محمد مسعود يكتب: لصوص الكبرياء

مقالات الرأي



أتعس الناس حالا، من تكون له نفس الملوك.. وحالات المساكين، تلك التركيبة التى تمنعها عزة النفس عن السؤال، وكشف عورة الفقر والعوز والاحتياج.

هؤلاء.. إن اضطروا للتخلى عن التعفف، وأجبرتهم ظروفهم على مد أيديهم، لشخص أو لحزب طلبا للمساعدة، يطأطئون الرءوس، خجلا.. على ما آل إليه مصيرهم، ألما.. من خنجر مسموم اخترق الكرامة والكبرياء وأراق ماء وجوههم، لا يقوون على رفع هامات أحنتها الدنيا، ومجتمع كسر العين.. وكسر النفس.

هؤلاء.. أبعد ما يكونون عن الحاجة إلى عيون تخترق أرواحهم، وتشاهدهم فى موقف المحتاج الذى يطلب العون، ألم يكفهم معاناة الفقر، حتى تقترن المعاناة مع الفضيحة، سترهم الله جميعا، وفضحتهم صورة لحزب مستقبل وطن.

والحقيقة، لم يكن فى نيتى أبدا الهجوم على الحزب، أو رئيسه، أو المتسبب فى هذا الخطأ، أو بالأحرى، جريمة الاغتيال الإنسانى والمعنوى إذا صح التعبير، لكن ما إن قرأت تصريحات أشرف رشاد رئيس حزب مستقبل وطن، استوقفتنى الكثير من العبارات، فهو يقول مثلا إن الصورة المتداولة «لأعضاء الحزب، والمندوبين الذين سيوزعون البطاطين»، لذا وجب السؤال هنا : ولماذا يطأطئ أعضاء الحزب رءوسهم؟، لماذا ضربهم الخجل؟.

المدهش، والمثير للأعصاب فعلا، أن أشرف رشاد قال أيضا : (البطاطين والأغطية التى يوزعها الحزب فى ربوع مصر، على نفقة أعضاء الحزب)، رغم أنه قال (من يتم توزيع البطاطين عليهم هم أعضاء الحزب)، (بما يعنى أن الأعضاء اشتروا البطاطين ثم التقطوا صورا تذكارية أثناء تسلمها!!) هل من المفترض أن نفهم ذلك ؟.. أم يقصد رئيس الحزب أن من يحصل على بطانية يوقع استمارة الانضمام للحزب!!، الحقيقة كانت تصريحات أشرف رشاد متضاربة وضررها أكثر من نفعها فيما يخص المصلحة الحزبية فى ذلك الوقت.

إذا كان الهدف من النشاط الحزبى هو تحقيق التواجد بالشارع المصري، فأعمال الخير التى يقوم بها الحزب قد تكون كفيلة بانتخاب أعضائه فى الانتخابات البرلمانية، أو على الأقل تقطع ذراع المد الإخوانى والسلفى الذى انتهج نهج توزيع السلع على الغلابة، يقدم لهم السبت بالزيت والسكر، ويردون له الأحد فى صناديق الاقتراع، إذا كان هذا هو المبدأ، فليكن.. لكن بدون تصوير، فأسوأ أنواع الصدقات.. هى الصدقة التى يتبعها أذى.

أشرف رشاد قال أيضا تعليقا على الهجوم الذى تعرض له الحزب بعد نشر صور فى تلك الفعالية «فى المرات القادمة سنكون أكثر حرصًا فى عرض الصور للفعاليات حتى لا يستغلها جهلًا من يحاول تصفية حسابات سياسية شخصية»، الحقيقة هذا التعبير فى حد ذاته، مخل بالحقيقة.. فالحزب نشر الصور لاستغلالها.. والخصوم حاولوا النيل من الحزب عن طريق الصور المنشورة، وبين مستغل وآخر بقى الغلابة هم أداة للاستغلال، ورقابهم المكسورة مجرد سلم، لتحقيق انتصار حزبى.. أو النيل من الحزب.

على أشرف رشاد أن يتعلم من رئيس الجمهورية.. عليه أن يراجع لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع الفقراء والغلابة، والعجائز وذوى الهمم، فالرئيس أنقى وأكبر من أن يرصهم فى صفوف، ويمن عليهم، لتحقيق شعبية، بينما يعاملهم معاملة إنسانية كريمة، لذا تجدهم يحتضنونه ويحبونه من قلوبهم، ولا يحصلون على المنفعة ثم يدعون عليه مثلما دعوا على من فضحهم وأذلهم.

الانتصار على حساب الفقراء انتصار زائف، لا يحققه إلا أبطال من ورق، ننتظر أن يتم تحقيق انتصارات سياسية ملموسة، والعمل على قدر القيادة السياسية، بدلا من سلب عزة وعفة وكرامه أناسا لم تعطهم الدنيا سواها.