أحمد فتحى سرور فى حوار لـ"الفجر": أداء "النواب" مناسب للمرحلة

العدد الأسبوعي

الدكتور أحمد فتحى
الدكتور أحمد فتحى سرور


من الخطر استنساخ تشريعات دول أخرى للاستفادة من تجاربها فى معالجة مشكلاتنا

أنشأت موقعاً إلكترونياً لمكتبى بعد استخدام محتال لصورتى فى النصب على المواطنين

إصلاح القضاء يبدأ من اختيار وكلاء النيابة

رفضت قضايا لشخصيات عامة وشهيرة ولهذا السبب دافعت عن تاجر هيروين


فى منطقة جاردن سيتى، وتحديداً فى برج الصباح يوجد مكتب الدكتور أحمد فتحى سرور، أستاذ القانون الجنائى، رئيس مجلس الشعب الأسبق، الذى خاض غمار العمل السياسى منذ عشرات السنوات بجانب عمله الأكاديمى كأستاذ مخضرم فى القانون بجامعة القاهرة ولا تزال كتبه فى القانون الجنائى تدرس ليس فى الجامعات المصرية ولكن فى جامعات فرنسا، بجانب عضويته ورئاسته لجمعيات دولية مختصة بالقانون وفلسفته.

سرور لجأ للابتعاد عن الأضواء منذ سنوات بعد ثورة 25 يناير 2011، لأنه لم يعد لديه رغبة فى الظهور خصوصاً أنه ظل أحد أركان الحكم منذ توليه وزارة التربية والتعليم عام 1986، قبل أن يترأس مجلس النواب طيلة 21 عاماً تالية، ولكن «الفجر» كانت على موعد معه.

يشعر من يدخل مكتب سرور أنه داخل موسوعة قانونية فى حال قادته اللحظة إلى حوار مع الرجل حول القانون سيعرف أن الموسوعة الحقيقية موجودة حية داخل ذهن الدكتور فتحى سرور.

خلال لقاء «الفجر» مع سرور، فتحنا ملفات شديدة الحساسية خصوصاً أنه رأى الكثير سواء فى مسيرته الأكاديمية أو القانونية التى ارتدى فيها روب المحاماة وتولى الدفاع أو الادعاء فى قضايا شهيرة ومهمة أكثرها كان مثيراً للجدل سواء لعمق الموضوع الذى تتناوله أو لأن أطرافها من الشخصيات الشهيرة.

سرور مثل أى محام يفضل قضايا بعينها، وبعض الموضوعات تجعله يشعر بالإثارة ويحتشد لها ذهنه للوصول إلى خطة للدفاع إذ لا يهوى سرور القضايا التى لها جانب سياسى ربما لأن الحقيقة فيها تغيب للشعور بالتعاطف مع المتهم أو كراهية الجانى كما يكره سرور الترافع فى قضايا الآداب لأنها تمس الأخلاقيات ربما لصعوبة أن يتعاطف مع موكله فى هذه الحالة.

يرى سرور أن المحامى يجب أن يتمتع بمهارات التواصل حتى يمكنه التعامل فى المحاكم وحل قضاياه بعكس القاضى الذى يجب عليه البعد عن الاختلاط بالمواطنين حتى لا تتأثر أحكامه بالرأى العام وأن العلاقة بين القاضى والمحامى يجب أن تقوم على التكامل لا الخلاف لتحقيق العدالة الناجزة.

وسرور كشف خلال الحوار أن إيمانه ببراءة موكله وتعاطفه معه شخصياً أمران يحددان مسألة قبوله أو رفضه للترافع فى قضية أو غيرها وليس شهرة المتهم أو مركزه الاجتماعى، إذ إن الجانب الإنسانى يلعب دوراً كبيراً فى حياته الاجتماعية والشخصية.

كان معروفاً عن سرور قدرته على التحليل التى تجعله يتوقع أشياء ستحدث فى المستقبل وهى مهارة قال عنها إنه تخلى عنها ولم يعد يهتم بالتركيز فيها.. وإلى الحوار

■من الشخص الذى كان الدكتور فتحى سرور يعتبره قدوة له؟

- الدكتور محمود مصطفى، الذى كان عميداً لكلية الحقوق بجامعة القاهرة التى درست فيها القانون وهو من أقنعنى بترك عملى كوكيل للنائب العام بعد حصولى على الدكتوراه ونصحنى بالعمل كمدرس فى الكلية.

■ عملت بالقضاء، والمحاماة، أستاذاً بالجامعة وعميداً لكلية الحقوق ونائباً فى البرلمان ورئيساً له كما تقلدت منصب الوزير فأى هذه المناصب أقرب لك؟

- تظل المحاماة هى الأقرب لقلبى لأنها مهنة تجمع بين الشق القانونى والإنسانى.

■ من هم المحامين أو أساتذة الجامعات الذين تعتبرهم قامات قانونية موجودة؟

- لا أستطيع ذكر أسماء ولكن بالتأكيد يوجد قامات قانونية رفيعة فى مصر.

