"بدأ بالحقبة الفرعونية".. قصة طب الصناعات في مصر

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"طب الصناعات والطب المهني".. هو  أحد فروع الطب المجهولة، يعمل أطباء السلامة المهنية علي ضمان أعلى معايير الصحة والسلامة في العمل، ويشمل الطب المهني عدة تخصصات: إدارة المرض، إصابة أو إعاقة التي ترتبط بمكان العمل، يجهل عشرات العمال المخاطر الصحية والبيئية التي يتعرضون لها أثناء عملهم، ويأتي دور الطب المهني لحماية صحة العمال.

وضعت الدكتورة نرمين حمدي نائب مدير المركز القومي للسموم بكلية طب قصر العيني، واستشاري طب المهني والبيئي، تعريف لطب الصناعات "أحد فروع الطب التي تهتم بالصحة المهنية والأمراض التي تسببها المهنة للعمال، ويسمى طب الصناعات حاليا "طب المهني والبيئي"، يهتم الطب المهني حاليا بالتلوثات البيئية .

تقدم كلية طب القصر العيني تخصص أكاديمي وشق علاجي، تشرح حمدي "للفجر" الدور الذي تلعبه قصر العيني "ندرس مقررات خاصة بالسلامة المهنية في مرحلة الماجستير والدكتوراة، كما نوفر شق علاجي من خلال وحدة علاج منفصلة تضم 15 سرير، وندير وحدة خاصة بمستشفى القصر العيني التعليمي الجديد "الفرنساوي" تضم وحدة اللياقة وتأهيل للعمال".

تفرق حمدي بين ثلاث تخصصات طبية: هي تخصص السموم وطب الصحة العامة وطب المهني، "السموم ليست تخصص مستقل"، ولا يوجد لها شهادة خاصة لانها تخصص مشترك بين أكثر من تخصص حيث يوجد سموم دوائية وسموم بيئية وسموم شرعية و سموم إكلينكية، ويدرس الطب المهني "السموم الإكلينيكية فقط" ، يتولى طبيب الصحة العامة وظيفة حماية صحة الأسوياء "ناس سليمة إزاي نحافظ على صحتهم".

تروي "حمدي" بداية تخصص طب الصناعات "طب الصناعات بدأ في الحقبة الفرعونية من خلال بردية أدوين سميث" المكتشف الإنجليزي" التي شرحت إصابات العمل والإصابات الصحية وقت بناء الأهرامات" ، ثم أظهرت الثورة الصناعية الحاجة إلي طب الصناعات لأن العمال تعاملوا مع مواد خام بدون حماية،" انتشر سرطان الرئة بين عمال المداخن بسبب هباب المداخن"، بينما بداية تخصص طب الصناعات في مصر عام 1919" بعد نزول جدول الأمراض المهنية التي تربط المهنة بالمرض بحيث يستطيع العامل رفع قضية والحصول علي تعويض بسبب إصابة العمل في 1919".

يعاني عمال المصانع في مصر من حالات صمم بسبب ضوضاء الآلات، لا يوجد إحصائية دقيقة عن الأمراض المهنية، أجريت دراسة علمية في 2015 ، بالاعتماد علي بيانات التامين الصحي، وكانت أكثر الأمراض شيوعيا هي مرض الصمم المهني بسبب ضوضاء بيئة العمل، ومرض التحجر الرئوي بسبب التعرض لأتربة والآلياف الصناعية، أخيرا مرض الالتهاب الكبدي الوبائي "B-C" بسبب التعرض العمال وأطقم التمريض في المستشفيات لسوائل والدم الملوث"، ولاتوجد وحدات خاصة لهذا التخصص بالمستشفيات، ويحصل العامل علي الرعاية والدعم الصحي من خلال التامين الصحي لانه يقدم 75 % من الخدمة الصحية في هذا التخصص.

تفرق "حمدي" بين تخصص "فني" السلامة والصحة المهنية، بين طبيب المهني، "فني السلامة هو خريج علوم أو مهندس أو كيميائي حاصل علي دورات فنية وتدريب في السلامة المهنية"، ويحصل علي هذه الدورات من مكانين: مكتب الأمن الصناعي، والثاني مكتب وزارة القوى العاملة، كما أن اختصاصات فني السلامة المهنية يحددها قانون 12 لسنة 2003، كما أوضح القرار الوزاري رقم 134 لسنة 2003 دور الفني في المصانع .

