منال لاشين تكتب: أسرار وكواليس عملية البنك المركزي

مقالات الرأي



من يحكم خزائن مصر؟

كل أربع سنوات تشتعل أجواء السوق المصرفية والاقتصادية معا انتظارا لمعرفة اسم حارس خزائن مصر أو محافظ البنك المركزى. الرجل الذى سيتحكم فى البنوك والقروض وسعر الفائدة ومعدل التضخم. وربما الجديد فى هذه المرة هو أن السوق لا تنتظر رجلاً فقط، الآن هناك، ولأول مرة، مرشحات من النساء لتولى هذا المنصب الخطير. وكالمعتاد انتهت عدة أجهزة من تقاريرها حول المرشحين انتظارا لعودة الرئيس السيسى من جولته الخارجية لأنه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى هذا القرار الخطير. ربما يصدر القرار ويكشف النقاب عن المحافظ فى السنوات الأربع المقبلة سواء يوم الخميس أى يوم صدور الجورنال، أو يوم الأحد. ولذلك فلا تبحث عن اسم المحافظ الجديد فى هذا المقال، ولكننى أعدك بأن تعرف طريقه أو آلية عملية الاختيار والترشيح والاستبعاد من خلال أسرار وكواليس الأيام الأخيرة قبل إعلان اسم المحافظ. فقد جرت عملية استبعاد وزيادة أسماء فى الترشيحات وتحركات من هنا وهناك داخل وخارج البنك المركزى. ونظرا لأننا أمام معركة أو خناقة على الأسماء، فهذه الأسماء تستحق أن تكون عناوين لكل عنوان أو بالأحرى اسم قصته ونبدأ بالساكن الحالى للبنك المركزى.

1- طارق عامر

يحسب للمحافظ الحالى طارق عامر خفض سعر الدولار وزيادة الاحتياطى وأنه شريك أساسى فى عملية التفاوض مع صندوق النقد، يؤخذ عليه كثرة مشاكل مع البنوك أو بالأحرى رؤساء البنوك ومحاولاته المتكررة لاستبعاد عدد من رموز السوق المصرفية فى مصر. مرة بقراره عدم استمرار رئيس بنك بعد تسع سنوات، وهو القرار الذى أسقطته المحكمة. وكان من بين رؤساء البنوك الذى مسهم القرار المعيب هشام عز العرب أحد المرشحين لخلافة طارق. وبالمثل أحدث مشروع قانون طارق للبنوك خلافات واسعة حول بعض مواده، وهذه المواد أيضا تمس رؤساء بنوك منهم هشام عز العرب والمحافظ السابق هشام رامز. وكان طارق قد حاول استبعاد رامز من رئاسة المصرف العربى ولكنه فشل. كما أن قضية تعارض المصالح التى وصلت للبرلمان لا تمثل نقطة إيجابية فى ملف المحافظ. وتعانى البنوك من تأخر المستندات فى المركزى ومن كثرة التعليمات الشفهية وبعضها مثير للدهشة، كما أن الإطاحة بالمصرفى البارز حسن عبدالله من رئاسة البنك العرب الإفريقى قد آثار غضب رؤساء البنوك. ورغم كل ذلك يبدو أن طارق واثق من التجديد له، ولذلك غضب طارق لعدم إبلاغه حتى الأسبوع الماضى بقرار التجديد، فقرر الحصول على إجازة لمدة أسبوع بدأها يوم الأربعاء الماضى فى انتظار التجديد له. وذلك بحسب مصادرنا فى البنك المركزى التى أكدت أن طارق كان عصبيا واتخذ قرار الإجازة وهو فى قمة الغضب.

2- هشام عكاشة

هشام عكاشة رئيس البنك الأهلى وهو من الجيل الأصغر من طارق، ولكنه كان واحدا من فريق إصلاح البنك المركزى أيام الدكتور فاروق العقدة. وقد اختاره طارق عامر بنفسه نائبا له فى البنك الأهلى. وهشام من أفضل الأسماء المرشحة. إلا أنه تعرض فى الفترة الماضية لصاروخ أرض/أرض لاستبعاده من قائمة المرشحين. فقد لا يعلم الكثيرون أن هشام عكاشة هو ابن العالم والدكتور أحمد عكاشة أبو الطب النفسى فى مصر والوطن العربى. وحينما كان الدكتور أحمد يحصل على الدكتوراه تزوج من ابنة أستاذه البريطانية، وعادت معه إلى مصر. ولكنها كأى زوجة أجنبية حصلت على الجنسية المصرية طبقا للقانون منذ سنوات بعيدة. وقد استغل البعض هذه القصة للترويج بأن هشام عكاشة يفتقد إلى أحد الشروط القانونية للمنصب، وذلك فى إشارة إلى المادة (20) من قانون البنوك، وفى هذه المادة اشتراط أن يكون المحافظ من أبوين مصريين. ولكن هذا الشرط لا يعيق هشام عكاشة الذى أكرر أنه الأفضل بين المرشحين. لأن هناك طرقاً لاكتساب الجنسية ومنها الزواج من مصرى. وهشام الأقل اهتماما بهذا المنصب. ولكن إدارته للبنك الاهلى الذى يعد الذراع الاقتصادية للدولة تؤهله بجدارة لتولى المنصب.

