يوم فى حياة مسئول سابق أيًا كان اسمه.. من دفتر أوراق شلة "الإفك"

منوعات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


 شهيرة النجار

جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجانى المقلوب، قالت يا ولدى لا تحزن هنا تقاطع صوت سيادته مع صوت عبدالحليم حافظ المنبعث من المذياع بإذاعة الأغانى المفضلة عند أهل البيت طالبا أن يتم غلق الراديو فقد أصابته كلمات الأغنية بحالة من اليأس زادت من مود الاكتئاب الذى انتابه بعد أن كان ذا جاه وسلطان يتودد له الحاقد والناقم والمحب على السواء أقل مسئول فى أجندته كان هيلمان، كانت نظرته لها مترجمون إما بإنزال الرحمة على قوم أو سحقهم وتكدير حياتهم مدى الحياة تكديرا، يردد للجميع أنا لا أعطى ذهنى وأذنى لأحد فقرارى من دماغى وليس لدى حسابات ولا أخشى أحدا وقد جئت للمنصب مرغما مش عايز مناصب أنا. كانت تلك كلماته التى لو طابقتها مع الواقع الذى عاشه ستجدها بالبلدى فنكوش وفنكوش كبير كمان قراراته من أذنه نعم وليس من عقله لأن أى حد ابن حلال يمسك أذنيه حسب الأهواء يبقى خلاص، لا يهمه أحد؟ كداب وألف كداب إنه يقرب العدو وسليط اللسان وربيب كل باب ومطبلاتية أى جالس على كرسى من كل زمان ومكان طب إيه معنى الكلام دا؟ إنه كلام للاستهلاك الإعلامى، قرر سيادته بعدما تبددت أحلامه السلطانية فى الاستمرار فى النفوذ والسلطان أن يعيش حياته الطبيعية محاولا الخروج من المود السيئ بالجلوس فى المولات أو مجالسة سيدة لطيفة أو الاتصال بمن كانوا يتوددون إليه وجالسين فى مكتبه أيام عزه ورضخ لهم محبة أو إكراها المهم رضخ لهم فآن الأوان أن يلتفوا حوله الآن ويخرجونه من حالته السيئة. اتصل بأحد هؤلاء الذين تمرمغوا فى خير سيادته رغم أنه بالبلدى اتهرى منهم مقالب وكلام قبل توليه منصبه اتصل به يالا نخرج فرد المتصل به ياريت يالا بينا نجلس فى مكان جديد خضرة وماء ووجه حسن، خرج سيادته مع شلة يتزعمها كبير المطبلاتية يفكرك كدا بدور حسن البارودى الخالد فى فيلم الزوجة الثانية ومقولته الشهيرة «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم إمضى يا أبوالعلا يا ابنى فاطنة مش ليك العمدة عايزها» وبينما الجميع جالسون فى كافيه لأحد أصدقاء كبير المطبلاتية وكان دائم التردد على مكتب سيادته أيام السلطان إذا به يقول شفت سيادتك المسئول الجديد كان فى جولة ومعاه صاحبنا فلان الفلانى بيلمع نفسه وكمان صاحبنا دخل عليه إزاى مش عارف؟ نفس الكلمتين اللى بيرددهم من ثلاثين سنة لأى جالس على الكرسى؟ كانت نبرة المتحدث للمسئول السابق بها نوع من الكيد وبالبلدى بيفرسه هنا شحب وجه المسئول وتبدلت معالمه ونظر فى الأفق البعيد يتذكر كلمات الجالس أمامه قبل شهور داخل مكتبه أيام نفوذه وهو بالبلدى بيزر فى فلان الفلانى دا الذى يصطحب المسئول الجديد فى جولاته وتذكر عندما قال له إن فلان الفلانى هذا متصاحب على رجل أعمال لم قرشين كويسين من كام رجل أعمال من الثقال وقال لهم هعمل مشروع توك توك وأخذ الفلوس وراح اشترى بها فيللا فى الساحل وأخذ فلان الفلانى يجلس معه ومعه إيس بوكس ملىء بزجاجات البيرة وقاعدين يشربوا بفلوس الناس اللى ضحك عليهم، تذكر المسئول تلك الكلمات قبل شهور فى مكتبه وكان مصدوما ليس من فلان الفلانى بل من المتحدث إزاى بيتكلم هكذا على صاحبه لأنه يعلم أنهما صديقان ومن لحظتها ملأ الحرص والرعب قلبه وعلم رسميا أن كبير المطبلاتية ليس له عزيز فلازم أى شىء يكون مجابا له حتى لا يكون ضحية وشاية منك زورا أم صدقا مطعمة بأيمان الله وحياة أسرته واللى خلفوه كلهم فهى الختم للتوثيق على أى وشاية. وبينما المسئول السابق سارح فى ملكوت الله يتذكر إذا بأحد الجالسين يقول له شفت بقا فلان الفلانى ملاصق للمسئول الجديد إزاى وبيطبل له مثلما كان يطبل لك والغريب أن سيادتك وأكيد سيادة الجديد عارفين إن عليه مديونية كام مليون للبلد طب إزاى يطلع فى الكادر وإزاى ينادى بمصلحة الوطن؟ هنا نظر المسئول السابق إليهم وعيناه قد فلت منهما نظرة الاحتقان الدفين منذ شهور قائلا لهم لو سمحتم عايز أمشى فرد عليه أحدهم تمشى إزاى يا راجل إحنا لسة خلصنا كلام شفت سنقر حلاق الصحة كان نفسه يبقى الصحة كلها ويمسك الدايرة كلها فلما منصب الصحة الكبير لم يأت له منظر اليومين دول على المنصب الكبير اللى سيادتك منظر عليه برضه، فخد بالك، سكت المسئول السابق وأخذ يحدث نفسه «آه يا ولاد.....» أكيد ذات الكلام تقولونه لسنقر حلاق الصحة مثلما تقولونه لى وتوهمونه أننى أحاربه حتى أحصل على المنصب المتبقى وأنكم على اتصال بكبار رجال الدولة ذوى القرار وأن المنصب سيكون لسنقر بس يشخشخ جيبه وأنتم أصلا أساتذة زنب ومقالب شغل عثمانة الخدامة يا أولاد.. أحمدك يا رب أننى خرجت فالعزة لك أنا العبد الذليل يا عزيز ابعدنى عنهم أنا غلطان إنى خرجت معاهم بدل ما أنبسط ينكدوا عليا طب كانوا عملوا باللى كسبوه من ورايا من أموال على حسى واسمى وأنا عامل مش واخد بالى وفجأة خرج صوت المسئول السابق قاطعا الصمت قائلا لهم بعد إذنكم أنا مروح وخرج دون أن يحاسب لأن الحساب مدفوع مقدما حتى يخرج هذا الكافيه للنور قاطعا عهدا على نفسه ألا يجلس معهم مرة أخرى، واصطحب سائقه واتجه.. كانت تلك السطور السابقة من مسرحية (شلة الإفك) التى أسطرها من وحى الخيال الآن مع مسرحية (...... وا شكر) والعين صابتنا ورب العرش نجانا وابتسم.