نظرية وضعها الأجداد وورثها الأحفاد.. كيف ثبت المصريون أحجار الأهرامات؟

أخبار مصر

الاهرامات
الاهرامات


لازالت الأهرامات في مصر بعظمتها وشموخها حديث القاصي والداني، ولازالت طريقة تثبيت أحجارها الضخمة محل نقاش وبحث وجدل، واليوم بين أيدينا مفاجأة عن كيف استطاع المصري القديم تثبيت أحجار الأهرامات الضخمة.

دعونا في البدء نرى هذا المشهد "صباح مشرق قبل 5000 آلاف عام من الآن وقف المهندس أيمحتب متأملًا تصميمه على الورق، وكل من حوله يصفونه بالعبقرية، فالملك العظيم جسر نثر خت طلب منه بناء مقبرة عظيمة تليق بعظمته وأبهة ملكه، فابتكر هذا الشكل المدرج عبارة عن مصاطب بعضها فوق بعض كل واحدة تقل عن التي أسفلها مساحة، فصار الشكل مدرجًا".

الشكل غير معتاد في مصر القديمة بل هو الأول من نوعه، فكيف سيتم تثبيت هذه الأحجار بعضها ببعض، ما الذي فعله أيمحتب وعماله لإنجاز المهمة، وماذا عن الهرم الأكبر بضخامته؟، أسئلة تحتاج هنا لمتخصصين كي يجيبونا عليها، هل المصريون عرفوا نظرية تفريغ الهواء، ما هي الوسيلة التي استطاعوا أن يثبتوا بها هذه الأحجار الضخمة؟

يقول الدكتور ميسرة عبد الله أستاذ الآثار المصرية القديمة بجامعة القاهرة، لـ"الفجر"، إن بناء الأهرامات وتثبيت أحجارها الذي صنع منها أعجوبة من أعاجيب الدنيا السبع ناتج عن تضافر عدة عوامل ليس منها نظرية تفريغ الهواء.

وأكد ميسرة أن مصر لم تعرف نظرية تفريغ الهواء قبل العصر الروماني، وأحجار الأهرامات سواء زوسر أو أهرامات الجيزة العظيمة أو غيرها مثبتة بواسطة نوع من المونة البسيطة ابتكرها المصري القديم كي تساعده على تثبيت تلك الكتل الضخمة.

وأضاف ميسرة أن تلك المونة المبتكرة كونها المصري القديم من عدة مواد وهي الرمل الناعم والجبس وبودرة الحجر الجيري وخلط كل ذلك بالماء الماء بنسب معينة كافية لتحويلها لمادة تثبيت قوية، وهذا النوع من المونة معروف منذ بداية الأسرات فقد ظهر في تثبيت أرضية مقبرة الملك خع سخموي بأبيدوس منذ عصر الأسرة الثانية.

وأوضح ميسرة أنه ليست المونة فقط التي نجحت في تثبيت أحجار الأهرامات بل يوجد عوامل أخرى، منها تناسق قطع الكتل بحيث تكون مقطوعة من مصدر واحد من المحاجر

والثاني أن يكون أسلوب رص الكتل متوافقًا مع بعضه البعض بحيث تتجانس جزيئات الكتل رأسيا وأفقيا فيتلاشى الفراغ فيما بينها.

أما فعبقرية البناء الهندسية والتي استنتجت عبر سنوات من التطور الزوايا الصحيحة للهرم وكيفية تخفيف الأحمال على حجراته وغيرها من عوامل أسهب فيها أساتذة المصريات.

والمونة التي ألصقت الأحجار بعضها البعض بقيت عبر العصور وتظهر بجلاء بين الكتل وخاصة في الفراغات الرأسية، كما بقيت عبقرية الهندسة المصرية القديمة وتلك هي الأسباب التي منحته صمودًا عبر الزمن.

وأشار ميسرة أيضًا إلى أن نفس مادة التثبيت توجد فيما بين كتل أحجار المعابد الضخمة، وجدرانها، وتلك المادة بالإضافة لمهمة التثبيت هي تعمل على منع تخلل مياة الأمطار والرطوبة بين الصخور بسد الفراغات.

وهنا يأتي السؤال هل تلك المادة اللاصقة المعروفة بالمونة استخدمت في عصور أخرى؟
ومن ناحيته قال سامح الزهار الباحث في الآثار الإسلامية، إن المادة المستخدمة في لصق الأحجار في المنشآت الإسلامية، استخدم المعماري المصري مونة معروفة اصطلاحًا باسم "الملاط"، وهي تتكون من ثلاثة مواد وهي الرمل الناعم والجبس وبودرة الحجر الجيري وخلط كل ذلك بالماء الماء بنسب معينة كافية لتحويلها لمادة تثبيت قوية.

وأضاف أن تثبيت الأحجار في العمارة الإسلامية لم يعتمد على المونة فقط وإنما على وزن الحجر وطريقة نحته وتثبيته هندسيًا وتخفيف الأحمال على الجدار وعلى النوافذ والتي تدل على عبقرية هندسية مدهشة للمصريين في العصور الإسلامية، كما نرى في مدرسة السلطان أو قلعة الناصر صلاح الدين وغيرها من روائع العمارة المصرية.

ومن العرض السابق نخرج بنتيجة هامة وهي أن نفس المواد وقواعد الهندسة والبناء التي استخدمها الأجداد اتبعها الأحفاد على مر العصور وحتى بدايات العصر الحديث وهو ما يدل على وحدة الحضارة المصرية عبر العصور.