الكونجرس الأمريكي يكشف حقيقة الاعتراف بإبادة الأرمن

عربي ودولي

أردوغان وترامب
أردوغان وترامب


أقر مجلس الشيوخ الأمريكي بإجماع أعضائه، أن ما ارتكبه العثمانيون الأتراك بحق  الأرمن  في عام 1915 هو جريمة إبادة جماعية.

 

 وأدان الشيوخ الأمريكي  في قراره المتقدم  جريمة  الإبادة الجماعية للأرمن، كما رفض إنكارها، والأهم  اعتبر الشيوخ  الأمريكي أن ذلك  القرار يعبر عن  السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

 

لقد تضافرت جهود حثيثة، وتشابكت مبادرات عديدة قام بها الشعب الأرميني الصامد سواء في جمهورية أرمينيا، أو في الشتات الأرميني خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأثمرت هذه الجهود في النهاية، عن القرار التاريخي المتقدم  والذي سيكون- من دون شك – معلما فارقا سواء  في  القضية العادلة للشعب  الأرميني أو في العلاقات  التركية الأمريكية من جانب أخر .

 

ليس صحيحا أن  تدهور  العلاقات  التركية الأمريكية في  الفترة الأخيرة علي  خلفية ملفات شائكة خلافية بين  البلدين هي التي شكلت الزخم أو الرافعة  القوية التي جعلت غرفتي  الكونجرس الأمريكي يقرا مقل ذلك القرار التاريخي الإنساني بشجاعة وإقدام، ولكن كان الرئيس التركي – ذاته – الذي استعدي  الكافة و لم يجعل له صديق علي  وجه  المعمورة  إلا الدويلة التي انتزعها غصبا من الجمهورية القبرصية  إثر غزو و عدوان  عسكريين غير مسبوقين في التاريخ  الأوربي الحديث منذ  الحرب  العالمية  الثانية . 

 

في ذات الصدد، وبدلا من أن يتصالح النظام التركي مع دول  الإقليم ، مثلت السياسة الأردوجانية  تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام هاجسا حقيقيا ، لم  تشهده المنطقة من قبل ، فمن تآمر مع حكومة  الوفاق الليبية التي لا تتعدي سيطرتها عي الإقليم  الليبي إلا دومين العاصمة  طرابلس ، إلي تماهي بل تحالف  مع الإمارة القطرية التي تبنت سياسة التخريب و  التآمر ضد محيطها الجغرافي، وموروثها التاريخي ، ناهيك عن العدوان العسكري الغاصب  ضد سيادة الدولة السورية ، لم يلق أي تضامن من دولة  واحدة  في العالم ،فأضحت السياسة التركية ناقوسا يشنف الآذان بالجرائم  الممنهجة التي  ارتكبتها السلطنة العثمانية  في الدول  العربية علي  مدار خمسة قرون  من زمان لم  تطويه بعد  ستائر النسيان .

 

ويعكس القرار التاريخي  المتقدم لمجلس الشيوخ الأمريكي، من دون شك المبادئ الراسخة في القانون الدولي فيما يتعلق بالاعتراف بحق الضحايا وأسرهم في معرفة الحقيقة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وبالمقابل فالقرار يجعل على عاتق الولايات المتحدة  الأمريكية نشرها، باعتبارأن القرار مكون من مكونات السياسة  الخارجية للولايات المتحدة  الأمريكية ،  كما أشار القرار إلي أن الحقيقة ضرورية لاحترام كرامة الضحايا وإعادتها إليهم، وأن المصلحة الجماعية للمجتمع تتطلب فهم تاريخه حتى يتمكن من تحقيق المصالحة ويمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات.

 

وإذا كان  القرن العشرون يوسم بأنه قرن الإبادة  الجماعية، لكن الإبادة الجماعية بحق الأرمن تميزت عن غيرها، من جرائم الإبادة الجماعية الأخرى، لأنها لم   تقتصر علي نمط إبداي واحد ، ولكن  تضمنت العديد من أنماط الإبادة المختلفة، والتي تم النص عليها في اتفاقية الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية في عام 1948.

 

وتميزت الإبادة الجماعية بحق الأرمن عن غيرها، من جرائم الإبادة الجماعية الأخرى، التي ارتكبت خلال القرن العشرين، والمعروف بقرن الإبادة الجماعية، لأنها تضمنت العديد من أنماط الإبادة المختلفة، والتي تم النص عليها في اتفاقية الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية في عام 1948.

 

ولم تقتصر إبادة الأرمن على قتل الأرمن وحسب، وإنما إلحاق الأذى البدنى والنفسى الشديد بالشعب الأرميني، وفرض ظروف معيشية صعبة عليهم، يستحيل معها بقاءهم فيها.

 

الاعتراف الأخير بإبادة الأرمن من شأنه أن يحفظ ويحمي الجنس البشري كافة، دون تمييز لجماعة معينة أو إجحاف بجماعة أخري، فإماطة اللثام عن إبادة الأرمن، لا يخدم أو ينحاز لقضية بعينها أو سلالة أو عرق بشري أو جماعة دينية أو قومية بعينها وإنما يحمي ويبرز أهمية  العقاب علي ارتكاب هذه الجريمة ،فضلا عن أهمية جبر عائلات ضحايا الإبادة  الجماعية

 

وكان الإقرار بحقيقة ما جري من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، من شأنه أن يساعد على توعية الشعوب ،  وتعزيز سيادة القانون وربما ردع الانتهاكات في المستقبل، فضلا عن  أن فكرة فهم الماضي ضرورية لمنع تكراره أصبحت بديهية الآن، وهذا الدور يكتسب أعلى قدر من الفعالية والأهمية في المجتمعات التي يكون فيها الإنكار الرسمي سمة رئيسية للانتهاكات المعنية، كما الحاصل بشأن الإنكار  التركي المتواتر تجاه الإبادة  الأرمينية .

 

السياسة الممنهجة للإنكار والهروب من المسؤولية التي تنتهجها كافة الحكومات التركية وهي الحكومات التي خلفت حكومات الدولة العثمانية الطورانية، لن تفيد الطغمة الحاكمة الآن في تركيا ، والتي تؤكد أن ابادة الأرمن لم تكن إلا سياسة عامة للدولة ارتكبتها أدواتها التنفيذية وفي الصدارة منها الجيش العثماني، وارتكبت أيضا بشكل ممنهج وعلي نطاق واسع طال مليون ونصف أرمني.

 

وختاما، فعلى الحكومة التركية أن تنحاز للقيم الإنسانية وتوقر حقوق الضحايا وعائلاتهم وتسوي هذا النزاع مع الحكومة الأرمينية وفقا لقواعد القانون الدولي والعدالة.