■ ما صحة واقعة ادعاء أحد الأشخاص أنه مدير مكتبك والنصب على مواطنين؟

- الواقعة صحيحة وهذا الشخص ادعى أيضاً أنه مدير مكتب أحد أعضاء البرلمان وهو أيضاً محام كبير وحصل من الذين خدعهم على تحويلات بريدية من 5 و10 آلاف جنيه ولم يتم القبض عليه بعد، ووصلت به الجرأة إلى وضع صورتى على موقع إلكترونى تابع له فى مناسبات مختلفة لإيهام ضحاياه بوجود علاقة تربطه بى ولهذا اضطررت إلى إنشاء موقع إلكترونى لمكتبى لكشف هذا المحتال.

■ ما رأيك فى تعديلات قانون الإجراءات الجنائية؟

-لم يتم الكشف عن مضمون ونصوص التعديلات، برغم موافقة اللجنة التشريعية عليها.

■ كيف ترى أداء مجلس النواب؟ وما مدى رضائك عنه؟

- نحن فى مرحلة بناء الدولة وطبقاً لمقتضيات ذلك فإن البرلمان يؤدى دوره وبالتالى أداؤه مناسب لطبيعة المرحلة الحالية.

■ هل هناك قوانين معينة نحن بحاجة ملحة لتغييرها؟

- التطور الاجتماعى لا حدود له ولكل مرحلة رد فعل وقانون.

■ بعض المحامين يطلق عليهم محامين المشاهير أو الأغنياء لارتفاع أتعابهم ما هو تقييمك لهذه الألقاب؟

- لا تعجبنى هذه الألفاظ وما يعجبنى أكثر لقب محامى الفقراء أو محامى المظلومين.

■ هل هناك نوع من القضايا تفضل الترافع فيها أكثر من غيرها؟

- أفضل الدعاوى التى تثير مشكلات قانونية ولهذا أحب الترافع أمام محكمة النقض وأعشق قضاياها مقارنة بغيرها؟

■ هل سبق التراجع عن الترافع فى قضية ما؟

- حدث بالفعل فى قضية بعينها ولكنى أرفض أن تتنحى المحكمة عن نظر دعوى.

■ هل سبق ورفضت تولى قضية لأحد الشخصيات الشهيرة؟

- نعم وما يحدد قبولى أو رفضى لقضية ما هو موضوعها وإيمانى بالبراءة وتعاطفى مع المتهم وليس طبيعة الشخص نفسه، ولا استطيع الكشف عن أسماء من رفضت الدفاع عنهم أو موضوع القضية لأن الأمر سر من أسرار المهنة كما لا يمكننى التحدث عن تفاصيل قضايا ترافعت فيها.

■ تحدثت كثيراً عن أهمية الجانب الإنسانى فى العمل القانونى فهل أثر هذا الجانب على قبولك قضية صغيرة خلال عملك بالمحاماة؟

- بسبب هذه الإنسانية قد يقبل المحامى الدفاع فى قضية صغيرة لشعوره بأن المتهم مظلوم، وأنه يمكنه تبرئته وبالفعل قبلت قضايا من هذا النوع لتعاطفى مع أصحابها.

■ هل سبق وترافعت فى بعض القضايا دون الحصول على أتعاب؟

- حدث هذا بالفعل فى العديد من القضايا لتعاطفى مع أصحابها.

■ هل هناك قضية كانت غريبة بالنسبة لك خلال عملك بالقانون؟

- مهنة المحاماة ممتلئة بالأسرار ولا يجوز للمحامى التحدث عن تعاملاته مع موكليه وأسرارهم لأن ذلك تجاوز لأصول المهنة.

■ ما القضية التى لا تنساها؟

- طلب منى صديق الترافع عن شقيقه المتهم بالاتجار فى مخدر الهيروين وكانت ظروفه المادية صعبة فتطوعت للدفاع لشعور صديقى بأن أخيه مظلوم وأثبت البراءة.

■ ما القضايا التى ترفض الترافع فيها؟

- أرفض الدفاع فى القضايا السياسية والقضايا الأخلاقية «الآداب».

■ هل هناك تعديل تشريعى معين ساهم بشكل كبير فى تحقيق العدالة؟

- قديما كان تطبيق المادة 17 الخاصة التى تنص حق القاضى فى تخفيف عقوبة ممنوع، ولكن المحكمة الدستورية قالت إن هذا المنع تدخل فى الوظيفة القضائية وللأسف بعض المحامين لا يعلمون بهذا النص.

■ بحكم خبرتك القانونية كيف يمكن إصلاح المنظومة القضائية خصوصاً مع تكدس القضايا وطول مدة التقاضى؟

- إصلاح النظام القضائى يتطلب العناية باختيار وتدريب من يلتحق بالأسرة القضائية وتدريبهم المستمر من خلال مركز الدراسات القضائية بجانب التخفيف من أعباء المحاكم لأنه ليس من المعقول أن يوجد فى رول محكمة النقض أكثر من 30 قضية وكذلك فى محكمة الجنايات، وتصل لـ100 قضية بالمحاكم الجزئية.

