"لكل المبدعين أجنحة".. حضور "رضوى عاشور" لا يكسره الغياب (ملف خاص)

تقارير وحوارات

ريشة: عمرو عبدالعاطي
ريشة: عمرو عبدالعاطي


5 أعوام كاملة مضت على رحيل رضوى عاشور. لم تتمكن خلالها الأيام من معالجة الجرح الغائر الذي خلفه موتها في قلوب محبيها، أدركوا أن الإنسان كي يتأقلم مع الفقد يحتاج إلى فترة طويلة من أجل أن يقيم علاقة ودية معه، كان البعض يعرف أن الأسابيع الأخيرة في حياة رضوى هي أيامها الأخيرة، فالاحتمالات كلها تقول أن الجسد الواهن قد بدأ يستنفذ كل محاولات البقاء والصمود مع كثرة الخراطيم التي تتراشق صوب كل جزء فيه، رغم كل شيء كان الأمل يقوى ويشتد في أن تعود إليهم رضوى بروحها المقاتلة الشجاعة، وابتسامتها المتفائلة الطيبة، لكنها آثرت الرحيل في النهاية، لأنها ترى أن العمر حين يطول يقصر، والجسد حين يكبر يشيخ، والثمرة تستوي ناضجة ثم تفسد، وحين يقدم النسيج يهتريء.

على تخوم شعور مفعم بالفقد والحنين، نعيد سرد مرثية الرحيل لرضوى عاشور، نكشف بعضًا من سيرتها المتوارية في قلوب من أحبوها، فنجدها حية على لسان طالبتها التي احتوت شجاعتها وقرارها بترك الطب بعد دراسة دامت لـ7 سنوات، وأخرى لم يُقدر لها أن تلتقي بها وتقص عليها حكايتها فوضعتها في منديل مريمة المعقود، ومُحبة رأت أن الأيام على كثرتها لم تداو حزنها على رحيل سيدة كانت بالنسبة لها أمًا روحية، نتلمسها في إنسانية غلفت بها تعاملها مع كل من حولها فامتدت لتحتوي سعادة القسم الطيبين كما أطلقت عليهم، وفي ذرات الشوق العالق على مكتبها الذي كانت تحب أن تعانقه كلما باعدت بينهما الأيام، فلم تكن في نظر الجميع الراوية التي تكتب أدبًا، بل  الأستاذة والمناضلة والأم، التي تسع محبتها الجميع، وتمثل لهم رغم بعدها سندًا هائلًا.

أحبت السيدة راء أن تكون دائمًا مثل فراشة طليقة، تواظب على الحضور دون أن تحيا تمامًا، يداخلها رغبة متجددة في الغياب والتخفي، تموت ثم تولد من جديد. ففي هذا الملف نحكي رضوى عاشور عبر أوجه عديدة، لأن الحكاية التي تنتهي لا تنتهي، ما دامت قابلة لأن تُروى؛ هكذا قالت.