هل تعمل الحرب بين أمريكا وإيران على تغيير قواعد اللعبة السياسية بالعراق؟

عربي ودولي

علم أمريكا وإيران
علم أمريكا وإيران



لا يزال المشهد العراقي مستمر خاصة بعد إقتحام السفارة الأمريكية في بغداد من قبل الحشد الشعبي، وذلك بعد استهداف الولايات المتحدة لأهداف لقوات الحشد الشعبي في الأنبار، استمراراً لمسلسل الفعل ورد الفعل بين إيران وأمريكا على أرض العراق، مما يثير التساؤلات حول مستقبل الأوضاع العسكرية ومدى تأثير تلك الأعمال العسكرية على إختيار الحكومة القادمة والتظاهرات المستمرة في شوارع البلاد.

ورغم الصراع الذي تشهده المنطقة الخضراء، التي تضم السفارة الأمريكية، يراقب المتظاهرون العراقيون الرافضين لتدخل كلا من طهران وواشنطن في شؤون بلادهم.

هذا وعلق محافظ مدينة بابل صادق المدلول، إحدى المحافظات الوسطى في العراق،على الاعتصام أمام السفارة الأمريكية بالعراق، بأنه جاء عن خلفية تداعيات قامت بها القوات الأمريكيه بضرب مقرات للحشد الشعبي.

وأكد المدلول لـ"الفجر"، على أن الضربات الأمريكية حدثت بذريعه أن الحشد قام بضرب قاعده أمريكيه في كركوك، وبعد ذلك ردت القوات الأمريكية على مقرات الحشد في الأنبار.

كما قال محافظ بابل، إن التصعيد بدأ بمظاهرات أمام السفارة الأمريكية في بغداد داخل المنطقة الخضراء، ولازالت مستمرة؛ حيث يطالب المتظاهرون بـ"إخراج القوات الأمريكية من العراق".

إيران تحاول حث أمريكا لحرب ضد العراق
"تحاول جر العراق إلى حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية نيابة عن إيران" هكذا وصف الشيخ مزاحم المحويت المتحدث بأسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، الهجوم على السفارة الأمريكية ببغداد؛ حيث شارك فيها قادة عسكريين إيرانيين، وقيادات كبيرة بالحشد الشعبي مثل الخزعلي والمهندس مدفوعة من إيران، مبيناً أنهم يريدون أن يقلدوا المتظاهرين عندما أحرقوا السفارة الإيرانية.

وأكد لـ"الفجر"، على أن الميليشيات العراقية المسماة بالحشد الشعبي هي ميليشيات إرهابية ارتكبت جرائم بحق المحافظات الغربية وخلفت أكثر من ٤٧ مقبرة جماعية، مثل مقبرة في سهل نينوى قام بها اللواء 30، والذي قتل 82 شخص من النساء والأطفال، بعضهم دفن حيًا.

وأضاف المتحدث بأسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها، أن العشائر العربية دعمت الضربة الأمريكية للحشد، خاصة بعد تهديد الميليشيات للرئيس برهم صالح، بعد رفضه مرشح كتلة البناء أسعد العيداني محافظ البصرة السابق كرئيس للوزراء، عندما حاولوا فرضه على الرئيس.

كما أوضح، أن ما يحدث أكبر دليل على أن العراق بدون سيادة وتحكمه الميليشيات التي بيدها السلطة الأقوى؛ حيث نجحوا في دخول المنطقة الخضراء بمساعدة الحكومة التي فتحت الطريق لهم، لافتاً إلى وجود علاقات بين العشائر الأمريكيين، وأبلغوهم بوجود استهداف عليهم وعلى السفارة الأمريكية.

وطالب بفتح قواعد أمريكية في المناطق السنية والمناطق المتنازع عليها، وذلك لحماية تلك المناطق من العنف المحتمل التي قد تتعرض له.

الأكراد
وأفاد الملا ياسين رؤوف، ممثل الاتحاد الوطنى الكردستانى بالقاهرة، وهو حزب الرئيس العراقي برهم صالح، بأن السفير الأمريكي وطاقمه "غادروا السفارة"، مشيراً إلى أن الحشد الشعبي معتصمون أمام السفارة الأمريكية، بعد رد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه لن يكرر ما حدث في بنغازي في عهد سلفه السابق باراك أوباما.

