السياسي الفلسطيني البارز محمد دحلان قائد تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح يتحدث في حوار خاص لـ"الفجر"

عربي ودولي

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية



مصر قدمت الدم والدعم لقضيتنا.. ومواقف الرئيس السيسي  تمنحنا الأمان

أردوغان يهدد الشعوب.. ويسعى لتصدير الإرهاب إلى مصر عبر ليبيا

القيادة السياسية المصرية تبذل جهودًا خارقة لإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية

الرئيس التركي كان يسعى لحُكم مصر عبر الإخوان وستظل القاهرة أكبر حروبه

أردوغان عنصري مريض بجنون العظمة ومستعد لتحمل نفقة علاجه

تطوير وإدارة الصراع مع الاحتلال واستقلال شعبنا مسؤولية كل رئيس فلسطيني قادم

موت سليماني لن يغير سياسة طهران وهناك اتجاه لخفض التصعيد الأمريكي الإيراني

تيار الإصلاح سيبقى قوة وحدوية مقاومة للاحتلال ورافضة للانقسام 
 

حذر السياسي الفلسطيني البارز محمد دحلان، قائد تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة «فتح»، من مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسيطرة على ليبيا ونهب ثرواتها واستخدامها كبوابة لتصدير الإرهاب إلى مصر التي يعتبرها حربه الكبرى بعد أن أفشلت مخططاته حين أطاحت بحكم الإخوان المسلمين وتسببت في تهاوي قلاعهم في كل مكان، مؤكدًا أنه إذا لم ينتبه العرب وأوروبا للأطماع التركية في المنطقة فإننا سنكون في مواجهة مصيبة جدية.

"أبو فادي" الذي أصبح كابوسًا يؤرق أردوغان وأصاب الأخير بالجنون لدرجة أنه رصد مكافأة تصل قيمتها إلى 10 ملايين ليرة تركية (نحو 1.7 مليون دولار) لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض على دحلان، كشف في حوار خاص لـ"الفجر" عن سر عداء الرئيس التركي الشديد له، كما قدم رؤيته للأحداث الصعبة التي تمر بها المنطقة بداية من التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، وتهديدات جماعة الإخوان الإرهابية، والأطماع التركية في بلادنا العربية، وتطور الصراع الأمريكي الإيراني، وتأثير مقتل قاسم سليماني على سياسات إيران المستقبلية.

وإلى نص الحوار..

• ما الخطورة التي يشكلها محمد دحلان على تركيا لتضعه على قوائم المطلوبين ؟

محمد دحلان ليس في حالة عداء مع تركيا الدولة والشعب الشقيق، لكن أردوغان لديه مشكلة مع محمد دحلان لآنه يكشف خطورة أردوغان ويعري مواقفه وزيف ادعاءاته المتعلقة بالقضايا العربية عمومًا والقضية الفلسطينية على وجه التحديد، ولقد قلت سابقًا وأكرر من خلال صفحات جريدة "الفجر" المحترمة، بأني لم ولن أساوم في القضايا الوطنية والقومية، وبأني أرى في سياسات وسلوك أردوغان خطرًا وعدوانًا غير مبرر وأطماعا تسعى لنهب الثروات العربية، ولذلك أجاهر بمواقفي علنًا وعلى رؤوس الأشهاد، ولن أكون يومًا شاهد زور أو مزور للحقائق وأنا أرى أمامي شخص مسكون بالأطماع والعنصرية يهاجم ويحتل وينهب ويمنح الإرهاب الدعم والقدرات وحرية التنقل من تركيا الى سوريا وليبيا والعراق واليمن ومصر.

أما عن نشراته وقوائمه فهي في الواقع إعلانات مُضللة يخفي خلفها رغبته الحقيقية بقتل محمد دحلان لعل هذا الصوت الفلسطيني الحر يخاف ويصمت أو يخمد بالإغتيال، وأنا هنا أشفق عليه لأنه يعرف أسمي لكنه لا يعرف معدني الحقيقي.

• ما السبب وراء تهور أردوغان ليرصد 1.7 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنك؟ وكيف استقبلت الخبر؟

استخدمتي كلمة ذكية في سؤالك وهي كلمة (تهور)، نعم هو شخص عصابي مسكون بجنون العظمة، شخص عنصري يكره الآخرين وخاصة العرب والكرد، ولكل تلك الأسباب أنا اقترحت عليه أن يستفيد من ذلك المبلغ لعلاج نفسه عند أفضل الأطباء الأتراك وإذا نقص عليه شيء ولم يكن المبلغ كافيًا قد نستطيع التصرف لدعم علاجه.

