الأسئلة الشائكة لواعظات الأزهر من نساء الصعيد

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


أبرزها الميراث والتعامل مع الزوج المدمن وتعنت الحموات والسحر

القائمة تتضمن خلافات السلايف ببيت العائلة ومواجهة الأهل بالمحاكم لخلافات الميراث

إدمان الزوج ببنى سويف مواجهة السحر والشعوذة ومحاربة الفكر المتطرف فى الصعيد


أكثر من 200 واعظة دفع بهن الأزهر إلى مختلف المحافظات لتولى مهمة الرد على الأسئلة الشائكة فى القرى والنجوع، خصوصاً فى الصعيد سواء كانت هذه الاستفسارات اجتماعية أو دينية. لا يزال الصعيد مجتمعا أكثر تحفظاً مقارنة بمحافظات الدلتا، ولا يمكن لسيدة بسهولة أن تذهب إلى أحد الشيوخ وتكشف عن أفكارها لغريب، ولكن الأمر الأسهل عندما يكون الأمر بيد سيدات مثلهن يعرفن كيف تشعر المرأة ويملكن بجانب القدرة على النصيحة، العلم الدينى اللازم للتعامل مع الأسئلة عن القضايا المجتمعية الشائكة خاصة المتعلقة بالأسرة وكيفية التعامل مع مشكلاتهن الحياتية.

لهذا أطلق الأزهر تجربة الواعّظات ليكن بجوار الوعاظ على مستوى الجمهورية، استجابة لفكرة أن المرأة هى الأقدر على فهم بنات جنسها، وقديماً كانت المرأة عندما تريد معرفة أمر فقهى أو حكم شرعى متعلق بها، كانت تلجأ لوسيط، عادة ما يكون زوجها أو أباها أو شقيقها، وربما ذهبت إلى زوجة شيخ لتنقل لزوجها الأسئلة وتعود إليها بالإجابة.

ولم يعد هذا الأسلوب كافياً لأنه كان يقتصر على الإجابة عن استفسار وليس توعية النساء فى الصعيد خصوصاً مع انتشار الأفكار المتطرفة بينهن، بسبب نشاط السلفيين وعناصر جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات الإسلامية، لذا أصبح نشر الواعظات أمرا مهما فى إطار التوعية الدينية الشاملة التى يقوم بها الأزهر فى للنساء فى أماكن العمل ومراكز الشباب والنوادى والجمعيات.

«الفجر» رصدت الأسئلة الشائكة التى تطلب نساء الصعيد الإجابة عنها خلال لقاءاتهن مع واعظات المؤسسة الأزهرية فى محافظات بنىسويف، وأسيوط، وأسوان.

لا يقتصر عمل الواعظة على المسجد وشرح الأحكام الفقهية والأمور الشرعية شرحاً مبسطاً ومواجهة الغلو والتطرف، إذ تمتد مهمتهن إلى المشاركة فى البروتوكولات التى يبرمها الأزهر الشريف مع مختلف مؤسسات الدولة وهيئاتها، مثل وزارة التربية والتعليم من خلال تنظيم ندوات وإلقاء المحاضرات فى المدارس المختلفة والإدارات التعليمية لنشر المنهج الوسطى والحديث عن أخلاق الإسلام، ومعالجة الظواهر الاجتماعية الطارئة على المجتمع المصرى كالتنمر وبث الشائعات والاستخدام الصحيح لوسائل التواصل الاجتماعى فى سبيل المحافظة على الطالبات من الانحراف أو التطرف بجانب زيادة وعيهن بالدين.

وتعمل الواعظات وفق اتفاق بين الأزهر ووزارة الصحة للسماح لهن بالنشاط فى المستشفيات والوحدات الصحية والتواجد بجوار المرضى ورفع معنوياتهم، بجانب المشاركة فى الحملات التى يطلقها الأزهر بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للأُمومة والطفولة وأندية الدفاع الاجتماعى للتوعية بدور الأسرة وضرورة المحافظة عليها.

ويأتى الدور الأهم للواعظات فى مؤسسات الرعاية الاجتماعية وبصفة خاصة دور الأيتام وذوى الاحتياجات الخاصة، حيث تشارك الواعظات فى توعيتهم بصحيح الدين حفاظاً عليهم من الانحراف ومساعدتهم على الاندماج فى المجتمع، كما تشارك الواعظات فى توعية الحجاج فى المطارات والموانئ.

1- الميراث وإدمان الزوج ببنى سويف

تواصلت «الفجر» مع عدد من الواعظات العاملات فى عدة محافظات بالصعيد لمعرفة الأسئلة التى يتلقينها من النساء هناك.

قالت حنان محمود إبراهيم، التى تعمل فى المنطقة الأزهرية بمحافظة بنى سويف، إن أبرز المشكلات التى تعانى منها المرأة فى الصعيد وتسأل عن الرأى الدينى بشأنها هى الحرمان من الميراث خصوصاً أنها إذا طالبت به إما يصل ناقصاً أو لاتحصل عليه أصلاً، وفى الوقت نفسه لا تستطيع المطالبة به باللجوء إلى المحاكم، لأن المجتمع يعيب عليها ذلك «متقفيش قدام أهلك فى المحاكم» فتضطر للصمت على ضياع حقها المقرر دينياً.

