للمتشدقين: ترميم المعبد بمنحة من اليونسكو ولم يكلف مصر مليمًا واحدًا

منوعات

المعبد اليهودى
المعبد اليهودى


 شهيرة النجار

كنت مدعوة الجمعة الماضية العاشر من يناير -وهو تاريخ مهم فى الحياة الأثرية المصرية والسكندرية تحديدا- على افتتاح المعبد اليهودى بشارع النبى دانيال فى وسط الإسكندرية قلبها النابض محطة الرمل، المهم الحدث مهم والمعبد مر عليه سنوات طوال لا أرى منه إلا ممشى ومجموعة من العساكر تحرس دخلته مثله مثل كثير من الأماكن الدينية بالإسكندرية. المهم تم الافتتاح بعد سنوات طوال من الترميم والتجديد للمكان الذى أشرفت عليه وزارتا السياحة والآثار والهيئة الهندسية للقوات المسلحة ونفذ الأمر شركة المقاولون العرب بالتعاون مع جامعة القاهرة قسم الآثار، مكان مهم شاهدت أفلاما تسجيلية مطولة عن تدهور حالته وكيف كان وكيف أصبح الآن وحضر كل سفراء الدول الأوروبية وسفير أمريكا والدول العربية ورموز مصر من المشهورين والأسماء ومحافظ الإسكندرية والدكتور مصطفى الفقى وزاهى حواس ووزير الآثار والسياحة الافتتاح، قوم واحد قيادى سلفى يطلع يقول وليس هو فقط وإنما أناس كثيرون هل الأولوية لترميم معبد يهودى بملايين وذكر أنه تكلف «90» مليون جنيه للترميم أم للفقراء والرصف والشوارع والذى منه وهات يا كلام كبير وأين الطائفة اليهودية التى يتم الترميم من أجلها ونحن فى حرب مع اليهود.

