فادي فرنسيس.. عندما يكون النحت أجمل بالصلصال الحراري

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


 

شهور كاملة لا يترك فيها الصلصال الحراري، نشاهده يقلب العجينة الملونة بين يديه لساعات وساعات حتى يُخرج عملا فنيًا جديدًا لشخصية أخرى يضمها إلى مجموعته الكبيرة، ويواصل العمل ليصل لحلم عمره، قابلت "الفجر" فادي فرنسيس الشاب الموهوب لنرى كيف يصمم أعماله، ونروي قصة فنه المميز وبدايته لحلم صغير يشاهده يكبر أمام عينيه.




الشاب الموهوب من مواليد محافظة الأقصر، ساعدته دراسته في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، على احتراف العمل الصحفي، لكن تأثره بجمال الأقصر جعله يهتم بفن الكاريكاتير ورسم البورتريه، وشارك في معارض فنية في عدة دول أوروبية، وأسرته الفنية التي نشأ فيها حتى النخاع ساعدته في موهبته، حيث أن والدته فنانة تشكيلية، ووالده يهتم بالتصوير الفوتوغرافي، مما جعله عاشق للفن بكل أنواعه وأشكاله.


رأينا فرانسيس وهو يعمل بكل حماس، لا يحتاج لصورة يضعها أمامه لتنفيذ تماثيله، هو فقط يطلع عليها مرتين ثم يبدأ العمل بكل صبر وتركيز، ويؤمن فادي أن هناك فارق بين الفنان والحرفي، الأول يصمم عملا كالبورتيريه أي طبق الأصل، لكن الفنان يستطيع يجمع بين الاثنين، أهم شيء بالنسبة له هو التفاصيل، لا يهمه الوقت على الإطلاق، ورغم ذلك فإنه في الملامح لا يغفل التجاعيد، والعين هي أقرب للواقع، يستخدم الرموش الطبيعية المتوفرة في صالونات التجميل، والأسنان ينحتها واحدة تلو الأخرى، وربما يبدو العمل سهلا لكن مع صغر حجم التمثال يزداد صعوبة، حيث يعتمد في الأساس على الإبرة وخلة الأسنان للنحت.


منذ بداية تجربة فرانسيس في النحت صمم 45 شخصية مصرية وعالمية، من نماذج مختلفة وعديدة يراها رموزًا أثرت البشرية في مجالات مختلفة من علماء وفنانين وسياسيين ورسامين، وأدباء، وحلم فادي هو تنفيذ 100 تمثال، وإقامة معرض خاص به، ولذلك يواصل العمل 24 ساعة داخل مرسمه في منزله، يُقسم يومه بين الصحافة والرسم التقليدي والنحت.


"الرسم أهم حاجة في حياتي طول عمري".. أول جملة بدأ بها فادي حديثه، حيث بدأ الرسم من عمر 4 سنوات، كان يذهب لكلية الفنون الجميلة في الأقصر وهو في المرحلة الابتدائية. في يوم جلب له أخاه عجينة سيراميك، أجرى تجربة لأول مرة وصمم بها وجه صغير، وهنا أعجبته الفكرة وتحمس لها، مقاطع فيديو كثيرة شاهدها، وكتب أكثر عن فن النحت قرأها، ثم واتته فجأة فكرة التصميم والنحت الصلصال بالحراري، وهو في الشكل والملمس مثل الصلصال العادي، لكن الفرق الوحيد أنه يجب تسخينه قليلا في الفرن بعد عمل أي تصميم لمدة 5 دقائق تقريبا.


تماثيل منحوتة بالطين صممها فرانسيس بشكل بسيط لكن رائع ولافت، شخصيات كثيرة جدا مثل أنور السادات، عبد الناصر، بوجي وطمطم، ونجيب محفوظ، أسلوب جديد ابتكره بنفسه وهو نحت الكاريكاتير، يعمل على إخراج الشخصية بأبعاد مختلفة، الرأس كبيرة بالنسبة لحجم الجسم، فهو يضيف دوما سماته المميزة وطابعه الخاص على أعماله، حتى لو ظل يعمل ويعمل لساعات طويلة لتحقيق هدفه، وهدفه هنا ليس تصميم نسخة منحوتة طبق الأصل من الشخص المراد، لكن الأهم بالنسبة له اللمسة المختلفة والروح الطيبة للمصمم، أو كما وصفها بـ"نَفّس الفنان"، مثل الأم التي تعد الطعام لأسرتها بكل حب وتفاني.


في كل تجربة يجريها فرانسيس، يقطع عدة خطوات حتى الوصول إلى هدفه، من محاولات كثيرة لإتقان التسخين اللازم بعد تشكيل الصلصال، لأنه لو زادت درجة الحرارة على التمثال يعرضه للكسر، وفسدت نماذج عدة له في بداية الطريق حتى اكتسب خبرة كبيرة، ولم ينقطع عن تطوير أدواته ومهاراته حتى اليوم، سواء بالقراءة أو بالاطلاع أو بالدورات التدريبية المختلفة .