يحصل  الطبيب المهني علي شهادة ماجستير ودكتوراه في الطب المهني من قصر العيني أو الدمرداش أو المعهد العالي للصحة العامة، هو خريج كليات الطب وحاصل علي بكالوريورس، توجد 15 جامعة علي مستوى الجمهورية تمنح شهادات في هذا التخصص، ويلعب الطبيب المهني دور في المصانع وأماكن العمل أو أي منشأة يكون فيها العامل عرضة للمرض.

تشرح حمدي اشتراطات عامة التي تلتزم بها جميع المنشات لحماية صحة العمال سواء في مصنع أو مستشفى،  "وضع لجنة تقييم مخاطر العمل، والتعامل معها بازالة هذا الخطر أو استبدال المواد المسرطنة في العملية الصناعية بمواد أقل ضرر أو الاستغناء عن المواد الخطيرة، ولو كانت الآلة خطيرة يمكن استبدلها بروبوت، وإن كانت الآلة تصدر ضوضاء نحاول إصلاحها أو تغييرها أو نحاول عزل الضوضاء"، وتلتزم المصانع بتوفير وسائل وقاية شخصية للعامل بتوفير سماعات عازلة للضوضاء أو أقنعة واقية من الدخان أو تبديل طاقم العمل على الآلة مصدر الثلوث كل أربع ساعات بحيث تقل ساعات التعرض للخطر.

يقدم القانون المصري ضمانات خاصة لحماية صحة العامل " القانون رقم 12 لسنة 2003 يجبر صاحب العمل علي الاستعانة بطبيب في حالة وجود أكثر من 50 عامل بمحل العمل، أو الاستعانة بممرض متخصص دائم أو طبيب زائر يقدم الإسعافات الأولية للعمال بالإضافة إلي التواصل مع مركز رعاية صحية لتقديم العلاج للحالات الطارئة" ،  ترى حمدي أن المشكلة في تطبيق هذا القانون هو العامل نفسه "العامل لا يطلب حقه في الرعاية الصحية، ولايلجأ إلي القانون الإ بعد إصابته بالمرض، ويتوجه العامل إلى المحاكم العمالية للحصول علي حقه ويخضع لكشف لجنة الخبراء لتحديد حالته، لو كان المرض ضمن جدول الإمراض يحصل علي تعويض اصابة عمل" .

 يهتم طب الصناعات بالعمال، ولا يلتفت للسكان المحيطين للمصنع،" للاسف دورنا يقتصر علي العمال، السكان من حقهم يشتكوا للبيئة، حماية صحة العمال ضمن مهام وزارة البيئة بالرقابة علي المصانع ودراسة الملف البيئي للمصنع ودراسة انبعاثات التي ينتجها المصنع على التربة والمياه والبيئة المحيطة من خلال قياسات للتربة والمياه"  تتكامل وزارة القوى العاملة والبيئة في حماية صحة العمال والسكان المحيطين

نصحت حمدي العمال لمواجهة حالات التسمم بسبب العمل بضرورة الالتزام بقواعد السلامة والصحة المهنية بإرتداء الأقنعة الواقية، والسماعات العازلة للصوت "مينفعش أقول لعامل ألبس قناع عشان الدخان ويرفض علشان حران"، كما طالبت حمدي، أصحاب المصانع بحماية صحة العمال بتوفير كشف طبي دوري للعمال واتباع إجراءات السلامة المهنية .

تري حمدي، أن مصر ينتشر فيها سموم الدوائية بسبب فرط استخدام الأدوية وسموم المبيدات بسبب سوء استخدام المبيدات الحشرية والزراعية أو استخدام مبيدات مجهولة المصدر، "نحتاج في مصر إلي وعظ ديني لمنع حالات الانتحار باستخدام السموم، كما نحتاج إلي عناية أسرية وتوعية في المدارس بمخاطر المواد الكيميائية، وانصح ربات المنازل بالابتعاد عن المنظفات التي تقتل 99% من جراثيم لانها خطيرة وتسبب تسمم علي مدى الطويل".