مدير "العباسية": كشف الصحة النفسية بـ"جنيه".. وعلاج الاكتئاب والإدمان "ببلاش".. (حوار)

أخبار مصر

على هامش الحوار
على هامش الحوار


ارتفعت في الآونة الأخيرة معدلات الانتحار بين فئات المجتمع المختلفة، حيث تعددت الأسباب من عاطفية لمادية واقتصادية أيضًا، كما ظهرت بعض الحالات التي أنهت حياتها بدون أسباب واضحة، كما تعددت أشكال الانتحار أيضًا بين القفز من الطوابق المرتفعة، والشنق، وإلقاء المنتحرين أنفسهم تحت عجلات المترو.

أجرت "الفجر" حوارًا مع الدكتور مصطفى شحاتة، مدير مستشفى العباسية للصحة النفسية، للوقوف على الأسباب، التي تدفع المنتحرين إلى إنهاء حياتهم بهذا الشكل، حيث أوضح خلاله جوانب عديدة للمرض النفسي وأنواعه وأعراضه، وتطرق الحوار إلى إلقاء الضوء على مرضى الإدمان وكيفية التعامل معهم ومعالجتهم، والكشف عن نسب إصابة الأطفال بالأمراض النفسية.

إلى نص الحوار:


ما هو المرض النفسي؟ وما هي أنواعه؟

المرض النفسي هو اضطراب في منطقة معينة من التفكير أو المشاعر أو السلوكيات، هذه الأركان الثلاثة عندما تمس الشخصية يحدث اضطراب في التفكير والمشاعر والأحاسيس أو اضطراب في السلوكيات، لذا الصحة النفسية هي مقابلة للصحة البدنية، ولكن لا يوجد اهتمام بالصحة النفسية مقابل الصحة البدنية، حيث يلجأ المرضى لأطباء القلب والجهاز الهضمي والتنفسي، ويخافون من زيارة الطبيب النفسي.

أنواع المرض النفسي 

1- أمراض ذُهانية خاصة بالذهن، وهي فقد الصلة بالواقع "اضطراب في التفكير والمشاعر والأحاسيس والسلوكيات".

2- أمراض عُصابية خاصة بالعصب وهي أقل حدة من الأمراض الذهانية.


ما هي الأعراض التي تظهر على المريض باضطراب نفسي؟

أي إعاقة تمنع المريض من التقدم في حياته بالشكل المعتاد لخلل ما فإنه يكون مضطرب نفسيًا.

ما هي أنواع الاكتئاب؟

الاكتئاب نوعين:

1- اكتئاب وراثي، "الاكتئاب الجثيم" ويكون مصاحب لحالات انتحار ونسبة الشفاء منه قليلة.

2- اكتئاب تفاعلي، نتيجة التفاعل مع ضغوط الحياة ويستمر لمدة محدودة ويعود الشخص لطبيعته.


هل المرض النفسي له سن معين؟

ليس له سن معين بل عوامل معينة ينتج عنها زيادة المرض النفسي، مثل العامل الوراثي "أحد الأبوين كان يعاني من مرض نفسي" فهذا يضعف البنية النفسية للمتعرض للضغط الحياتي، ولكن في حالة العامل الوراثي وعدم وجود ضغط نفسي لا يؤذي الاكتئاب صاحبه.


كم عدد المرضى بالمستشفى؟ وكم تبلغ السعة السريرية؟

عدد المرضى المتواجدين حاليًا حوالي 980 مريضا، يتم توزيعهم على 5 أقسام "مرضى نفسيين وإدمان وأطفال ومراهقين ومسنين"، والسعة السريرية تبلغ 1450 سريرا.

هل توجد بالعنابر عوامل تهوية جيدة؟

بعد الحادث الذي وقع عام 2015 بسبب موجة حر شديدة عصفت بالقاهرة، أصبحت لا تخلو جميع المستشفيات على مستوى الصحة النفسية من صالة وقسم خاص مكيف يودع خلاله المرضى أثناء موجات الحر الشديدة، حيث تحتوي المستشفى على 42 قسما يوجد بداخل كل قسم منهم وحدة مكيفة تكييف كامل.

من أكثر الفئات عرضة للاكتئاب؟

الأكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب، هم الفئات الهشة التي تعيش بدون دعم، وسن المراهقة هو الأكثر هشاشة في المجتمع لتعرضهم لضغوط حياتية بشكل مستمر، وغياب دور الأسرة في المجتمع جعل مواجهة شباب "ثانوي وجامعة" عرضة لضغوط المجتمع دون حماية، إلى جانب "فيسبوك" وانتشار الأفكار السلبية، مما أدى إلى خلق مساحة كبيرة في المقارنات بين المجتمع المصري والمجتمعات الأخرى.