وأكد رؤوف لـ"الفجر"، على أن الهجمات الأمريكية على الحشد الشعبي جاءت انتقاماً من قتل متعهد أمريكي بإحدى القواعد الأمريكية في كركوك، لافتاً إلى أن الوضع هادئ في إقليم كردستان العراق ولا توجد طلقة نار واحدة، وذلك لأن تمركز القوات الأمريكية الأكبر في المحافظات الغربية وأماكن تواجد داعش سابقًا.

وأضاف ممثل الاتحاد الوطنى الكردستانى بالقاهرة، أن موقف حزبه هو دعم استقرار العراق وأمنه، موضحًا أنه من الصعب على الرئيس برهم صالح حالياً السيطرة على هذا الوضع المتفلت بين الحشد الشعبي وأمريكا.

التفاوض العنيف
وعلى نفس الصعيد، أوضح عضو إعلام في البرلمان العراقي علي السامرائي، أن الهدف من المناوشات الأخيرة بين الطرفين في العراق والضربات الأمريكية، هو استخدام أوراق تفاوض بطريقة عنيفة على الساحة العراقية بشأن ملف النووي والصواريخ ودور إيران بالمنطقة، وما يجري هي عملية ضربة بضربة بعد تعرض القاعدة الأمريكية لهجوم من فصائل عراقية حليفة لإيران.

وأكد السامرائي، على أن الهجوم على السفارة الأمريكية هي محاولة لخلط الأوراق وإثارة صخب واستعراض إعلامي يحمل رسالة إيرانية بأن السفارة الأمريكية بقبضتنا، ويمكن أن نستهدفها متى نشاء وفي الزمان الذي نرغب، فضلاً عن أن الهجوم يحاول التغطية على تنامي حالة الرفض الشعبي للسياسات الإيرانية والتأثير على المظاهرات المستمرة منذ أكثر من شهرين.

وأضاف عضو إعلام البرلمان العراقي، أن "هناك مساع ومحاولات لتطويق الأزمة ومنع إتساعها، وإن الأزمة في العراق خطيرة إذا استمر التصعيد العسكري والسياسي".

وأشار السامرائي، إلى أن الموقف السني منقسم هناك أطراف تتعاطف مع إيران وأخرى تندد بالهجوم الأمريكي، فرئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، وهو من المكون السني، عبر عن موقف واضح برفض الهجوم على السفارة الأمريكية.

تصفية حسابات
"هي محاولة لتصفية حسابات امريكية ايرانية على الساحة العراقية" بتلك الكلمات وصف رئيس الحركة الوطنية المستقلة لإنقاذ العراق سمير برزنجي، الحرب بين الولايات المتحدة والحشد الشعبي، ما بين استهداف أمريكا لقوات الحشد الشعبي بالأنبار، ورد الحشد بإقتحام السفارة الأمريكية في بغداد.

وأكد برزنجي لـ"الفجر"، على أن الإضطرابات الأخيرة بين واشنطن والحشد الشعبي، ماهي إلا محاولة لإفشال الثورة الشعبية ضد الاحزاب الفاشلة التي تقود البلاد.

المتظاهرون يرفضون التدخل
وأكد المتظاهرين الموجودين في الميادين منذ شهور، على أن الموجودين حول السفارة لا ينتمون للثوار، وإنما هم أتباع إيران، مبينين أنهم لا علاقة لهم بما يحدث بالمنطقة الخضراء.

وقال طالب بكلية الهندسة بجامعة بغداد، يدعي ساجد البشير، إن الأشخاص الذين دخلوا للمنطقة الخضراء لا يمثلوا الثوار، وهم أتباع عملاء إيران كهادي العامري وقيس الخزعلي ويهتفون من أجل إيران وليس العراق.

