د.حماد عبدالله يكتب: أهمية مشاركة القطاع الخاص فى النقل العام !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله
د.حماد عبدالله



لماذا لا نسمع عن " أبورجيليه " أو ( مقار ) أو حتى ( سوارس ) بين رجال أعمال اليوم ؟

لماذا لا نجد رجل أعمال محترم , مثل هؤلاء الذين حملوا أسماء خلدها تاريخ العمل الوطنى فى مجال النقل العام , والتى شاركت فى إنشاء أساطيل محترمه من النقل العام فى مصر ، منذ عصر " سوارس " وهى " عربة كارو عالية المستوى "يجرها  بغل" أو إثنين متخصصه فى نقل الركاب ، رأيت هذه المركبات وهى تجرى فى شارع المعز لدين الله الفاطمى فى خمسينيات القرن الماضى ، ونحن تلاميذ فى مدارس منطقة ( الدرب الأحمر ، والمغربلين ) حيث كانت أسرتى تقيم قبل إنتقالنا إلى جزيرة منيل الروضه !!

كانت عربات " سوارس " تأتى من ميدان القلعه إلى شارع المعز ، ومحطاتها هى ، سوق السلاح ، الداوديه ،المغربلين ، تحت الربع ، الغوريه ، قصر الغورى ، خان الخليلى ، سيدنا الحسين ، والجماليه ، وبين القصرين ، وقصر الشوق ، والسكريه ، هكذا كان أحد خطوط " سوارس " وكان يقوم عليها " عربجى " بطربوش ( وبدله كاكى ) ونحاسه على صدره سجل بها رقمه وإسمه ، وكان يحصل على أجرة النقل نظير ( كارته ) أو تذكرة مختومه ، وكان " البغل " له موقف ( إستراحة) . 

البغال ) ويقدم لهم العشب والمياه ، وعمال نظافه مخصصون لإزالة الإتساخات عن ( فخذيه ) وأرجله ، والشوارع أيضاً ( والعربجى ) له ( مشربه ) أو كان لاخذ الشاى وتدخين النرجيله فى الإستراحه المخصصه لقادة هذه العربات ( العربجيه ) وجاء بعد هذه المرحله بداية الستينيات وأخر الخمسينيات ، رجل الأعمال ( أبو رجيله ) وأنشأ أسطول من سيارات ( السنتركروفت ) ثم رجل الأعمال ( مقار ) ،ظهرت الأتوبيسات المرسيدس وكانت السيارات نظيفه ولها مواعيدها المحترمه والمسجله على المحطات ، وكانت الرقابه تتم من مفتشى النقل المنضبطين , على المواعيد والمظهر حيث ( يونيفورم ) لجميع السائقين ( الطربوش ) أساسى والبدله الكاكى النظيفه والجرافته ، وكذلك المحصلين داخل الأتوبيس ، لديهم أزيائهم ، وإنتشر أسطول الأتوبيسات فى عاصمة ( مصر ) وكذلك فى عواصم المحافظات ثم ظهرت المواصلات بين الأقاليم شركات قطاع خاص منتظمه ومحترمه ، ثم ظهر الترام وكان المعروف بإسم " الكهرباء " بين العامة , وأشهر تلك الخطوط ترام رقم ( 8 ) من العتبه الخضراء إلى ميدان الإسماعيليه ( التحرير اليوم ) ، وترام أرقام 23،22 من السيده زينب إلى العباسيه والقلعه إلى باب الخلق ، ثم ترام رقم 4 مابين الجيزه والهرم , حتى ظهر رجل الأعمال ( البارون أنبا ) مؤسس مدينة مصر الجديده ( هليوبوليس ) وجاء بمترو مصر الجديده ، والذى مثل فاكهة النقل العام فى مصر وصاحب ذلك ظهور ( الترام الأبيض ) وخط النزهه ، وعبد العزيز فهمى ، كل هذه الوسائل المحترمه ، كانت ملكيه خاصه ، لأفراد وشركات ولكنها محترمه !!

بيكسبوا لكن مقابل خدمات جليله للوطن ، هكذا كان رجال أعمال (زمان ) كان لهم أسماء نُقِشَتْ فى التاريخ المعاصر أسمائهم من ( ذهب ) وأصبحوا قدوه فى التاريخ الإقتصادى للوطن أمثال ، "طلعت حرب باشا ، وعبود باشا ، ومقار باشا ، وفرغلى باشا ، وكلمة ( باشا )" معناها أو أصلها ( خادم ) ولكن أصبحت هبه من الملك أو السلطان لمن يمن عليهم من كبار القوم بلقب " الباشويه " للخدمه العامه للشعب ، وهذا شرف عظيم حينذاك ، حتى جائت الحكومة فى النظام الإشتراكى وأقيمت المؤسسات الخاصه لتصبح ملكيه عامه ، وأساء النظام للأسف الشديد لكل ما هو فردى أو خاص ، وأصبح النقل العام هكذا أسمه ، إلى أن " غرق " فى وقت لا يعلم أنه "سيغرق" , كنا وكان القاده يعتقدون أن الملكيه العامه سوف تحافظ على المستوى وعلى ما نمتلكه من أدوات وأليات وأصول ، ولكن سنة الحياه كانت العكس " اللى مالوش صاحب ينُتَهب ويتخرب " ويتسرق ( عينى عينك ) ، والله العظيم حرام أن لا يظهر مره أخرى أمثال هؤلاء العظام "أبورجيله ، ومقار ، وسوارس ، لو إتقى رجال الأعمال الله فى شعب مصر كنا سنكون أفضل بكثير !!