلغ 15 يومًا فقط، بعيون حزينة ودموع تنهمر على خدها حزنًا على وداع زوجها: "تزوجت من محمد منذ 4 أعوام، وأنجبت منه طفلة وتدعى لامى عمرها 3 سنوات، والطفلة الثانية أنجبتها منذ 15 يومًا"، مضيفة: "مش بيعمل مشاكل مع حد، وكان بيحب أطفاله جدًا".

ابنة الضحية: بابا راح الجنة الناس الوحشة عوروه

أخذت الزوجة نفسًا عميقًا لتستكمل رواية تفاصيل ذلك اليوم المشئوم: "في يوم الواقعة، أول ما سمعت بالخبر ذهبت للمستشفى فورًا، واعتقدت أنه مصاب فقط، ولكن عرفت إنه مات، وكانت بنتى الصغيرة تصرخ وتقول بابا فين؟؟.. بابا راح الجنة!!.. مين هيلعب معايا!!.. مين هيجبلى العجلة!!"، وكانت هذه الكلمات الطفلة أشبه بالسيف الذي رشق بقلبها الضعيف، مؤكدة: "محمد مكنش أب لأطفاله بس، ولكن كان أخ وصديق لأخوته البنات ولأمه العجوز".

والدة الضحية وزوجته وأخوته يطالبون بالقصاص

بقلوب حزينة على وداع الشاب "محمد عبدالحي"، طالبت الزوجة والأم وشقيقة الضحية بالقصاص من القتلة، حتى يبرد فراق ووجع قلبهم عليه، مؤكدين: "عايزين القصاص.. عايزين حق اليتامى دول".

التحقيقات تكشف سر مقتل صاحب السوبر ماركت

وباشرت النيابة العامة، بجنوب الجيزة، التحقيق مع 3 متهمين بقتل صاحب سوبر ماركت يدعى "محمد عبد الحي"، من بينهم شخص يدعى "مراد.ج.ا" وإثنين أخرين وهم "معروف.ر"و "سيد.ق" بمركز أبو النمرس، فيما أمرت بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.

وكشفت التحقيقات الأولية، أن المجني عليه لقي مصرعه إثر إطلاق نار داخل محله الخاص "سوبر ماركت" بأبو النمرس، على يد نجل عمه وآخرين كل من: "م.ر" و"س. ق"، مقيمين بمنطقة الحوامدية، إثر خلافات عائلية تجمع بينهما.

وتبين أن المتهمين استقلوا "توك توك" بمنطقة النفق بقرية منيل شيحة بمركز أبو النمرس، وأحدهما تولى قيادة المركبة والآخر قام بتأمينه، وفور وصلوهم لمحل عمل المجني عليه، أطلق نجل العم أعيرة نارية صوب الشاب، وفرا هاربا.

وأفاد مصدر، في تصريح خاص إلى "الفجر"، أن الشاب يعول أسرة كاملة ومتزوج منذ 4 أعوام ولديه " طفلتين" في عقدهما الأول من العمر، موضحًا أن واقعة مقتله حدثت عقب صلاة العشاء.

وأفاد شاهد إلى "الفجر"، بأن الضحية أصيب بطلقتين إحداهما في الكتف والأخرى في الساق، وعلى الفور قمنا بنقله لأحد المستشفيات، ولكن لفظ أنفاسه الأخيرة، نتيجة الأعيرة النارية، قائلا: "محمد شهيد لقمة عيشه والغدر"".

وصرحت النيابة العامة، بجنوب الجيزة، بدفن جثة الشاب، وطلبت الاستماع إلى شهود العيان بالمنطقة، فيما أمرت بتفريغ كاميرات المراقبة للوقوف على ظروف الواقعة وملابساتها كما أمرت في وقت سابق بانتداب الطب الشرعي؛ لتشريح جثة الشاب.