ولاء الدين بدوي يكتب: عن الأمير محمد علي توفيق في ذكرى ميلاده الـ144

بوابة الفجر





اليوم تحل علينا الدكرى الـ 144 لميلاد الأمير محمد على توفيق والذي ولد تحديدًا في نوفمبر 1875 - 18 مارس 1955، فهو صديق الفنون الإسلامية، وواحداً من أهم وأبرز أمراء الأسرة العلوية المالكة الذين أثروا الحياة الفكرية والحضارية والفنية بمصر إبان القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين.

وعاش أميراً عاشقاً للفنون الإسلامية وراعياً لها، ومغرماً بالعمارة العربية وباحثاً عنها، فخلد ذكراه بتخليده لهما.. أن ولادته كانت بقصر القبة تؤرخ بيوم الحادى عشر من شوال 1292هـ/ الموافق 9 نوفمبر 1875م.

والأمير محمد علي هو ابن الخديوي محمد توفيق باشا ابن الخديوي إسماعيل باشا، وهو الشقيق الأصغر للخديوي عباس حلمي الثاني، وابن عم ملك مصر السابق، الملك فاروق الأول.

ووالدته هي الأميرة أمينة هانم الهامى كريمة الأمير إبراهيم إلهامي باشا ابن الوالي عباس حلمي الأول ابن طوسون باشا ابن محمد على باشا، الجد الأكبر للأسرة العلوية المالكة، ولدت الأميرة أمينة فى (24 مايو 1858- 19 يونيو 1931)، وتعلمت منذ نشأتها القراءة والكتابة باللغتين العربية والتركية وآداب الدين الاسلامى فكان لذلك أثراً بالغاً فى نفوس وتربية أولادها. وفى ربوع شبابها تزوجت فى قصر القبة بالأمير محمد توفيق إبان ولايته لعهد والده الخديوي إسماعيل قبل وصوله إلى العرش بنحو ست سنوات، وتحديدًا في 15 يناير عام 1873، وكان عمرها آنذاك 15 سنة ، فكانت إحدى عرائس أفراح الأنجال وقد عرفت الأميرة أمينة الهامى باسم "الوالدة"كما لقبت على مدى حياتها بلقب "أم المحسنين"وذلك لكثرة أعمالها الخيرية وأياديها البيضاء على الفقراء والمحتاجين وكان الخديو إسماعيل قد خصص لها 600 كيس سنويـًا كمصروف شخصي لها.

وتولت الإشراف على المدارس التي كانت قد أنشأتها الأميرة بنبا قادن،ام الوالى عباس الاول؛ راصدة وقفـًا كبيرًا للإنفاق على المدارس المصرية. كما أنشأت المدارس الإلهامية الابتدائية للبنات والإلهامية الثانوية للبنين والإلهامية الصناعية، والمدرسة الإلهامية لبعث الطراز الفرعوني والإسلامي في الأثاث والزخارف، وأرسلت البعثات الدراسية على نفقتها.

وورث الخديوى توفيق عن والده الخديوى إسماعيل الأهتمام بتعليم أبنائه من الأمراء، ويتضح لنا ذلك الأهتمام من خلال ما أورده الخديوى عباس الثانى فى مذكراته.

وأرسل الخديوي توفيق بعد ذلك كلا من الأميرين عباس حلمى ومحمد علي إلى معهد هكسوس ببلدة لانسي على مقربة من جنيف بـسويسرا، ثم ألحقهما بعد ذلك بأكاديمية"التريزيانوم" فى فينا عاصمةالنمسا، وهى خاصة بتعليم أبناء الأشراف، وكان الأميران يعاملان فيها حسب القوانين المنظومة أسوة غيرهما من الطلاب وقد مكثا بها قرابة السبع سنوات.