الأجيال السابقة كانت تحتمي بالقيم المجتمعية والدينية ولكن حاليًا تلاشت هذه القيم مما جعل الشباب والمراهقين أكثر هشاشة وعرضة للاكتئاب.

كيف يتم الكشف والتشخيص؟ وما تكلفة العلاج بالمستشفى؟

في البداية يقدم المريض بطاقته الشخصية لتسجيل بياناته ويقوم بدفع ثمن التذكرة "جنيه واحد"، ويتم عرضه على استشاري أو أخصائي طب نفسي، ويتم فحصه بعد ذلك من قبل إخصائي اجتماعي لتحليل البيئة المحيطة به، ويتم عمل مسح طبي شامل للحالة ثم يعود المريض للطبيب النفسي لتشخيص حالته ويبدأ في صرف العلاج المناسب له، وفي النهاية يحصل المريض على العلاج مجانا، بخلاف إذا استدعت حالته البقاء في الأقسام الداخلية للمستشفى.

المرضى المترددين على المستشفى من أي فئة عمرية؟

يستقبل المستشفى المرضى من جميع الأعمار، من 3 سنوات "أطفال التوحد"، إلى 80 سنة، وأكثر فئة ترددا على المستشفى من سن "30 – 50" سنة، مرحلة النضج.

ما هي أكثر الأمراض النفسية ترددا على المستشفى؟

1- الاكتئاب
2- الانفصام بأنواعه
3- الإدمان

هل نسب إصابة الأطفال بالأمراض النفسية كبيرة؟ وكيف يتم التعامل معهم؟

كبيرة جدا، يتواجدون في المستشفى قبل الساعة السادسة صباحًا، لتحديد الأعداد التى يتم استقبالها يوميا من قبل إدارة المستشفى لقلة أعداد الأطباء، لذلك يتم يوميًا مناظرة 30 حالة فقط من الأطفال.

ما أساليب التعامل مع الأطفال خلال الكشف والعلاج؟

لدينا فريق عمل في قسم الأطفال على دراية كاملة وخبرة بالتعامل معهم، فهم يتبعون أساليب علاجية غير معهودة وليست تتمثل في الدواء فقط، بل مسرح وحفلات وترفيه، فهو قسم متنوع في أساليب العلاج التي يعتمد عليها في علاج الأطفال.

ماذا تفعل المستشفى حال زيادة أعداد المرضى وعدم الاستيعاب بالعنابر؟

يوجد في كل قسم أسرة متروكة للحالات الأكثر خطورة، عدد سكان القاهرة حوالي 15 مليون نسمة، ومستشفى العباسية للصحة النفسية ليست الوحيدة التى تقوم بخدمة مرضى محافظة القاهرة، بل يوجد مستشفى حلوان، ومصر الجديدة، ومستشفى الخانكة، وتبلغ السعة السريرية الإجمالية لهم حوالي 2500 سرير، وفي حالة عدم الاستيعاب نقوم بتحويل الحالات لمستشفى أخرى من الثلاث مستشفيات وكذلك بالعكس، يوجد لدينا خط ساخن للتواصل مع المستشفيات لاستقبال الحالات حال عدم الاستيعاب.

كيف يتم التعامل مع مريض الإدمان؟ وهل علاجهم مجاني أم مدفوع الأجر؟

يوجد في المعهد القومي لعلاج الإدمان، التابع لمستشفى العباسية للصحه النفسية، أكبر قوة سريرية في مصر تبلغ حوالي 200 سرير، ومدة علاج مريض الإدمان تكون حوالي 70 يوما تتحمل خلالهم المستشفى جميع تكاليف الحالة، بداية من دخول المريض وإجراء فحص كامل لإزالة السموم لمدة عشرة أيام، يليه تحليل مخدرات، معقبًا: "خروج أي مادة سامة من الجسم لا يتطلب أكثر من 10 أيام، بخلاف الحشيش يأخذ 40 يوما"، وبعدها مرحلة التأهيل النفسي.

ومرحلة التأهيل تعتمد على علاج الذاكرة الإدمانية، وفي حالة زيادة مدة العلاج عن 70 يوما تكون مدفوعة الأجر من قبل المريض.

هل يحاول المرضى الهروب من المستشفى؟ وكيف تواجهون مشكلة هروبهم؟

المرضى النفسيين ومرضى الإدمان يحاولون كثيرًا الهرب من المستشفى، بالنسبة لمريض الإدمان يتم التعامل معه بسياسة الباب المفتوح، ولا نحاول معالجته عنوة، لأن قرار التعافي لابد أن يكون نابعًا من داخل المريض، ونستهدف علاج تجار المخدرات أكثر من المتعاطيين له، فالتاجر يمثل خطورة أكبر على المجتمع، ولذلك لدينا برنامجًا علاجيًا خاصًا بهم.