3- هشام عز العرب

هشام عز العرب من جيل طارق عامر، واسم كبير فى عالم البنوك محليا ودوليا، وكان زميل طارق فى فريق الإصلاح الذى قاده الدكتور فاروق العقدة، ولكنه لم يكن مقربا من العقدة مثل طارق. وهشام عز العرب يترأس أهم وأكبر بنك قطاع خاص فى مصر وهو البنك التجارى الدولى وله أسهم فيه. وكانت هذه الأسهم أحد الموانع لاختياره محافظا للبنك المركزى، إلا أن عز العرب سد هذه الثغرة، فلم يكتف بنقل الأسهم إلى أسرته، ولكنه منح مسئولية إدارتها لصندوق استثمارى. وبذلك وبحسب الأعراف قطع عز العرب الصلة بينه وبين الأسهم. وانخفضت الاعتراضات المرتبطة بعلاقته بالبنك التجارى الدولى إلى حد كبير، وفجأه ظهر اعتراض آخر أو بالأحرى عفريت آخر لاستبعاد عز العرب من قائمة المرشحين، فهشام عز العرب يملك جنسية أخرى. والمثير أن بعض الوزراء يملكون جنسية أخرى، والأكثر إثارة أن قانون البنوك لم يشترط وجود جنسية واحدة لمحافظ البنك المركزى.

4- رانيا المشاط

وزيرة السياحة رانيا المشاط لمن لا يعرف واحدة من أهم الخبيرات فى المجال المالى والاقتصادى، وكانت تعمل فى مؤسسة البنك الدولى عندما اتصل بها محمود محيى الدين عارضا عليها العودة لمصر والعمل مع فريق وزير الاقتصاد فى ذلك الوقت الدكتور بطرس غالى، ولكن الدكتور فاروق العقدة أقنعها بالعمل معه فى البنك المركزى ووصلت إلى درجة وكيل المحافظ. ومن وجهة نظرى أن رانيا ظلمت كثيرا فى البنك المركزى وكانت أحق بمنصب نائب المحافظ، وعندما تكرر حرمانها من المنصب عبر ثلاثة محافظين تركت المركزى، لتتولى منصب المستشار الاقتصادى لمدير صندوق النقد. وخلال عملها فى المركزى تعرضت لمشكلات كثيرة. مرة أثير أنه التقت بالدكتور محمد البرادعى أثناء توليه منصب نائب رئيس الجمهورية، وذلك لتبرير حرمانها من منصب النائب. وتجمع رانيا ما بين الخبرة الماليه والاقتصادية، ولكن طلع عفريت السن لها. فهى صغيرة وامرأة ولم يرض الكثير العمل تحت إدارتها.

5- هالة السعيد

اختيار هالة فى نهاية المقال هو تطبيق لقاعدة ختامه مسك. الدكتورة هالة السعيد أستاذ وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. ولديها خبرة طويلة فى العمل المصرفى، وذلك من خلال عضويتها لمجلس إدارة البنك المركزى وإدارتها للمعهد المصرفى بكفاءة. ولهالة السعيد شخصية جذابة ومتوازنة جدا وتجيد التعامل مع الأشخاص والأزمات. وهالة مناسبة جدا كأول امرأة عربية تتولى منصب المحافظ، بس عفريت البنوك طال ترشحها، ولم يجد العفريت عيباً أو مشكلة فى ترشيحها، فقيل إن الملفات التى تتولاها هالة السعيد فى الحكومة والرئاسة أهم وأخطر بكثير من منصب محافظ البنك المركزى. وبحسب هذا التصور فإن هالة تتولى ملفات غير معلنة خارج نطاق وزارة التخطيط والتنمية الإدارية. وأنا لا أشك فى أهمية هالة السعيد وذكائها وكفاءتها فى الحكومة، ولكننى أشك فى أن هناك محاولة لإبعاد هالة من قائمة المرشحين لمنصب المحافظ لصالح مرشح آخر. وأن كل ما يقال فى الكواليس عن الأهمية الخاصة لهالة فى الحكومة هى قولة حق يراد بها باطل.