والبعض من السادة الزملاء بالمهنة ردوا عليه وتبارى بعض المذيعين والمذيعات للقول وإن هذا أثر ويجب علينا ترميمه وأن معركة العرب مع دولة إسرائيل والصهيونية وليس مع الديانة اليهودية كلام حلو لكن لم يتطرق أحد بل لم يتعب أحد نفسه ويشق عليها ليعلم أن كل الترميمات التى حولت المعبد اليهودى لمزار عالمى بمعنى الكلمة منحة من اليونسكو من خلالها تم تشغيل آلاف المصريين وتم الترميم بأياد مصرية لم تتكلف مصر مليما واحدا فيه ثم إن المعبد على أرض مصرية وكان ومازال للطائفة اليهودية بالإسكندرية المولودة على أرض مصر وكانت حتى مطلع التسعينيات حوالى «940» مواطنا الآن لم يتعدوا الـ«50» يهوديا تعدوا الثمانين من العمر رفضوا الخروج من مصر والرحيل لإسرائيل مات منهم من مات ورحل أحفادهم لأوروبا وغالبيتهم يعيشون فى عقار واحد فى محطة الرمل وبأسماء غير أسمائهم الأصلية ومقابرهم فى منطقة الأزاريطة من أملاك الطائفة اليهودية بالإسكندرية والإسكندرية كان بها أماكن كثيرة بناها يهود تعد من معالم الإسكندرية مثل فندق سيسل الشهير فى قلب كورنيش محطة الرمل والذى كانت تنزل فيه أم كلثوم وطه حسين وأمم فى عهد عبدالناصر وأحفاد سيسل رفعوا منذ سنوات دعوى لاسترداد الفندق بالمحاكم الدولية، أما أحد أشهر المناطق الحالية بالإسكندرية فهو سموحة وكانت للخواجة اليهودى سموحة والذى أيضا أحفاده يطالبون بكامل المنطقة مثل يهود ألمانيا الذين يطالبون بتعويضات عن مذابح هتلر لليهود ولكن يهود الإسكندرية مصريون حتى النخاع لم يبدل حال غالبيتهم إلا فترة الأربعينيات وحلم الاستيطان وبناء دولة إسرائيل ساهموا فى بناء مصر مثلهم مثل المصريين المسلمين والمصريين المسيحيين فمصر دولة الديانات الثلاث ولأن الإسكندرية مدينة البحر الكوزموبوليتينية التى جمعت غالبية جنسيات وديانات العالم منذ عهد محمد على وبناء ميناء الإسكندرية فإنك عزيزى القارئ لا تعرف ما هى ديانة من بنى هذا أو ذاك لكن من المؤكد أن الذى بناها كان عاشقا لتراب مصر فيجب أن نفرق بين الديانة اليهودية والعصبية الصهيونية ويهود مصر مصريون ومن تبقى منهم الآن بخلاف من خانها وأشهرهم الممثلة الشهيرة التى مازالت على قيد الحياة راقية إبراهيم وتعيش بإسرائيل أحبوا مصر وكانوا مصريين حتى النخاع وعائلات اليهود فى مصر جزء أصيل فى اقتصادها وفنها فبجوار الخواجة سموحة كان يوجد الخواجة منشة الذى مازال الشارع الرئيسى فى منطقة محرم بك باسمه تلك المنطقة التى كانت سكن الأثرياء حتى «70» عاما مضت وبنزايون وعدس الذين كانوا أشهر محلات مصر تحمل أسماءهم ونادلر الذى كان اسم نوع الشيكولاتة يحمل اسمه (كرملة نادلر) وإحدى بناته هى زوجة الدكتور بطرس غالى الأمين العام للأمم المتحددة وفيللا نادلر الشهيرة بمنطقة رشدى بشارع أبوقير تم هدمها منذ سنوات وشيد مكانها برج وحزن عليه كل أهل الإسكندرية بالإضافة لعائلات قطاوى باشا الذين أسسوا البنوك ومصانع الملح والصودا أما أكبر عائلات اليهود موصيرى التى استوطنت مصر 1749 وساهمت فى بناء دور السينما والفنادق مثل ميناهاوس وسان استفانو الذى تهدم ومكانه الآن الفورسيزونز وساهموا فى بناء البنك العقارى والبنك الأهلى أما عائلة عدس فأسست بنزيون وعدس وريفولى وعمر أفندى وهانو، ويعد توجو مزراحى ثانى أهم الشخصيات اليهودية المصرية فى تاريخ سينما مصر أسس مع أحمد بدرخان نقابة للسينمائيين فى مصر بعد أن دخل باسم مستعار (أحمد المشرقى) وأسس شركة للإنتاج السينمائى وقدم من خلالها «الكوكايين والهاوية» ثم بعد ذلك أعلن عن هويته اليهودية من خلال تقديمه سلسلة أفلام بطلها شخص يهودى مصرى شالوم اليهودى وشالوم الرياضى وشالوم الترجمان وقد أخرج أفلام على الكسار الشهيرة «سلفنى 3 جنيه» و«الساعة 7» واتهمته السلطات بالتعاون مع منظمات صهيونية فى فلسطين وتم نفيه إلى إيطاليا موطنه الأصلى ورفض السفر لإسرائيل وبالطبع أشهر عائلات الفن من أصل يهودى سكندرى ليلى مراد التى أسلمت كذلك شقيقها منير مراد الذى أسلم وتزوج من الفنانة سهير البابلى، وبالطبع سطع نجوم يهود على الشاشة الفضية مثل كيتى الراقصة واستيفان روستى مع راقية إبراهيم التى تحدثنا عنها قبل قليل وهؤلاء الثلاثة اتهموا بالخيانة لمصر وبالفعل اختفى استيفان روستى وكيتى وهربا لإيطاليا واليونان ويتردد أن كيتى مازالت للآن على قيد الحياة تعيش فى اليونان ولها ابنة شقيقة متزوجة من صاحب منظمة خارج مصر.

فى النهاية اليهود القدامى جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر، ومصر كما ذكر الفقى فى كلمته أثناء افتتاح المعبد أن الترميم رسالة للعالم بتقبل الآخر مصر لا تنسى أبناءها، هذه نبذة صغيرة عن يهود مصر وتحديدا الإسكندرية الذين ساهموا ولمعوا فى تاريخها.