"كأنك ترى الصوت".. تترات إذاعة القرآن الكريم من داخل ميكروباص

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تصدح إذاعة القرآن الكريم دائمًا بتترات ثابتة لا تتغير، فصارت ملتصقة بأذهان وعقول المستمعين، يكفيهم أن يلتقطوا الكلمات الأولى حتى يكون بمقدورهم استدعاء التتر بالكامل في أذهانهم، ومن فرط التكرار والاستماع والترديد يحفظونها عن ظهر قلب، بل أصبحت مقرونة معهم بذكريات الطفولة أو الشباب، عندما كانت الإذاعة هي وسيلتهم الوحيدة في استكشاف العالم وتتبع أخباره وما يموج به من أحداث، وهو ما حاول مجموعة من الشباب إعادته إلى الأذهان مجددًا، بعدما قاموا بمحاكاة بعضًا من تترات إذاعة القرآن الكريم داخل أحد الميكروباصات، في فيديو أشاع حالة من البهجة على الكثير من الصفحات.






عقب أن أنهى هؤلاء الشباب مقابلتهم بأحد القنوات التليفزيونية، استقلوا جميعًا سيارة واحدة، فأحبوا أن يخففوا بعد المسافة بتقارب أصواتهم والتقائها في لحن واحد، فطرقت أذهانهم على الفور فكرة أن يقوموا بتقليد معلقي ومبتهلي إذاعة القرآن الكريم "الفيديو كان تلقائي جدًا من غير أي ترتيب"، يقول إسلام مسعود أحد المبتهلين في الفيديو لـ"الفجر"، والذي يرجع السبب في ذلك إلى عشقهم لبيت الإذاعة الكبير الذي تربوا بين أروقته وبرامجه، وتأثروا يمبتهليه، الذين زرعوا في قلوبهم حب الإنشاد، فتحولت الدندنة إلى فيديو تلتف فيه الأصوات جميعها في تناغم وانسجام.




يبدأ الفيديو بأن يطلق أحد الشباب العبارة الشهيرة التي تتردد دائمًا بصوت أجش بين الفقرات "إذاعة القرآن الكريم من القاهرة"، وتأكيدًا للمهمة المنوطة بها الإذاعة في وضع الناس أمام مفاهيم القرآن ومصطلحاته الغائبة عن أذهانهم والتي تعزف فيها على أوتار عدة ما بين التجويد والتفسير، فيرتل أحدهم "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا"، فيرد عليه آخر مبتهلًا "قف على سنن المختار من نسب، واجنِ البلاغة من أغصانها الذلل"، ثم يمضون في وصلة مدح للنبي وبلاغته فترتفع نبرة الصوت أكثر ويشدو أحدهم "محمد أفضل الرسل الذي شهدت بفضله أنبياء الأعصر الأول"، يعاود الجميع الالتقاء مرة أخرى مترنمين بـ"اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".





هذا اللقاء العفوي الذي تم بين هؤلاء الشباب لم يكن المرة الأولى التي ينشدون فيها سويًا، حيث أسسوا "باند إنشاد ديني" قبل سنوات. فمن خلال جامعة الأزهر التي يدرسون فيها، تعرفوا على بعضهم عبر منتخب الجامعة الذي يضم أصحاب الأصوات المميزة من الطلاب، يحكي إسلام أن ثلاثة منهم اقترحوا فكرة تأسيس الفرقة الإنشادية يلتقي فيها أكثر من صوت، وبدأوا في تكوين الفريق "بدأنا كلنا نتدرب مع بعض علشان نخلق روح ما بينا"، وهو ما تحقق لهم فيما بعد، وكان السبب في تواجدهم في حفلات داخل جامعة الأزهر وخارجها.







المحاولات التي يقوم بها الباند الذي أسسه شباب الفيديو الشهير، هو خطوة من جانبهم كي يعيدوا الإنشاد الديني إلى سابق عهده، حين كان الناس تلتف حول المبتهلين الكبار والمنشدين ويطوفون ورائهم أينما حلوا، من أجل شحن القلوب بمحب الله والرسول، ويقول الشاب العشريني إن الفيديو يقضي على دعاوى البعض بأن الإنشاد لم يعد له جمهور يهواه بنفس الصورة الذي كان عليها في الماضي "بدليل إن الفيديو جاب مشاهدات كتير"، ويؤكد على أن الناس ما زالوا يطوقون إلى الاستماع للمبتهلين، لكن الأمر مرهون من وجهة نظره؛ بالبحث عن المعاني والكلمات التي يحبها الناس، والأداء بشكل صادق دون تكلف.







التفاعل الكبير الذي حاز عليه الفيديو فور انتشاره، أصاب الشباب بحالة من البهجة والسعادة "الناس عاجبها الروح اللي كانت موجودة"، كذلك بهرهم الأداء الذي يكاد يضاهي الصوت الحقيقي للمعلقين "حسوا إنهم مشغلين الإذاعة بجد"، وهو ما حفزهم على المضي في طريقهم والحرص على عمل فيديوهات أكثر من هذا النوع، كما يحلمون بإقامة حفلات إنشادية يجوبون فيها كل ربوع مصر.