حسين الشحات.. ابن الأهلي "السادس" الذي لم تراوده الشكوك

الفجر الرياضي

حسين الشحات
حسين الشحات


في العام الذي كان النادي الأهلي يتّوج فيه بكأس مصر للمرة التاسعة والعشرين في تاريخه، وبينما الجماهير الحمراء تعبر عن فرحتها بالبطولة الجديدة، كان الموظف في الهيئة العامة للطرق والكباري "علي الشحات" على موعد مع ابنه السادس بعد أربعة بنات وولد، وقد أطلق على الوليد الذي جاء في صيف هذا العام 1992 اسم "حسين" تيمنًا بحفيد رسول الله، ربما رسم له آمال كبيرة وربما لم يتخيل أن هذا الولد سيكون سبب الكتابة عنه بعد 28 عامًا بعد أن أصبح نجم النادي الأعرق في إفريقيا، و مهما دار في خُلد "علي الشحات" فإنه لم يرى أي شيء فبعد ثمانية أشهر فقط غادر الدنيا تاركًا أولاده الستة وزوجته في مهب الريح.

ثلاث سنوات وثمانية أشهر كان عمر الطفل حسين الشحات الذي أدرك لتوه أنه "يتيم" ليجد رجلًا غريبا اسمه"محسن" بات زوج والدته ومسؤول عن اشقائه، وبنظرة كلاسيكية كان يمكن أن يتحول الأمر إلى جحيم لكن الواقع يقول أن "محسن" الذي لازال حسين الشحات يناديه بـ"بابا" حتى الآن ورغم انفصال والدته عنه، كان هو اليد الرحيمة التي قادت هذا الطفل إلى المجد الكروي.

ما إن اشتد عود الطفل الصغير ورغم أنه لم يكن في حاجة للعمل باعتباره "آخر العنقود" لكنه سرعان ما قرر أن يكتسب قوت يومه وبدأ رحلة الأعمال التي تنوعت ما بين عامل في "سنترال" و"عامل في بنزينة" وبـ"شركة ألوميتال" و"تجميع الكور" في احدى مدارس الكرة، ورغم تلك المعيشة البسيطة لكنه رفض الالتحاق باختبارات ناشئين النادي الأهلي حتى لا يعتمد على "واسطة" خاله الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب مساعد وزير التربية والتعليم.

لكن رفض الواسطة لم يثنيه عن حبه لكرة القدم وجاءت البداية من خلال زوج والدته الذي أخذ بيده لنادي ناشئين مدينة نصر وهناك بدأت تظهر موهبته التي دفعت مدربيه إلى القول له "انت لاعب هتجيب فلوس" ومن يومها لم يكن لدى"الشحات" حلم سوى الوصول لأعرق الأندية  رافعًا شعار "التحدي".

من ناشئين مدينة نصر إلى فترة في الشرقية للدخان قبل أن ينتقل إلى أولى خطوات المجد من خلال الدوري الممتاز، نافذته تلك المرة نادي مصر المقاصة الذي انتقل إليه "الشحات" في 31 أغسطس 2014 لمدة 5 سنوات لكنه لم يكمل تلك المدة فلاعب الوسط الممتاز انتقل في 8 يناير 2018 لنادي العين الإماراتي كإعارة لمدة 6 أشهر ثم على سبيل البيع النهائي لمدة 3 سنوات.

لكن هذا المخطط في العين الإماراتي لم يكتمل، فمنذ عام ونصف كتب نجم الأهلي السابق محمد أبو تريكة "تويتة" من أربع كلمات هي "عاوزينك معانا يا حسين" تلك الجملة كانت بمثابة شيفرة التقطتها على الفور جماهير القلعة الحمراء في ظل أخبار ترددت وقتها عن نية النادي الأهلى لعقد صفقة بموجبها ينتقل حسين الشحات من العين الإماراتي إلى النادي الأهلى.

التويتة كشفت أن "الماجيكو" لازال يعرف جميع أسرار القلعة الحمراء كأحد أبناءها كما تمنى أن يرتدى "حسين" قميصه رقم 22، لكن فصل الخطاب جاء بمكالمة من محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي لتحسم كل شيء ولينهي  "الشحات" احترافه في نادي العين الإماراتي.

في يناير 2019 أنضم حسين الشحات للأهلي رسميًا مقابل صفقة بلغت 80 مليون جنيه تنازل هو عن جزء عنها تعبيرًا عن حبه للنادي، لكنها لم تكن الواقعة الأولى فحين انتقل لنادي مصر المقاصة تنازل عن جزء ايضًا من مستحقاته، لكن الأهم الآن أن أحد أفضل لعيبة خط الوسط بات في "الجزيرة".

وقتها كتب ايضًا "أبو تريكة" موجهًا حديثه لـ"الشحات" "جمهور الأهلى لا ينسى.. أصبحت رمزًا قبل أن تلعب في عصر أصبحت المادة هي الطاغية ومن يختار الأهلى دائمًا يفوز ليس بالبطولات فقط ولأن بأهم حاجة لدينا.. قلوب جماهيرنا وهي ورب الكعبة أغلى من كل الأموال".

معرفة أسرار حسين الشحات الشخصية أمرًا صعب، فاللاعب الذي يبلغ طوله 171 سم ووزنه 68 كيلو جرام  لا يحب الظهور إعلاميًا وعلاقة بمواقع التواصل الاجتماعي محدودة جدًا ولا يقرأ إلا النقد البناء وهو فقط من يحدد معايير هذا النقد!.

لكن لا يمكن معرفة الصورة كاملة لحسين الشحات بدون والدته التي على يديها تربى ومن خلال طعامها عشق "محشي ورق العنب والبتنجان والحمام المحشي"، فاللاعب الكبير يمكن وصفه بمقولة محمود درويش الذي حين قرر تكريم والدته قال صراحة "أنا ابن أمي لا تراودني الشكوك".

تلك العلاقة الحميمية بين آخر العنقود ووالدته والتي ظل ينام بجوارها حتى قبل زواجه بأيام، هي ما دفعته لعدم ترك مدينة السلام حيث مولده، بل حين تم بيع منزلهم في مدينة السلام وإتمام كل الإجراءات رفضت والدتهم أن تترك بيتها فعاد كل شيء إلى نقطة الصفر وبات "الشحات" يعيش بين "المقطم" حيث منزله  وزوجته وولديه أحمد وآسر و"السلام" حيث منزل والدته.

خفايا حسين الشحات أيضًا يمكن كشفها من خلال "الشلة المحترمة" وهو جروب "واتس آب" به أصدقائه وهم شقيقه محمد الشحات وأصدقائهم "توتا وخالد مارسيلو والسبعاوي وزبلة وكفتة" أما الصاحب المقرب له من لاعبي النادي الأهلى هو محمود وحيد.

من خلال هذا الجروب يتم الاتفاق على مواعيد لممارسة حسين الشحات هواياته وهي "البلايستيشن" كما أنه من هواة متابعة لعبة التنس ولاعبه المفضل رافائيل نادال، أما في الأندية العالمية فهو من مشجعي ريال مدريد ومحبي كريستيانو رونالدو.

حسين الشحات الذي يرتدي رقم  14 في صفوف النادي الأهلي يحلم بالتتويج ببطولة دوري أبطال إفريقيا من أجل كأس العالم للأندية الذي لعب فيه لكن من خلال قميص العين الإماراتي، أما بعد الإعتزال فإن مجال التدريب الرياضي هو الأقرب له.