هم حين يتحدثون عن معلومات ويخصصون جائزة يكذبون بحماقة لأن مكان تواجدي معروف وتنقلاتي معلنة، هم يقصدون تجنيد قتلة محترفين ومن ينجح في ذلك فله المبلغ، ورغم الحذر الواجب إلا أني في نهاية المطاف رجل مؤمن بقدرة الله وأقداره وفي صفحات نضالنا الوطني الفلسطيني كنا دومًا مشاريع شهداء نؤدي واجبنا الكفاحي دون خوف أو تفكير بالذات، ولو كان الخوف يثني محمد دحلان عن مساره لكان الأولى أن يخاف الاحتلال الإسرائيلي وجبروته، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

• كيف سترد على تهديدات أردوغان المستمرة؟

بمواصلة عمل ما أعمل، هو مستفز ومصاب بالجنون من مواقفي، وأنا اليوم أكثر تمسكًا بمواقفي الوطنية والقومية الواضحة القاطعة، أما الادعاء بأني تدخلت أو أتدخل في الشأن الداخلي التركي فهو ادعاء كاذب وعليه أن يثبت ذلك، ولقد تحديته مرارًا وتكرارًا لإثبات ذلك وفشل، لأنه في الواقع حانق من مواقفي وليس من زعم التدخل في تركيا.

• برأيك ما سر تدخل أردوغان في ليبيا بكل هذه الوقاحة ومن قبلها سوريا؟

تدخل أردوغان في ليبيا فضح دوافع تدخله في سوريا والعراق واليمن، هو أدعى وتحجج بأمن تركيا حين قام بغزو أجزاء حدودية من سوريا بحجة مواجهة الأكراد، ومثل تلك الحجة الزائفة لا تنطبق على ليبيا لا من قريب ولا من بعيد، فبين تركيا وليبيا مساحة وأراضي ومياه أوروبية واسعة تشغلها اليونان وقبرص، لكن ذلك ليس صلب الموضوع، لأن صلبه الحقيقي هو تصدير الإرهاب الى ليبيا كما صدر الإرهاب الداعشي وغير الداعشي إلى سوريا والعراق من قبل، وعلى مسؤوليتي أقول لكم بأن أردوغان يهدد الشعوب والدول بسلاحين، سلاح فيالق الإرهاب التي يقودها شخصيًا، وسلاح أفواج المهاجرين عبر البحر، لذلك يمكن تصنيفه قائدا إرهابيا من جهة، وأحد أكبر تجار البشر من جهة أخرى وتلك جريمة كبرى في القانون الدولي.

دعني أعود قليلا إلى موضوع ليبيا، وبكل وضوح هو يستهدف خمسة محاور، الأول هو سيطرة الإرهاب على ليبيا، الثاني هو تصدير الإرهاب إلى مصر، الثالث هو توظيف ورقة الإرهاب ضد تونس والجزائر لاحقًا والرابع هو توظيف المنفذ الليبي للهجرة الأفريقية غير الشرعية الى أوروبا والخامس هو السيطرة على ثروات ليبيا لعقود قادمة، وإذا لم ينتبه العرب وأوروبا لكل تلك المخاطر فإننا في مواجهة مصيبة جدية .

ومن الفخر أن نرى الأشقاء الليبين وهم يواجهون مخططات أردوغان ببطولة ويحققون انتصارات متتالية، لكن الشجاعة وحدها لا تحسم المعارك، ولابد من دعم الشعب الليبي ومده بكل سبل الصمود والنصر، ولا بد من التذكير بأن الأشقاء الليبين لم ولن ينسوا مجازر أجداد أردوغان بحق الجوازي وغيرهم.

• ما السبب وراء العداء الشديد الذي يكنه أردوغان للعرب؟ وهجومه الدائم على مصر؟

عداء أردوغان للعرب دوافعه العنصرية، هو يكره العرب ويعتبرنا مجرد عبيد ورعاع يسكنون أملاك وأراضي السلطنة العثمانية، ثم هنالك طبعا الثروات التي كان أردوغان يسعى إليها من خلال توظيف شركاته وشركات أصدقائه في العالم العربي، لقد كان يستجدي القادة العرب، بل كان يستجدي معمر وسيف القذافي لمنح تلك الشركات مشاريع في ليبيا، ولكن حين جاءت ساعة الغدر بأولياء نعمة الأمس لم يتأخر دقيقة واحدة.