وفى وقت لاحق، أوفد الخديوى توفيق الأميران لمقابلة ملوك أوربا، فأصبحا موضع أعجاب العالم الغربي بأسره، فأهدى ملوكه لهما العديد من الأوسمة والنياشين اعترافاً بقدرهما وسمو مكانتهما، وفى سنة 1889م، عادا إلى مصر وأستاذنا والدهما فى زيارة معرض باريس لذلك العام المذكور فأجابهما إلى ذلك، فلقيا هناك ترحاباً عظيماً، وعادا مرة ثانية بعد ذلك إلى فينا، وفى سنة 1891م، عادا إلى مصر أثناء الراحة الدراسية لهما ثم سافرا إلى فينا مرة ثالثة. وعند وفاة والدهما الخديوى توفيق فى 8 يناير 1892م، اضطر الأميران العودة إلى مصر حالاً، حيث ارتقى الخديوى عباس حلمي الثانى عرش مصر وليكون شقيقه الأمير محمد علي ولياً لعهده حتى ميلاد الأمير محمد عبد المنعم، الأبن الأكبر للخديوى عباس حلمي الثاني.

كان الأمير محمد علي، على درجة بالغة من الثقافة فكان يجيد العديد من اللغات الأوربية مثل الفرنسية والتركية الأنجليزية والألمانية وغيرهم هذا فضلاً عن اللغة العربية.

وكان أيضاً واسع الاطلاع محباً للعلم ومشجعاً له سواء كان ذلك التشجيع معنوياً عن طريق زيارته للمدارس التعليمية أو مادياً عن طريق التبرع بالأموال لتلك المدارس ووقف العديد من الأوقاف للإنفاق عليها.
عرف عن الأمير محمد علي، أنه كان مهندساً بارعاً وفارساً شجاعاً وصديق قديم للفنون الإسلامية، كما اشتهر بخبرته الواسعة بالنباتات والزهور وأقلمة النباتات، وكان يعلم جيداً أصول علم الموسيقى الشرقية والغربية، وهو ما أشادت به إحدى الصحف الأفرنجية فى ذات الوقت معبرة عن رأيها فى شخص الأمير محمد علي فأشادت بقولها "...أنه من ذوى البراعة العظيمة فى فن الرسم ومن ذوى الخبرة الواسعة فى فن الموسيقى ويخيل إلى رائيه وهو بمظهره الوقور ‏نال الأمير ثقافات عربية وأجنبية رفيعة المستوى، وكان محبًّا للفنون بكافة صورها خاصة الإسلامية منها، ومارس بنفسه بعض الفنون. وكان أحد أشهر هواة تربية الخيول العربية ذات الأنساب العريقة، وله مؤلفات في ذلك المجال.

وتولى الأمير محمد علي ولاية العهد ثلاث مرات المرة الأولى: استمرت لمدة سبع سنوات وذلك حينما تولى أخيه الأكبر عباس حلمي الثاني، الخديوية، إثر وفاة والدهما الخديوي محمد توفيق يوم الخميس 7 جمادى الآخرة سنة 1309هـ/ 7 يناير سنة 1892م. إلا أن هذه الولاية قد تحولت عن الأمير محمد علي سنة 1316هـ/ 1899م بولادة الأمير محمد عبد المنعم ابن الخديوي عباس والمناداة به ولياً للعهد.

المرة الثانية: ـ وقد استمرت لمدة خمسة عشر عاماً بدأها الأمير إثر وفاة الملك فؤاد الأول يــوم الثلاثاء 7صفر 1355هـ/ 28 أبريل 1936م والمناداة بابنه فاروق ملكاً على مصر ونحولت عنه بولادة الامير احمد فؤاد نجل الملك فاروق الأول.

أما المرة الثالثة: والأخيرة فكانت عقب إعلان ثورة يوليو 1952م، ونزول الملك فاروق عن عرش مصر والمناداة بابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني ملكاً على مصر والسودان فى 26يوليو من هذا العام ولم تستمر ولم تفعل نهائيا لوجود مجلس قيادة الثورة وخروج الامير الي سويسرا حتي وفاته.

وتوفى الأمير محمد علي سنة 1374هـ/ 18 مارس 1955م، خارج مصر بمدينة لوزان بسويسرا ، ثم أعيد جثمانه إلى أرض الوطن ليدفن فى إحدى مدافن العائلة المالكة الواقعة بشارع العفيفى بصحراء المماليك على طريق الأوتو ستراد بحي منشية ناصر، وهو المدفن المعروف باسم "قبة أفندينا".