"الفيروس دمر بيوتنا ".. تجار شارع عبد العزيز يُواجهون "كورونا" بآلية جديدة للبيع والشراء

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تَبدل حال أصحاب حوانيت أهم شارع تجاري للأجهزة الكهربائية في مصر، مع تَفَشي فيروس كورونا المستجد، الذي ظهر لأول مرة في الصين قبل نحو شهرين، ابتدائها كبار التُجار باستَحدَاث آلية وشكل جديد للبيع والشراء، أثقَلت بِحملها على تاجر التجزئة والوافدين، بعدما وثبَت الأسعار إلى الضعف وإلغاء سعر الجملة والبيع بالقطعة "المرض مدخلش جسمنا.. لكنه دمر بيوتنا ورزقنا.. مصيبة هتموتنا بالبطىء لو طولت عن شهرين"، عبارة رددها أحدهم خلف محاورة مع زميله عن الأحوال الاقتصادية للمكان الذي يعد بورصة لتجارة الإلكترونيات.






رشِح جسد الرجل الذي على مشارف الستين من عمره، وتجسد ملامحه السمراء خبرته في صيانة الهواتف الذكية، مُنهمكًا في عمله، لعله يستطيع توفير قوت يومه، في ظل ارتفاع الأسعار المُباغتة للجميع منذ الأسبوع المنصرم، لكن أعيتهُ كل الحيل، بعدما قرر العديد من الوافدين على شارع عبد العزيز-الذي يحتل مساحة كبيرة تمتد من ميدان الجمهورية إلى ميدان العتبة-، الانصراف عقب غدواتهم وروحاتهم بالشارع؛ بحثًا عن أسعار تناسب ظروفهم الاقتصادية "الزبون هرب والحال تدهور في أيام.. كأننا في حلم.. الشارع اللي كان فاتح بيوت كتير من أول الشيالين لحد التجار والصنايعية خلاص حاله وقف قطع الغيار الطاق اتنين أبو 100 جنية بقى 20".






عبَس أقدم عامل صيانة بالمنطقة، متحدثًا بنفس طريقة تجار التجزئة، مرددًا بعض الكلمات المُستساغة "الكل استغل الحدث كبير وصغير"، إيماءً إلى عدم الرقابة بالشارع "التجار والمستوردين عندها استوك وبيبخ البضاعة شوية بشوية"، تزامن ذلك مع عطلة رأس السنة القمرية بالصين "الكل سافر قبل الإجازة وكانوا عاملين حسابهم لحد شهر مارس.. الخوف من بعد كده"، لاسيما وأن الصين مددت عطلة السنة الجديدة، وهو ما يعود بالسلب على صناعة الهواتف، التي تعتمد بشكل كبير على الصين في التصنيع والمبيعات، يقاطعه أحد الزبائن الذي حاول تصليح هاتفه بسعر مناسب "لازم مصدر بديل".






على بعد خطوات، غضَّ صوت أحد الشباب، بعد تكابد إجهاده وإرهاقه، في محاولة جذب الزبون للترويج لأجهزته الكهربائية "معندناش كورونا يا عالم.. والكراتين والله مفيهاش فيروس"، يمازحه أحد الوافدين "الأسعار الغالية أشد من المرض.. هتحسسنا بعجز وحسرة.. لكن المرض هيموتنا وخلاص". يلقى عليه السلام آخرون، ويعتدل ليواصل حديثه مع صاحب المحل، بعدما أعاد نبش جرحه "قفلت محلك وقولت تكسب يومية 100 جنية أوفرلك من وقف حالك ودفع إيجارات ورواتب.. حتى دي بقت مش مضمونة"، فترازحت حالة صاحب الـ(30 ربيعًا)، رغم أنه كان يتبادل الأحاديث والمزاح مع زملائه والمارة.






وجثَا أمام المحل الذي يعمل فيه منذ أربعة أشهر "هتروق وتحلى"، وظل شاردًا لبرهةٍ، انتشله صوت مديره، الذي غُلب عليه الحال "كنت بشتري شاشة تليفون جملة بسعر 300 جنية دلوقتي سعرها وصل 550 جنية، طيب هكسب فيها كام والزبون للأسف مضطر ياخدها.. ولما بكلم المستورد يقولي لما البضاعة تخلص هأكل ولادي طوب"، أومأ بعينه صوب قطعة غيار تسمى "الفونية" سعرها لا يتعدى الجنيهان، ولكن بعد الأزمة الراهنة بالصين وغلق الموانئ الصينية، أصبح سعرها خمس جنيهات "وياريت كده وبس ده بعد كده رفع سعرها التجار المستوردين إلى 50 جنية وبيع بالقطعة.. وطبعا الزبون هياخدها أقل حاجة 100 جنية.. يرضي مين؟".






تمر الساعات بطيئة وموحشة، على الشارع الذي كان مكتظ طيلة الوقت، ويسلكه جميع الفئات من شتى محافظات الجمهورية "الزبون بقي يطفش"، خاصة مع نقص واردات السلع والخامات المستوردة، متخوفًا من تعطل خطوط الإنتاج المصرية في الكثير من السلع التي تنتجها "احنا بنستورد أكتر الحاجات من الصين وده إللي زود طمع التجار علينا.. ومع حالة الشلل المفروضة على الكل، ارتفاع الأسعار هتتزايد خلال الثلاثة شهور الجاية.. لحد ما الاستوك يخلص من المخازن".






لا يختلف حال محال الأجهزة الكهربائية كثيرًا "حتى المستعمل سعره ارتفع والأجهزة قاعدة مكانها حتى ما بنغيرش شكلها في العرض"، بينما أَغضى على ذلك أحد أصحاب محال الريسيفر، لعل يحدث شىء في الأيام المقبلة "الريسيفر الصيني سعره  كان 150 جنيه ودلوقتي أصحاب التوكيلات والشركات بينزلهولنا بسعر 170.. وأكتر الناس حالتها تعبانة.. زباين وتجار صغيرين يفرق معاهم الجنيه.. وطبعا في مستوردين رفعوا السعر بنسبة 40%.. وحجتهم مفيش حاجة جاية الفترة دي.. خراب بيوت مستعجل".