عبدالرحمن صلاح يكتب: طال الغياب

مقالات الرأي

عبدالرحمن صلاح
عبدالرحمن صلاح



لم يختلف العام الثامن كثيرًا عن سابقيه، حيث مرارة الألم ولوعة الفراق.. ظُلمة الليل وطول الغياب.. ذكريات لا تفارق السمع ولا الفؤاد، وحنين لا ينتهي إلى أحن وأعظم الأمهات.
لازلت أتذكر خروجها الأخير من بين أحضاننا، حينما فارقتنا بجسدها إلى دار الخُلد.. قبلها بساعات قليلة ذهبت إلى المستشفى، كان تودع أركان البيت.. تنظر لي بنظراتها المعتادة.. عينان لامعتان، وحب لا يساويه شيئ آخر.. كانت ملامحها تقول إنه لاعودة إلى ذلك المنزل مرة أخرى، بينما لم أتخيل لحظة واحدة أن تكون تلك هي النهاية.
تمر اليوم ثمانية أعوام على رحيل أمي الحبيبة، التي عاهدت نفسي ألا أكتب سوى عنها، مقالًا سنويًا يخاطبها في قبرها، وكلمات تبقى لي ذكرى أعيش عليها، وأهون بها على نفسي طول الغياب.
ثمانية أعوام من الحزن، لا جديد عليها سوى فراق روح جديدة هي زينة شباب أسرتنا الصغيرة.. "أحمد" نجل أخي الأكبر، الذي نحتسبه عند الله شهيدًا، ذهب هو الآخر لعالم أكثر نقاء من دنيانا الزائلة.
لاجديد يا أمي سوى طفلي الصغير الذي يحتضن صورتك ويدعو لكِ أنت و"أحمد" بالرحمة والفوز بالجنة.. يدعو بتلقائيته وبراءته التي نأمل أن تكون سببًا في القبول من الله عز وجل.. لاجديد يا أمي سوى مزيد من الشوق والحب.. لاجديد سوى عشقك الذي يكبر داخلنا، وذكراك التي نُحييها كل عام.. لن ننساكم أبدًا.. سلام عليكما في قبركما.