من لندن إلى أمريكا... كيف خرجت المسلات المصرية إلى عواصم العالم؟

أخبار مصر

مسلات مصرية
مسلات مصرية


لم يكن هناك إنجاز يتم وفقًا للصدفة، خاصة في الحضارة المصرية القديمة، بل كان يتم وفقًا لحسابات دقيقة لها صلة بالفلك والمعتقد الدينى العميق..واشتهرت حضارة مصر القديمة بحضارة الإيمان بالله والبناء والحب، وقد شيد المصريون القدماء المسلات للإشارة إلى عرش الإله فى السماء حيث ترمز للشمس، وفي منتدى شباب العالم اليوم تم عرض فيلم تسجيلي؛ بحضور رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، يتحدث عن المسلات المصرية في عواصم العالم. 

ونقدم لكم خلال التقرير التالي المسلات وأماكن تواجد بعضها في العواصم العالمية.

المسلة رمز ديني
يقول مجدي اكر، كبير أثريين، للفجر، إن المسلة هي رمز ديني عند قدماء المصريين، يعبر شكلها عن هرم "بن بن" أي ذي الأضلاع الأربعة والتي تمثل أركان الدنيا الأربعة، وتتجه بشكلها الهرمي نحو الســـــماء مكونة قمة المسلة، أما جسمها فهو القائم الذى يحمله في عنان السماء ليربط بينها وبين الأرض كرمز للإيمـان، وقد أطلق المصريون القدماء اسم "تحـن" على المسلة ومعناه إصبع الشعاع المضئ، وأطلق عليها العرب اسم المسلة حيث تشبه المسلة التي كانوا يستخدمونها لحياكة ملابسهم.

وأضاف شاكر أن مصر هى أرض المسلات، وفيها عدة مسلات في معابد الكرنك والأقصر والمطرية وصان الحجر التي أقامت فيها وزارة الآثار مسلتين خلال الفترة الأخيرة، إلا أن هناك أكثر من 17 مسلة في عواصم العالم منها لندن وباريس وواشطن وموسكو واسطنبول والفاتيكان وروما وغيرها، وكلها مسلات مصرية فكيف خرجت من موطنها الأصلي ووصلت لهناك؟ 

مسلات تحتمس الثالث في لندن
وأوضح أن الملك تحتمس الثالث أقام ما لا يقل عن سبع مسلات؛ معظمها موجود الآن في عدد من عواصم العالم، منها المسلة الموجودة في لندن وهي إحـدى مسلتين كان قد أقامهما تحتمس الثالث أمام معـبد الشمس بهليوبوليس، ونقلهما مهندس إغـريقى يدعى بنتيوس إلى الإسكندرية ليتم وضعهما أمام معـبد إيزيس، وقد سقطت هذه المسلة من فوق قاعـدتها في القرن الرابع عشر الميلادي، ويقــال إن محمد علي باشا أهــداها إلى بريطانيا عام 1831م، ووصلت لنــدن في عام 1878م حيث ظلت ملقـاة على الأرض طوال ذلك الوقت لعدم التمكن من نقلها؛ حتى تكفل بتكاليف نقلها السير أرزمس ولسن، فصـنع لها سفينة خاصة لنقلها، وقد تعرضت السفينة في طريقها للعودة، للغـرق نتيجة عاصفة قامت في خليج بسكاى، ولكن تم إنقـاذ المسلة ووصلت سالمة، ومسلة لندن أصيبت بخدوش من شظايا القنابل أثناء الحرب العالمية الثانية، وهي موجودة على نهر التايمز والمعروفة باسم إبرة كليوباترا.

مسلة الملك رمسيس الثاني في باريس
أشار كبير الأثريين إلى أن للملك رمسيس كان له مسلتين أمام معبد الأقصر، وقام محمد علي باشا بإهداء اليمنى منهما إلى فرنسا وهي الآن تزين ميدان الكونكـورد في العاصمة الفرنسية باريس.

مسلة الملك تحتمس في اسطنبول
وأضاف أن مسلة أخرى موجودة حاليًا في اسطنبول، وهي إحدى مسلتين أقامهما الملك تحتمس أمام الصرح السابع (بوابة عظيمة) في معبد الكرنك وقد نقلها الإمبراطور ثيودورس عام 510 م، وفى الواقع تمثل هذه المسلة الجزء الأعلى فقط من مسلة كانت في الأصل أطول بكثير من أية مسلة موجودة الآن.

مسلة الملك تحتمس الثالث في روما
وأشار شاكر إلى أن صاحب الجلالة "تحتمس الثالث"، أمر في أواخر أيامه بإقامة تقاممسلة أمام الصرح الثامن من معابد الكرنك؛ ولكنها لم تُستكمل بسبب وفاته، وتركت في مكانها لمدة 35 عامًا، إلى أن عثر عليها تحتمس الرابع، وأقامها في المكان الذى كانت معده له؛ وتوجد الآن في روما أمام كنيسة القديس يوحنا باللاتيران.

وكان الإمبراطور قسطنطين الأكبر، قد نقل هذه المسلة التي تزن 455 طن إلى الإسكندرية عام 330 بعد الميلاد تمهيدًا لإرسالها إلى بيزنطة لتجميل عاصمته الجديدة، ولكنه فشل في نقلها، فبقيت وظلت في مكانها 27 عامًا حتى قام ابنه قسطنطنيوس بنقلها إلى روما وأقمها في ميدان ماكسيماس، وفى عام 1587م كشف عنها ووجدت محطمة إلى ثلاث قطع فتم إصلاحها وترميمها على يد دومنيكو فونتانا بأمر من البابا سكتس الخامس ونصبت في مكانها الحالي بميدان اللاتيران، كما أمر أيضًا بأن يُرفع الصليب على قمتها اعتقادا منه أن ذلك رمزًا لانتصار المسيحية على الوثنية.

مسلة الملكة حتشبسوت في فرنسا
الملكة حتشبسوت قامت بإنشاء مسلتين عظيمتين –والكلام لشاكر- من الجرانيت بأسوان، تمجيدًا للإله آمون يبلغ كل منهما نحو 35 طنًا ثم تم نقلهــما على النيل حتى طيبة (الأقصر) وأخذت المسلتان مكانهما في معبد الكرنك بالأقصر، وعند زيارة نابليون أثناء الغزو الفرنسي لمصر عام 1879م أمر بنــقل إحدى المسلات لى فرنسا.

مسلة الملكة كليوباترا في أمريكا
وختم كبير الأثريين تصريحاته للفجر قائلًا، إن مسلة الملكة كليوبترا والموجودة حاليًا في حديقة "سنترال بارك" بمدينة نيويورك، بعد افتتاح قناة السويس في العام 1869 م، حيث أعلن الخديو إسماعيل عن رغبته في إهداء مسلة مصرية الي الولايات المتحدة الأمريكية لتدعيم العلاقات التجارية المتبادلة، لكنها منحت رسميا بخطاب موقع في 1879 م من ابنه الخديوي توفيق، بعد نقلها في سفينة خاصة عبر المتوسط والمحيط الأطلسي في رحلة استغرقت نحو أربعة أشهر لنقلها من ضفة نهر هدسون إلى جزيرة ستاتون ومن ثم إلى موقعها الحالي، لافتا إلى أن مسلتي لندن ونيويورك تحويان نقوش باسم تحتمس الثالث ملك مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وعلامات أضيفت من قبل رمسيس الثاني في القرن 12 ق.م.