مسجد سيدي الغريب أقدم وأشهر معالم السويس (صور)

محافظات

بوابة الفجر


تشتهر محافظة السويس بأشهر معالم المدينة "الغريب" والتي سميت على مسجد سيدي عبد الله الغريب، كما أن مسجد الغريب له مكانة خاصة لدى أبناء منطقة الغريب السكنية أقدم المناطق السكنية بالسويس.

وبجانب تواجد المصلين بأعداد كبيرة في المسجد خلال شهر رمضان، فإنه أيضا في الشهور الأخرى يقبل أبناء المحافظة على ويقومون بزيارة ضريح ومولد الغريب، خاصة أن الرابط الروحى مع أهالى المحافظة بالمسجد على مدار السنوات.

الدكتور كمال بربرى، أحد علماء الأزهر بالسويس، قال إن اسم سيدى عبدالله الغريب الحقيقى هو أبويوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عماد، وكان قائدًا عسكريًا عرف بالتقوى والزهد.

وتابع "فى سنة 313 هجرية- 926 ميلادية،" اعترض القرامطة الحجيج، بعد أن أدوا الفريضة، فقطعوا عليهم الطريق، وأسروا النساء وأبناءهن، وثار الناس فى بغداد، وكسروا منابر المساجد يوم الجمعة، وصرخت النساء فى الطرقات، وطالبن بالقصاص من القرامطة، وظل مسلسل عدوان القرامطة على المدن والحجاج يتكرر كل عام، وليس هناك من يؤدبهم أو يوقفهم عند حدهم، فلم تسلم منهم مدينة، حتى مكة اعتدوا عليها وعلى مقدساتها فى سنة 317 هجرية- 929 ميلادية.

وأضاف: تتحدث الرواية الشعبية أن عبدالله المهدى (مؤسس الدولة الفاطمية)، عندما علم بنبأ مهاجمة القرامطة لمصر وللحجاج، أرسل أبا يوسف على رأس حملة عسكرية إلى مصر عام 320 هجرية، فتقدمت الحملة من القاهرة حتى بلبيس ومنها إلى القلزم، والتقى مع القرامطة فى معركة حاسمة عند القلزم، واستشهد فى المعركة ليلة الجمعة 17 من ذى القعدة عام 320 هجرية، ودفن فى الضريح الذى أقامة "السوايسة" له الآن مع أربعة من مشايخ الصوفية، الذين كانوا معه فى المعركة وهم الشيخ عمر والشيخ أبوالنور والشيخ حسين والشيخ الجنيد، لافتًا إلى أن عبدالله الغريب هو كنية الشهرة التى أطلقها أهل السويس عليه، مرجعين ذلك إلى أن البشر كلهم عبيدالله لذا فهو عبدالله، وحضر فى مهمة تتعلق بتأمين طريق حجاج البيت الحرام، أما لفظ الغريب فلكونه ليس من أبناء السويس، وإنما ترجع أصوله إلى المغرب فأصبح عبدالله الغريب.

وتابع بربرى، يطلق على المنطقة التى يوجد بها مسجد وضريح الغريب، حى الغريب، وهو من أشهر وأقدم الشوارع فى السويس ‏ويعتقد بعض المؤرخين أن سيدى الغريب هو السبب وراء تسمية القلزم بالسويس، وذلك لأنه كان ينادى على الناس أثناء معركته مع القرامطة ويقول "أقدموا سواسية ترهبون أعداء الله"، مضيفًا أن قبر القائد الفاطمى أصبح بعد وفاته مزارًا لحجاج بيت الله الحرام وبه بئر للسقاية، ومن بركات هذا المكان أنه فى حرب 1973 وعندما حاصر اليهود المدينة وقطعوا عنها المياه الحلوة من ترعة الإسماعيلية لإجبار المدينة على الاستسلام، تفجر فيها إحدى الآبار القديمة لتروى أهل السويس وأبطال المقاومة الشعبية أثناء الحصار.

وأوضح أن الخديو عباس بنى مسجدًا على قبر البطل الفاطمى، ثم قامت حكومة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتجديد المسجد وتوسعة الميدان، ونقلت للمسجد الجديد رفات الولى الصالح عبدالله الغريب وزملائه المشايخ الأربعة، وقد عثر فى قبره أثناء توسيع المسجد على لوحة رخامية كتب عليها: «بسم الله الرحمن الرحيم، اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم»، هذا قبر أبى يوسف يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عماد.

وتابع البربرى: "يتناقل أهل السويس قصة عجيبة عن نقل رفات سيدى الغريب أثناء توسعة المسجد، حيث يؤكدون أنه عند البحث عن الرفات لم يجدوا أى شىء، ما دفع البعض للتشكيك فى قصة سيدى الغريب، واعتبروها حكاية خرافية ليس لها أساس من الصحة، إلا أن القائد الفاطمى جاء فى المنام فى رؤيا للشيخ حافظ سلامة، وأخبره أنهم يحفرون فى المكان الخطأ ودله على المكان الصحيح، وبالفعل أخبر الشيخ القائمين على العمل بالمكان الصحيح، كما شاهد فى الرؤيا، فوجدوا جثمانه كما هو لم يتحلل وبجواره قدمه التى قطعت أثناء المعركة كما كان يحكى أهل السويس، واعتبر السوايسة يوم العثور على الرفات يوم عيد لهم، مؤكدين أن التراب الذى خرج من حفر قبره كانت رائحته كالمسك.

ويتابع الدكتور كمال بربرى، أما اسم السويس، فيعتقد البعض أنه جاء من نداء القائد الشهيد أبويوسف الذى كان ينادى الناس فى المعركة: "أقدموا سواسية ترهبون أعداء الله»، فكانوا الناس سواسية، ثم حرفت الكلمة إلى سوسية، وبلدهم التى يسكنوها «السويس"، ومن المعروف أن الدولة الفاطمية تأسست فى مصر 358 هجرية 969 ميلادية، واستشهاد الشيخ أبويوسف كان فى 320 هجرية، أى قبل دخول جوهر الصقلى مصر بنحو ثمانية وثلاثين عامًا، وهنا يمكن أن نفسر الأمر وفق احتمالين لا ثالث لهما، الأول أن الحشد السياسى والمعنوى والدينى الذى مارسته الدولة الفاطمية فى شمال أفريقيا حول أهمية الدفاع عن ديار المسلمين والجهاد فى سبيل الله، هو ما دفع أبويوسف أن يهاجر من شمال أفريقيا إلى مصر للدفاع عن أرض الإسلام هناك، وإن كانت البلاد تحت أيد ظالمة ومستبدة فيكون الدور الذى قام به أبويوسف دورًا فرديًا.

أما الثانى، فمن الممكن أن أبويوسف هو أحد القادة العسكريين الفاطميين، وقد تم تكليفه وبعض من مساعديه وهم الموجودون معه فى نفس الضريح بمساعدة المصريين ضد أعدائهم، ويكون ذلك مقدمة ليتعرف الناس على أخلاق الفاطميين ويترك فى أنفسهم ذكرى طيبة يمكن التعويل عليها مستقبلًا.