تاجر المخدرات يأتي للمستشفى بنية استهداف المرضى ولكن الأطباء لا يتعاملون معه بعنف، ولا يحاولون الإبلاغ عنه، بل يتعاملون معه بطريقة علاجية بسبب خطورة وجوده داخل المستشفى على المرضى، وخطورته على المجتمع.

المرضى ينقسمون إلى نوعين، أولهما مريض فاقد الأهلية، ويمثل خطورة على نفسه والآخرين، وهذا النوع يتم علاجه عنوة، وملاحظتهم بدقة حتى لا يحاولون الهرب، خاصة أن لديهم محاولات عديدة للانتحار، ويتم التعامل معهم وفقا للمادتتين "10 – 13" من قانون المجتمع المدني، أما النوع الثاني فهو "المريض النفسي الإرادي" ويتم التعامل معه مثل مريض الإدمان بسياسة الباب المفتوح.

كيف تتم محاسبة المريض حال هروبه؟

محاسبة المستشفي حساب عسير في حالة هروب المريض فاقد الأهلية، ويتم تحويل ملفه للنيابة لإخلاء مسؤولية المستشفى، وتجنب حدوث كوارث بسبب ما يشكله من خطورة على نفسه والآخرين.


كم تبلغ طاقة العاملين بالمستشفى؟ وهل يوجد عجز؟

المستشفى تعاني من عجز شديد ونقص في الأطباء، يوجد في مصر 700 طبيب نفسي فقط، يوجد منهم 200 طبيب داخل مستشفى العباسية، بمعدل 5 أطباء مقيمين وأخصائي واستشاري لكل 30 مريضا.

تعاني المستشفى من نقص حاد في التمريض حيث يوجد بها حوالي 850 ممرضا وممرضة فقط.


هل هناك أزمة في توافر الدواء داخل المستشفى؟

لا يوجد أزمة في الأدوية والمستشفى تسير على خطى المنظومات العالمية، كما توفر لنا وزارة الصحة الأدوية التى تحتاجها المستشفى عن طريق المناقصات.

ماذا عن العيادات الخارجية وعدد المترددين عليها؟

العيادات الخارجية بالمستشفى تستقبل 30 ألف مريض شهري، ويتم صرف علاجهم مجاني

لماذا لا يوجد منظومة داخل المستشفى يستقبل على أساسها المرضى النفسيين المشردين؟


نتمنى أن نرتقي لهذا المستوى أن تكون القاهرة خالية من "الهوملس" ولكن هذا فوق طاقة المستشفى كإدارة للنقص الحاد في الكوادر، حيث أن الموضوع يحتاج لتعاون 3 وزارات، وزارة الداخلية لتسجيل وتصوير هؤلاء المرضى، ووزارة التضامن الاجتماعي لتوفير دور الرعاية الذي يستقبل المرضى بعد استكمال علاجهم وخروجهم من المستشفى، ووزارة الصحة ممثلة فى المستشفيات.

ماذا تقدم وحدة الطب الشرعي بمستشفى العباسية؟


وحدة الطب الشرعي بالمستشفى تابعة لثلاث جهات، وهي وزارات الداخلية، والعدل، والصحة، لكل وزارة منهم مهمات محددة، تتمثل مهمة وزارة الداخلية في عملية التأمين، ووزارة العدل مهمتها إحالة الجرائم التى تحدث ويكون بها شبهة مرض نفسي للمستشفى، بينما تقوم وزارة الداخلية بتحويل المريض للإيداع في وحدة الطب الشرعي بالمستشفى لمدة 45 يومًا قابلة للزيادة، ويتم عرضه على لجنة ثلاثية لتحديد مدى أهليته من عدمه في تنفيذ الجريمة التي حدثت، كما يتم تحديد هل كان المريض في كامل قواه العقلية وقت ارتكاب الجريمة أم كان تحت تأثير المرض النفسي.

هل يتم عزل مرتكبى الجرائم عن باقي المرضى؟

بالطبع يتم عزل المرضى مرتكبي الجرائم في عنابر بعيدة تمامًا عن باقي عنابر المستشفى، نظرًا لأن بعض المرضى أصحاب جرائم غاية في القسوة، خاصة أنه مازال متهمًا، ولم يحدد مرضه من عدمه، وبعد إثبات مرضه يودع بمستشفى الخانكة في وحدة المودعين للعلاج، ويوجد بهذه الوحدة 700 سرير للمودعيين أصحاب الجرائم تحت تأثير المرض النفسي.