قبل "طيبة 1".. كيف دخلت مصر عالم الأقمار الصناعية؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تعتزم مصر إطلاق القمر الصناعي المصري الأول لأغراض الاتصالات " طيبة -1 "يوم 22 من نوفمبر الجاري، حيث سيتم الإطلاق بواسطة شركة "آريان سبيس" الفرنسية على صاروخ الإطلاق "آريان-5"، من قاعدة الإطلاق بمدينة " كورو" بإقليم "جويانا الفرنسية" بأمريكا الجنوبية.

وانتهت الشركة من عمليات إختبار أنظمة القمر الصناعي للتأكد من سلامتها وعدم تأثرها بعملية الشحن كما تم اختبار التوائم الميكانيكي والكهربي بين القمر وقاعدة الإطلاق المخصصة، كذلك الانتهاء من ملء خزانات الوقود التي ستمكن القمر من البقاء في الموقع المدارى المخصص له لمدة خمسة عشر عاماً، حيث سيعمل القمر على توفير خدمات الإنترنت عريض النطاق للأفراد والشركات بمصر وبعض دول شمال أفريقيا ودول حوض النيل.

وبحسب بيان للحكومة، ستتولى الحكومة المصرية عملية الإدارة والتحكم في القمر الصناعي "طيبة -1"، عقب إطلاقه لتقديم خدمات الاتصالات للمؤسسات الحكومية، كما ستقوم الشركة الوطنية المصرية بتقديم خدمة الاتصالات الفضائية للأغراض التجارية.

مصر تدخل عالم الأقمار الصناعية
وبإطلاق القمر المصري "طيبة -1" ستدخل مصر عالم الأقمار الصناعية المخصصة لأغراض الاتصالات، بما يمثل نقلة كبيرة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ويساهم في دعم جهود التنمية الشاملة والتي تنفذها الدولة على كل شبر من أرض مصر وفقاً لخطة علمية دقيقة تحقق الاستفادة والاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية والصناعية والبشرية لتوفير حياة كريمة للمواطن المصري ووضع مصر في المكانة التي تستحقها إقليمياً ودولياً.

وأطلقت مصر القمر الصناعي المصري "إيجيبت سات إيه" في الحادي والعشرين من فبراير الماضي، من قاعدة الإطلاق الفضائي الروسية "بايكونور"  بكازاخستان، والقمر الجديد يتجاوز عمره الافتراضي 11 عاما، فهو من الأقمار الكبيرة، يتميز بمواصفات فنية عالية، وقدرة ذاكرة كبيرة، وستجرى اختبارات الطيران في خلال ثلاثة شهور ومن بعدها سيتم نقل التحكم بالكامل في القمر الصناعي إلى الجانب المصري، ويزن القمر 1150 كيلوجراما وتبلغ سرعته 22 كيلومترا في الثانية ويعد أكثر الأقمار تقدما على المستوى العربي والإفريقي.

"إيجيبت سات إيه"
شهد عملية إطلاق القمر الصناعي وفد مصري رفيع المستوى برئاسة رئيس الهيئة القومية للاستشعار عن بُعد وعلوم الفضاء، ووفد روسي من وكالة الفضاء الروسية "روس كوسموس"،  ومؤسسة الصواريخ والأقمار الفضائية "إينرجيا"، التي قامت بتصنيع القمر الصناعي المصري بالتعاون مع باحثين مصريين.

مركز معلومات مجلس الوزراء المصري أوضح، في "إنفوجراف" عن القمر الصناعي المصري "إيجيبت سات A"، أن القمر الصناعي الجديد يتميز بذاكرة تسمح له بحمل كمية أكبر من المعلومات والصور، ويعتمد على تلسكوب عالي الجودة للتصوير، كما تم تزويده بمنظومة إلكترونية بصرية مطورة، وخط اتصال لاسلكي فائق السرعة، ويتمتع بخصائص أفضل بالمقارنة مع الأقمار المصرية السابقة فيما يتعلق بوحدة الاستقبال وتحسين الأنظمة البصرية الإلكترونية والمراقبة وزيادة كفاءة الخلايا الشمسية.

وأضاف أن أول صورة سيلتقطها القمر الجديد هي المنطقة الصناعية الروسية في مصر، كما سيساعد القمر الصناعي المصري في متابعة المشروعات التنموية الكبرى بالدولة، وسيوفر البيانات الفورية والدورية لرصد ومتابعة الثروات الطبيعية والمعادن والمياه السطحية والجوفية والتخطيط العمراني، ودراسة البيئة الساحلية للمزارع السمكية ومراقبة البحيرات وتنشيط الثروة السمكية، وسيتيح القمر الصناعي الجديد بيانات للتنبؤ بالأرصاد الجوية لمواجهة مخاطر الطبيعة،مثل الفيضانات والهبوط الأرضي ووضع نظم الإنذار المبكر لحماية المواطنين والمنشآت من تأثير المخاطر الطبيعية والبيئية.