أما قصته مع مصر وحقده على الشعب والجيش المصري والرئيس عبدالفتاح السيسي فهي مختلفة وأكبر بكثير، لأن مصر كسرت عنق أداة أردوغان حين أطاحت بحكم الإخوان المسلمين وبعدها تهاوت قوى وقلاع الإخوان في كل مكان، هو كان يظن بأن مصر ستضع على رأسه تاج الخلافة، ثم تبين له في 30 يونيو بأن مصر سيدة نفسها، وأنا أصارحكم بأن مصر هي كبرى حروب أردوغان ولن يبدل أو يتبدل إلا أذا هزم هزيمة ساحقة واضحة.

• لماذا يراهن أردوغان دائما على الإخوان ويقدم لهم كل سبل الدعم؟

لأنه أردوغان إخواني قلبا وقالبا، فكرا وعقيدة، هو واحد منهم، بل هو اليوم كبيرهم الذي يعلمهم السحر والإرهاب، وإذا لم يصنف كذلك فان ذلك سيقودنا الى خلل كبير في التصنيف والتقييم، لكنه أيضا يكذب على مؤسسات الدولة التركية ويدعي بأنه يوظف الإخوان في حروب المصالح، إلا أنه في الواقع يوظف الدولة التركية لصالح جماعته.

• كيف تقرأ مستقبل المنطقة بعد قاسم سليماني؟

من الخطأ الفادح الاستنتاج بأن قاسم سليماني كان هو الحد والفيصل، ما كان يجري مع قاسم سليماني سيستمر إن لم تتغير الظروف والسياسات، قاسم سليماني رغم كل بصماته الشخصية كان جنرالا في خدمة المرشد الأعلى والدولة الإيرانية، ونهايته تعني نهاية جنرال آمن بهذا المنهج وسيستبدل بغيره، أنا لا أقول ذلك للتقليل من أهمية قاسم سليماني، إنما للتذكير بقوة ودور المنهج والمؤسسات، نعم هي كانت ضربة موجعة لما كان للجنرال من مكانة في فكر وقلب المرشد الأعلى، لكن في إيران هنالك طابور من الجنرالات الجاهزين ليثبتوا للمرشد بأنهم أكثر عزما وأشد صلابة من سليماني، لكن استهدافه قد وضع المنطقة على أبواب مرحلة مفتوحة على تسويات جديدة أو تصعيد مكلف للجميع، وفي هذه المرحلة أنا أرى ميلا أمريكيا إيرانيا للسيطرة على الموقف وخفض التصعيد.

• ما تعليقكم على حضور أسماعيل هنية مراسم تشييع ودفن قاسم سليماني وكلامه من إيران؟

لحركة حماس علاقات معلنة مع إيران وقيادتها لا تخفي مستوى التحالف والتنسيق بين الطرفين وذلك أمر يخص حماس ولا أريد التعليق عليه، لكن لو كان قادة حماس قاموا بالحديث باسم حماس لقلت بأن ذلك هو موقفهم، أما أن يتم الحديث باسم الشعب أو اعتبار الجنرال سليماني شهيدا للقدس، فإن ذلك ما نختلف فيه، وفي اعتقادي مثل هذا الكلام يعطي انطباعا خاطئًا بأن فلسطين تقف مع إيران ضد العالم العربي ومصالحه وهو انطباع غير منصف ولا يعكس حقيقة مشاعر ومواقف الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا الفلسطيني.
                 
• كيف ترى دور مصر والرئيس السيسي تحديدا في دعم القضية الفلسطينية؟

بحكم الواقع، وبحكم الوعي والعاطفة ستكون شهادتي بالتأكيد حول دور مصر ودور الرئيس عبدالفتاح السيسي مجروحة، لأن مصر قدمت الدم قبل الدعم منذ عام 1948 وحتى الآن، وفلسطين ليست مجرد جار جغرافي، أو دولة شقيقة لمصر، لأن فلسطين هي أرض المقدسات، وأرض عربية ضحى فيها الجيش المصري بدماء شهداء عظام، وربما بسببها ومنها انطلقت ثورة 23 يوليو 1952.