قضية إدمان الزوج حسب الواعظة حنان، تأتى فى المرتبة الثانية حيث تطلب منها نساء كثيرات الرأى فى كيفية التعامل مع الزوج المدمن، خصوصاً مع ما يترتب على الإدمان من إهمال فى رعاية الأسرة وضعف الإنفاق عليها وعلى أولادها، والتعدى عليها بالسب والضرب، خصوصاً أن بعض الحالات تصل إلى حد بيع أثاث المنزل للحصول على جرعة مخدرة. وكشفت حنان أيضاً أن قضية الخلافات الأسرية بسبب الحموات مسألة متكررة فى معظم الأسئلة خصوصاً مع وجود أسر كثيرة تعيش فى منزل واحد يجمعهم بالكامل، فتتفجر أزمات بين الزوجة ووالدة الزوج وبينها وبين زوجات الأشقاء ما يؤدى إلى أزمات عائلية تؤدى لقطيعة بين أبناء الأسرة الواحدة، ويتفاقم الأمر بشدة فى أبناء الجيل الثانى من أبناء العموم والعمات والخالات، وربما يصل الأمر إلى تطليق الزوجة نفسها. وعادة ما تنصح الواعظة السيدة بحديث نسائى بحت وأخلاقى الطابع لأن الفتوى وحدها لا يمكن أن ترمم العلاقات الاجتماعية، وتقول مثلاً إن أم زوجها فى مكانة الأم، وتوجه النصيحة لأم الزوج بأن تعامل زوجة ابنها وكأنها ابنتها، وأن المرأة عليها دور كبير فى تنشئة الأسرة ليتعامل أفراد أسرتها مع بعضهم بالحب والاحترام. ولا تزال قضايا السحر والجن تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام نساء الصعيد وتعتبرها كثيرات سبب المشكلات التى يعانين منها، ولاحظت الواعظات الأمر خصوصاً بين الفتيات اللاتى يتأخرن فى الزواج أو السيدات المتزوجات بسبب تكرار المشادات مع زوجها وعدم انتظام الأبناء فى الدراسة وضعف مستواهم. تكتفى الواعظة بترتيب مناقشة لتوعية الفتاة أو السيدة بضرورة البحث عن أسباب الفشل ومصارحة النفس بعيوبها، وضرورة تحصين النفس بترديد الأذكار والمحافظة على الصلاة، وقبل ذلك الإيمان بالقضاء والقدر. ومن خلال الملاحظة تبين أن القضية العامة والمهمة الموجودة فى الصعيد وغيره من أنحاء مصر قضية التردى الأخلاقى للشباب ومعاناة الأمهات فى التربية، والأفكار الدخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، وهو ما تَوجّب علينا أن نوجه الأم إلى أسس التربية السليمة وأن عليها أن تزرع الخير فى أولادها صغارا حتى تحصده وهم كبار.

2- الطلاق والمشاكل الأسرية بأسوان

طبيعة مشكلات النساء بمحافظة أسوان اختلفت بدرجة ما عن نظيرتها فى محافظة بنى سويف، وطبقاً للواعظة الشيماء عبيد، المسئولة عن وعظ أسوان فإن أكثر الأسئلة التى تتلقاها من السيدات تكون عن الطهارة والعبادات، أما أبرز المشكلات التى يطلبن فيها الفتوى فهى الازمات الأسرية، خصوصاً أحكام الطلاق وأسبابه، خصوصاً أن بعض حالات الطلاق تكون ناتجة عن تهاون وجهل بأحكام الشريعة الإسلامية.

3- وحدة بكل محافظة لتأهيل المقبلين على الزواج

ومن خلال ما عرفته الواعظة الشيماء عبيد، اقترحت تأسيس وحدة فى كل مناطق الوعظ فى كل محافظة تكون مهمتها تثقيف المقبلين على الزواج وتضم وعّاظا وواعظات وأخصائيين علم نفس واجتماع لتفادى مشكلات الطلاق بسبب جهل البعض بأحكام الشريعة فى هذا الصدد.

4- العنف الأسرى وتنظيم الأسرة فى أسيوط

وفى محافظة أسيوط كشفت الواعظة نور الهدى خلف، أنهن كواعظات اشتركن فى ورش العمل بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة والمركز الدولى الإسلامى للبحوث السكانية للتدريب على مهارات التواصل مع النساء وكيفية التعامل مع جميع الفئات العمرية والتفاعل معهن والاستماع إليهن والمشاركة فى حل مشكلاتهن الزوجية، وتأهيل المقبلين على الزواج وحثهن على اللجوء للأطباء المختصين وأهل العلم قبل الزواج. أغلب الأسئلة التى تلقتها نور الهدى عبيد فى أسيوط كانت مرتبطة بالمشكلات الأسرية، لذا كانت أغلب نصائحها هى التعامل بين الزوجين بالحكمة والموعظة الحسنة خصوصاً إذا كان الخلاف بسبب الإنجاب.

5- الخلافات بين الزوجين بسوهاج

كشفت الواعظة براء السيد، بمنطقة وعظ سوهاج أن أكثر الأسئلة الشائعة التى تلقتها كانت خاصة بالطلاق والخلافات بين الزوجين ولذلك ركزت وحدات الوفاق الأسرى على تكثيف عمل الواعظات والتواصل معهن يومياً لمتابعة نتائج مشاركتهن وتفاعلهن مع السيدات فى هذه الوحدات للعمل على تصحيح الأفكار الخاطئة بين المتزوجات، خصوصاً أن توضيح بعض الأمور البسيطة كان كفيلاً بإنهاء أزمات.