أحدث جيل للأقمار الصناعية
الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، قال في تصريحات إن القمر المصري "إيجيبت سات إيه" أحدث جيل من الأقمار الصناعية في الشرق الأوسط والأقمار الصناعية الآن، وسيعتمد عليه بشكل أساسي في مجال التنمية المستدامة،  والبحث العلمي، والاستشعار عن بعد، وسيستخدم في أغراض مثل التخطيط الزراعي، والتعرف على الإنتاجية الزراعية، والرقعة المزروعة في مصر.

الهدف من هذا القمر الصناعي هو أن يسهم أيضا في وضع حلول مبكرة لتدهور الأراضي الزراعية، وهذا ينعكس بدوره على جهود التنمية والتخطيط الزراعي في مصر، كما يفيد القمر الصناعي في التعرف على الموارد المائية وحساب كمياتها وأماكن وجودها، وبالتالي التخطيط على هذا الأساس إضافة إلى التخطيط العمراني للأراضي ومواجهة مشكلات الاستيلاء عليها، وكل هذا ينعكس بشكل أساسي على حياة الناس في ظل التخطيط الجيد المبني على أسس علمية سليمة".

ومن أهم استخدامات الأقمار الصناعية حالياً هو الكشف عن الموارد المعدنية المختلفة التي تستخرج من الأرض وتزخر بها مصر، مثل الرمال البيضاء التي تستخدم في صناعة الخلايا الشمسية والرقائق الإلكترونية، والرمال السوداء التي تحتوى على مواد مشعة وتصنع لاستخدامات متعددة، تنعكس على الاقتصاد القومي للبلاد.

إلى جانب الأهداف التنموية للقمر الصناعي الجديد، هناك جانب في غاية الأهمية وهو الشق الأمني؛ إذ تعتمد معظم دول العالم حالياً على الأقمار الصناعية لمراقبة حدودها وحمايتها، ومنع التسلل غير المشروع إليها، وفي هذا فائدة عظيمة لا يمكن إغفالها فالأقمار الصناعية الآن ضرورة حتمية لتعدد مجالات استخدامها وانعكاسها بشكل أساسي على كل مجالات التنمية المستدامة".

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور خالد عبد الغفار قد عقد مؤتمراً صحفياً بشأن إطلاق مصر للقمر الصناعي الجديد وأشار فيه أيضاً إلي موافقة المجلس التنفيذي للإتحاد الإفريقي علي إستضافة مصر لوكالة الفضاء الإفريفية مؤكداً علي أن هذا القرار يعكس الثقة التامة في قدرة مصر علي توظيف الوكالة لخدمة القارة في مجالات الإستشعار عن بعد وعلوم الفضاء ودفع جهود التنمية الوطنية والإقليمية الإفريقية.

انطلاق الأقمار الصناعية العربية
وكانت السعودية أطلقت أول قمر صناعي عربي في عام 1985، وهو القمر "عرب سات إيه 1"،  بعدها أطلقت مصر القمر الصناعي "نايل سات 101" في عام 1998، ثم تلاه القمر الثاني "نايل سات 102" في أغسطس 2000 ، تلاها إطلاق الإمارات العربية المتحدة للقمر الصناعي "الثريا 1" في عام 2000، وكلها أقمار صناعية خاصة بالاتصالات والبث التلفزيوني الفضائي.

وفي عام 2001 أطلقت المغرب القمر الصناعي "زرقاء اليمامة"، وهو مختص بالاستشعار عن بعد، وتلاها إطلاق الجزائر عام 2002 القمر الصناعي "أطلس سات 1"، وبحلول عام 2014 أطلقت قطر القمر الصناعي الخاص بالبث التلفزيوني "سهيل سات 1"، و أطلقت العراق  قمرها الصناعي "دجلة سات"، وهو قمر صناعي للأغراض العلمية والبحثية.

تاريخ الأقمار الصناعية العربية ليس حديثًا، بل يعود إلى أكثر من عقود، ومنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، دخلت الدول العربية والإسلامية مضمار الأقمار الصناعية عندما أطلقت إندونيسيا قمرها الصناعي الأول "بلبا"عام 1976.