الدور المصري كان وسيبقى محوريًا في دعم الشعب الفلسطيني وإعانته على بلوغ مبتغاه الوطني، وفي عهد وعهدة الرئيس عبدالفتاح السيسي نحن نشعر بكامل الاطمئنان، لأن مصر والرئيس السيسي لديهم ثوابت تتجسد في إقامة السلام العادل على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس، ونحن مرتاحون جدا لذلك.

هل ترى بادرة أمل لحل الخلاف بين فتح وحماس؟

لو خلصت النوايا وتحددت الأولويات الوطنية نستطيع حل الخلافات في طرفة عين ولدينا ما يكفي من وثائق ومرجعيات لتحقيق ذلك برعاية مصرية خالصة، لكن المشكلة تكمن في تصادم الأولويات مع المصالح والارتباطات.

• برأيك هل أهمل الفلسطينيين قضيتهم وانخرطوا في الانقسام الداخلي؟ 

هنالك بعض التجني في السؤال، الشعب الفلسطيني لا يتخلى أبدا عن قضيته الوطنية لينغمس في الانقسام، أما الحديث عن تناقضات القوى والفصائل فأمر آخر، وأرجو أن لا تزعلوا من كلمة (التجني) لأني قصدتها وتعمدتها عبر صحيفتكم لما لكم من جمهور واسع، فنحن نعاني من التعميم أمام الجمهور ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي، الدارج القول إن الفلسطينيين قالوا وفعلوا وقرروا دون توضيح أو تحديد جهة بعينها أمر من شأنه أن يشوش المتلقي العربي ويجرحنا نحن بلا سبب، وسأعطيك مثالًا واضحًا على ما أقول، هنالك ضباط وجنود مصريين أبطال استشهدوا في سيناء أو أخطفوا حتى الآن، لو قيل بأن أفرادا أو مجموعة فلسطينية شاركت في ذلك فلن أناقشه وأكتفي بالقول بأن الدولة المصرية هي صاحبة القول الفصل، ولكن أن نعمم ونقول بأن الفلسطينيين هم من فعلوا ذلك، ففي ذلك تعميم مجحف وظالم لا يسحقه شعبنا، لأن شعبنا يعشق مصر ويخاف عليها ويحترم الجندي المصري كاحترامه للفدائي الفلسطيني.

• يا أبو فادي أليس هناك عقلاء يلعبون دورًا في إنهاء الانقسام؟

طبعا عزيزتي هنالك عقلاء، وهناك جهود وحرص من قيادة جمهورية مصر العربية التي بذلت وتبذل جهودا خارقة لإنهاء الانقسام، وعلينا أن لا نيأس رغم كل خصام المصالح الذاتية مع الوطنية.

• هل لديك نية الترشح للرئاسة الفلسطينية ؟

عندنا مثل يقول (لما يجي الصبي نصلي على النبي)، دعينا أولًا ننتظر لنرى إن كان هناك فعلًا انتخابات فلسطينية، أم إننا في قلب مناورة إعلامية جديدة ممن يمسكون بزمام الأمور ويختطفون إصدار المراسيم الضرورية، وبعد كل ذلك سأعلن موقفي النهائي وفقا لتطور الأمور وبعد التشاور مع أخوتي في الصفين الفلسطيني والعربي.

• لو حدث ذلك.. هل ترى نفسك قادرا على حل مشاكل الشارع الفلسطيني؟

مرة أخرى أقول هذا سؤال سابق لأوانه ولكن إجمالا من سينتخب رئيسا، أنا أو غيري، فليس مهمته ولا ينبغي أن تكون الانغماس والغرق في المشكلات الداخلية أو التقييد بالتنسيق الأمني، لأن الواجب الرئيسي الذي نأمله من أي رئيس جديد هو تطوير وإدارة الصراع مع الاحتلال وتهويد القدس والاستيطان، والنضال من أجل حرية شعبنا واستقلاله الوطني.

• كيف ترى تأثير تيار الإصلاح الديموقراطي في الساحة الفلسطينية ؟

تيار الإصلاح الديموقراطي الذي أتشرف بالانتماء إليه وقيادته هو رافد رئيسي للوحدة الوطنية  ورافعة فتحاوية مقدامة متفانية من أجل تحرير أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، نحن في التيار كنا وسنبقى قوة وحدوية مقاومة للاحتلال، رافضة للانقسام والإقصاء والتهميش، وسنقول دوما ما كان يردده الشهيد القائد خليل الوزير أبو جهاد (نحن أم الولد).