طارق الشناوي يكتب: نجوم الكوميديا و(الشفرة)!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


ثلاثة من نجوم الكوميديا فى عالمنا العربى منحهم مهرجان العين وسام (الصقر الذهبى) للتكريم عن إنجازهم: أحمد بدير (مصر)، وطارق العلى (الكويت)، وخليل الرميثى (البحرين).

أقام مؤسس ورئيس المهرجان المخرج عمار سالمين ندوة مع المكرمين، وقال بدير إنه سعيد لأن التكريم جاء له عن مشواره الكوميدى، حيث إن هناك من يراهنون أكثر على ممثل التراجيديا أحمد بدير، وهناك من قدم أنغامًا أخرى درامية متعددة، وكما قال له المخرج الكبير يحيى العلمى عندما أسند له قبل ربع قرن بطولة مسلسل (الزينى بركات): «الممثل الموهوب يشبه البيانو، والمخرج يجب أن يجيد العزف على المفاتيح كلها ليخرج القوالب والمقامات الموسيقية على تعددها، وهو يراهن على أن بدير لديه الكثير من الأنغام المجهولة».

فى الندوة فُتح باب النقاش وطلبت الكلمة وقلت للمكرمين الثلاثة: مأزق فنان الكوميديا هو الزمن، لأنه العدو الاستراتيجى، كل المبدعين يواجهون تقلبات الأيام، إلا أن فنان الكوميديا المستهدف الأول، الكوميديا تعتمد على شفرة التواصل الاجتماعى، وهى دائمة التغيير، وضربت مثلًا بنجم الكوميديا إسماعيل ياسين، الذى بدأ يعانى الأفول الجماهيرى فى منتصف الستينيات، وحتى رحيله لم يستطع أن يعود مجددًا لصدارة المشهد بعد أن كانت شركات الإنتاج تلهث وراءه للحصول على توقيعه بالموافقة على الأفلام، صارت تدير ظهرها له، حتى إنه اضطر لأن يكتب خطابا مفتوحا لوزير الثقافة يشكو فيه المسؤولين عن مؤسسة السينما المصرية، ويتهمهم بالتواطؤ ضده لحساب آخرين.

قلت لنجوم الكوميديا الثلاثة: ماذا أنتم فاعلون فى مواجهة عدوكم المتربص دومًا ويقف متأهبًا على أبوابكم؟!.

قالوا: ما الذى تراه أنت؟ أجبت: أن يظل المبدع يستقبل أكثر مما يرسل، الإنسان بحكم قانون الطبيعة تتناقص قدرته على السمع والبصر، وتتضاءل فى نفس الوقت لياقته البدنية، على الفنان أن يظل حريصًا على إيجاد البديل لدعم قواه الوجدانية للتعامل مع كل جديد، وأضفت أن إسماعيل ياسين لم يستجب لنصيحة الكاتب الكبير أبوالسعود الإبيارى- توأمه الفنى وشريكه فى الفرقة المسرحية- عندما طلب منه أن يمنح أدوارًا لعدد من نجوم الكوميديا الجدد الذين بدأ نجمهم يلمع مع مطلع الستينيات، مثل عادل إمام وسعيد صالح وسمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد.. وغيرهم، إسماعيل اعتبرهم أعداءً له، لا يمكن أن يسمح لهم بالتواجد فى فرقته واستغلال مظلته الجماهيرية لكى يستحوذوا أيضًا على جمهوره.

أعتقد أنه قادر على إقامة حائط صد يحتمى وراءه ليظل هو صاحب الضحكة الوحيدة التى تعرف الطريق لمشاعر الناس، بينما وسائل استقبال الجمهور تغيرت، ضربت مثلًا بعادل إمام الذى كان يحرص فى كل أفلامه ومسلسلاته الأخيرة على تقديم نجوم الكوميديا الجدد، لم يعتبرهم أبدا أعداءً يطمعون فى ميراثه الفنى، بل وجد فيهم فرصة لتأكيد زعامته، وهكذا قدم هنيدى وعلاء وآدم وأشرف ومكى وغيرهم، وظل هو الألفة.

القدرة على الإمساك بالمتغيرات الاجتماعية لأنها وقود الضحك.. كل عقد من الزمن تتغير شفرة التواصل بين الناس، وعلى نجم الكوميديا أن يجيد فك الشفرة!!.