■ هل هناك تجارب دولية مشابهة يمكن الاستفادة منها؟

- كانت فرنسا تعانى من نفس الأمر والبعض هناك اقترح تصفية القضايا المعروضة على المحاكم ولكن هذا الرأى قوبل بالرفض باعتباره يضر بالعدالة وذهب رأى آخر لاقتصار القضايا التى تعرض على محكمة النقض على الموضوعات المهمة فقط وهو ما تم رفضه أيضاً واستمرت المشكلة ولكن يمكن حل الأزمة بتعيين مساعدين أكفاء للقضاة مهمتهم تجهيز الدعاوى ويمكن تأهيلهم بعد ذلك ليكونوا قضاة.

■ طالب البعض بميكنة المحاضر فهل يساعد ذلك على تحقيق العدالة الناجزة؟

- يجب العدول تماماً عن كتابة محاضر التحقيق والجلسات بخط اليد لأنه يصعب قراءتها ما يعنى غيابا للحقيقة والعدالة بالتالى ولكن الميكنة تتطلب تعيين أمين سر لديه مهارة فى التعامل مع الحاسب الآلى أو تدريبه ليعرفها.

■ هل نحن بحاجة لثورة تشريعية خاصة فى ظل تقادم بعض القوانين؟

- تعديل التشريع مرتبط بتغيير السياسة التى كان القانون يعبر عنها أو لتلبية احتياجات جديدة لا يعبر عنها التشريع القديم وأخيراً تفادى بعض النقائص أو التناقض الذى يمكن أن يصيب بعض التشريعات.

ويجب معرفة أن التشريع هو وليد المجتمع ويجب ألا يكون جامداً أو ثابتاً وإنما يتغير مع تطور المجتمع ويجب أن ينبع من احتياجاته ويتفق مع قيمه ومصالحه ومن الخطر استنساخ تشريعات دول أخرى للاستفادة من تجاربها فى معالجة مشكلات معينة.

■ تعانى مهنة المحاماة مؤخراً من مشكلات عديدة وتحديات صعبة فكيف يواجه المحامى هذه التحديات؟ وما مواصفات المحامى الناجح؟

- المحاماة مهنة مشقة تتطلب الإلمام بالتغييرات فى التشريعات ومواجهة التعقيدات والإجراءات الإدارية، والمحاماة فى نظرى تتكون من 3 أركان الأول هو العلم سواء من الناحية النظرية أو من الناحية التطبيقية، والاثنان متكاملان والمحامى الذى لا يعرف الثوابت القضائية يفشل فى القيام بعمله بالإضافة إلى القدرة على الإقناع ما يتطلب توافر الموهبة والتدريب وتعلم التفكير المنطقى، والتمتع بالقدرة على التعبير بأفضل الوسائل لفظاً وصوتاً ولا ننسى أن رجال القانون كانوا أكثر الناس قدرة على التعبير والبلاغة والأدب القضائى يتسم بالرفعة فى الأسلوب والمفردات.

■ كيف يتجنب المحامى الوقوع فى مشاكل داخل أقسام الشرطة وأروقة المحاكم خلال عمله؟

- ينبغى على المحامى أن يمتلك مهارات التواصل الاجتماعى وإذا كان من الواجب على القاضى البعد عن التواصل الاجتماعى فيجب على المحامى أن يمتلك علاقات كثيرة فى محيطه الاجتماعى والعملى دون حدوث مشاكل والقدرة على التواصل الصحيح من أهم الصفات التى يجب أن يتحلى بها المحامى وإلا كان فاشلاً.

■ كيف ترى ظاهرة محامين «بير السلم» والتى انتشرت بشكل كبير مؤخراً؟

- لا يجوز للمحامى أن يسعى للحصول على القضايا «كمحامين السلم» ويجب أن يأتى له الموكل ويقبل هو ويرفض الترافع فى قضية وسعى المحامى لتولى الدفاع فى إحدى الدعاوى أمر مرفوض ولا أقبل أن تنشب صراعات بين المحامين على القضايا.

■ ما رأيك فى لجوء بعض المحامين لطرق غير مشروعة لتبرئة موكليهم معتبرين ذلك نوع من «الشطارة» وهل من حق المحامى فعل أى شىء لتبرئة موكليه؟

- يجب على المحامى أن يلجأ فى دفاعه لوسائل مشروعة فى سبيل أداء مهمته ولو فعل غير ذلك يصبح مجرماً مثل من يدافع عنه.

■ وقعت العديد من الأزمات بين القضاة والمحامين فكيف يتفادى الطرفان ذلك؟

- لا أتصور أن تقع مشاكل بين الفريقين لأن القضاء والمحاماة شريكان فى تحقيق العدالة ويجب أن تكون علاقتهما قائمة على الاحترام المتبادل فلا عدالة دون محاماة وقضاء، ولا يجوز أن يؤدى الخلاف لنوع من التشابك وإن حدث فهذا يتعلق بسلوك بشرى وقد يحدث أيضاً لأسباب اجتماعية.