إرسال قوات أمريكية للشرق الأوسط
وعلى جانب آخر، أوضح هشام البقلى وهو باحث بالعلاقات الدولية ومتخصص بالشأن الخليجي والإيران، أن الاحداث المتسارعه فى منطقة الشرق الأوسط تزايدت خلال الفترة الاخيرة، خاصة بعد قيام واشنطن بالاعتداء المباشر على مليشيا الحشد الشعبي التابع لايران في العراق، والرد الإيراني بالاعتداء على السفارة الأمريكية ببغداد، واحتجاز أحد السفن فى مياه الخليج.

وبين البقلي، أن وتيرة الاحداث جعلت واشنطن تتعجل أكثر فى إرسال مزيد من القوات إلى المنطقة خاصة العراق، والهدف من ذلك حماية المصالح الأمريكية فى المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص، لأنها على الحدود العراقية وهى أقرب نقطة يمكن من خلالها استهداف الحشد الشعبي داخل العراق.

وذكر لـ"الفجر"، أن واشنطن أرسلت تحذيرات إلى الجانب الإيراني خوفا من القيام بأى اعتداءات على القوات الأمريكية فى المنطقة أو تعطيل المصالح الأمريكية والإضرار بها، كما أنها رسائل إلى حلفاء واشنطن بدول الخليج تؤكد من خلالها على استمرار الدعم الأمريكي ضد التحركات الإيرانية.

كما نوه إلى أن القرار الأمريكي جاء بعد رسالة الئرسي الأمريكي دونالد ترامب، للشعب العراقي عندما قال "قد حان الوقت"، وهو يريد اليوم أن يؤكد على الدعم الأمريكي الكامل للشعب العراقي فى تقرير مصيره والتخلص من الهيمنة الإيرانية.

وفي نفس السياق، بين الدكتور إمام غريب، المتخصص في الشأن الأمريكي، أن البنتاجون الأمريكي قرر إرسال 750 جندي للعراق؛ لحماية المصالح الأمريكية، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن تشهد العراق خلال الأيام المقبلة أحداث أكثر عنفاً.

وذكر لـ"الفجر"، أن القوات التي سترسلها أمريكا قد يصل عددها إلى 5000، وسيتم نشرهم بالعراق، مشيراً إلى أكذوبة دفاع واشنطن عن حريات الشعوب، فهي تسعى في النهاية للاستيلاء على النفط الموجود في الدول التي تشد توترات.

وبين أن هناك تخوف من عودة الهجمات الإيرانية على مضيق هرمز، ولذلك سارعت بارسال قوات جديدة للشرق الأوسط، منوهاً إلى نقطة أخرى وهي رغبة ترامب في جلب مزيد من الأموال من الشرق الأوسط قبيل الانتخابات.

رد فعل الكونجرس والبنتاجون
وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جروج تاون بواشنطن الدكتور أدموند غريب، إن البنتاجون راض عن خطوة إرسال مزيد من القوات الأمريكية للشرق الأوسط، خاصة في ظل التخوف من الاستهداف الإيراني للمصالح والقوات الأمريكية بالعراق والشرق الاوسط، مبيناً أن هناك مطالبات داخل البنتاجون بضرورة وجود قوي من واشنطن على استهداف السفارة الأمريكية بالعراق.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها مطلقًا بتشكيل السياسة في أعقاب الهجوم، لأن إيران لن تصمت، وأن هناك دعوات من بعض أعضاء الكونجرس لضرورة وضع حد للحرب، التي شنها ترامب ضد إيران منذ أن انسحب من الاتفاق النووي، ويرون أن ترامب وإدارته مسئولون على الهجوم على السفارة الأمريكية ببغداد.

وقال السناتور الديمقراطي كريس مورفي، إن ترامب جعل أمريكا عاجزة في الشرق الأوسط. ولم يعد أحد يخافها أو يستمع إليها، وألقت السناتور إليزابيث وارين، والمرشحة للانتخابات الرئاسية الأمريكية باللوم على ترامب في ترك الصفقة النووية الإيرانية، وأكدت على ضرورة إنهاء الحروب الأمريكية الغير منتهية.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جروج تاون الدكتور أدموند لـ"الفجر"، أن بعض أعضاء الكونجرس أكدوا أنهم سيطلبون توضيحات من إدارة ترامب بشأن ما يحدث في بغداد، وينتظرون عودة عمل مجلس الشيوخ.