بشارة الراعي: كم من مسؤولين مولَعين بالسلطة مثل هيرودس

أقباط وكنائس

بوابة الفجر


ألقى البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرّاعي عظته من كنيسة الصَّرح البطريركيّ - بكركي اليوم الأحد وقال فيها: "يَا يُوسُف، قُمْ خُذِ الصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وَاهرُبْ بِهِ إِلَى مِصْرَ" (متى13:2) عَلِمَ هيرودس من المجوس أنَّهم أتوا من البعيد باحثين عن المولود ملك اليهود ليَسجُدوا له فاضطرب خوفًا على عرشه وقرَّرَ للحال قتله وقال لهم: عندما تجدون مكانه في بيت لحم، أخبروني لأذهَبَ أنا أيضًا وأسجُدَ له، مستعملًا هكذا حيلةَ الشَّيطان المجرِّب.

ولكن بعد أن وجدوا الطِّفل يسوع وقدَّموا له هداياهم، أُوحيَ إليهم في الحلم ألاَّ يرجِعوا إلى هيرودس، فغادروا من طريقٍ آخر عندئذٍ انكشفَتْ نوايا هيرودس الحقيقيَّة، فأمرَ بقتل جميع أطفال بيت لحم ونواحيها من عمر سنتين فما دون، غير أنَّ الله الذي يسود على تاريخ البشر، ويسهَر على حياة الأبرار، كلَّمَ يوسف في الحلم وقال له: "يا يوسف، قم خذ الصَّبيَّ وأمَّه، واهرب به إلى مصر" (متى13:2).

تابع "الراعى": يُسعِدُنا أن نحتفل معًا بهذه اللِّيتورجيَّا الإلهيَّة، لنجدِّدَ فيها إيماننا بالله وبعنايته فهو لا يترُكُ المؤمنين المخلِصِين فريسةً للأشرار، ولن يترُكَ الوطن وشعبَه سلعةً لأصحاب المصالح الخاصَّة والنَّوايا المبيَّتة لذا يجب الإصغاء لصوته وإلهاماته بموجب إرادته الخلاصيَّة كما فعَلَ مع يوسف الذي أوحَى إليه في الحلم أربع مرَّات: الأولى، ليأخُذَ مريم امرأته فهو زوجها والأب الشَّرعيُّ لابنها الإلهيّ (متى20:1)؛ الثَّانية، ليهربَ بالصَّبيِّ وأمِّه إلى مصر ليُنقِذَ حياته من قرار هيرودس (متى2:13)؛ الثَّالثة، ليعودَ بهما إلى اليهوديَّة (متى2: 19-20)؛ والرَّابعة، ليذهبَ إلى الجليل ويَسكُن في النَّاصرة (متى2: 22-23).

تابع: إنَّ هيرودس مريض الولع بالسُّلطة لم يستطع قبول ولادة ملكٍ جديد، ظنَّه على شاكلته وشاكلةِ وُلاة هذه الأرض. همُّه إقصاء الآخرين والتَّفرُّد بالسُّلطة، فأمَرَ بإبادة "جميع أطفال بيت لحم ومنطقتها من عمر سنتين فما دون" (متى16:2). ولا عجَب في ذلك، فإنَّه في آخر حياته أمر بقتل ثلاثةٍ من أولاده. ثمَّ أصدَرَ فيما بعد قرارًا بقتل الأكثر نفوذًا بين اليهود. لكنَّ وفاتَه حالت دون تطبيقه.

أختتم: كم من مسؤولين سياسيِّين مولَعين بالسُّلطة! فيَرفُضون تداولَها، وينهَجُون نهج الاقصاء والتَّفرُّد ويَعمَدون إلى القتل إمَّا الحسِّيِّ وإمَّا المعنويّ، وسلب الصِّيت الحسن، وتأجيج نار العداوة؟ لقد مَسَحَتْ دماء أطفال بيت لحم جريمةَ هيرودس، كما مَسَحَ دم المسيح ومواكب الشُّهداء عبر تاريخ الكنيسة خطايا البشريَّة جمعاء، وشرَّ الأشرار.