الصلاة منفردا خلف الصف.. هل تصح؟

إسلاميات

الصلاة منفردا خلف
الصلاة منفردا خلف الصف.. هل تصح؟


هل تصحّ الصلاة منفردا خلف الصف إن لم يوجد مكان آخر بالصف الأمامي؟ وهل يجوز أن يجذب المنفرد رجلا من الصف الأمامي ليُصلّي معه؟

ردّ دار الإفتاء كالتالي

صلاة المنفرد إمّا أن ترد مطلقة أو مقيدة؛ فإن وردت مطلقة فإنها تكون في مقابلة صلاة الجماعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صَلاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الْفَذِّ -أي المنفرد- بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أمّا إذا أريد بها ما ذُكر بالسؤال فإنها تُقيّد به فيقال: صلاة المنفرد خلف الصف.

وصلاة المنفرد خلف الصف إذا كانت لعذر -كأن لم يجد مَن يصف معه- صحيحة؛ فإذا انتفى العذر فإنها تكون صحيحة مع الكراهة، وذلك لما روى البخاري عن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه: أَنّهُ انْتَهَى إِلَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وَهْوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ . فأخذ الفقهاء من ذلك عدمَ لزوم الإعادة، وأن الأمر الذي ورد في حديث وَابِصَةَ بن معبد -رضي الله عنه- عند الترمذي مِن أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- رَأَى رَجُلا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاةَ إنما هو على سبيل الاستحباب، جمعا بين الدليلين.

أما الحنابلة، فأبطلوا صلاة مَن صلّى خلف الصف وحده ركعة كاملة دون عذرٍ؛ حَملا للأمر في حديث وابِصةَ على الوجوب.

ومن لم يجد فرجة ولا سعة في الصف؛ فللفقهاء فيه مذاهب:

1- فعند المالكية وأحد قولَي الشافعية -وهو ما نص عليه الإمام الشافعي في البويطي واختاره القاضي أبو الطيب- أنه يقف منفردا خلف الصف ولا يجذب أحدا؛ لئلا يَحرِمَ غيرَه فضيلةَ الصف السابق، بل زاد المالكية أنه إن جذب أحدا فلا يطعه المجذوب، وهذا رأي الكمال بن الهمام من الحنفية.

2- أمّا عند الحنفية والصحيح عند الشافعية؛ فإنه يستحبّ أن يجذب إليه شخصا من الصف ليصطفّ معه، لكن مع مراعاة أن المجرور سيوافقه، وإلا فلا يجرّ أحدا؛ منعا للفتنة.

3- وعند الحنابلة، يقف عن يمين الإمام إن أمكنه ذلك؛ لأنه موقف الواحد، فإن لم يمكنه ذلك، فله أن ينبه رجلا من الصف ليقف معه، وإلا صلّى وحده خلف الصف، ويكره تنبيهه بجذبه، واستقبحه أحمد وإسحاق؛ لما فيه من التصرف بغير إذنه.

وبناءً على ما سبق؛ فصلاة المنفرد خلف الصف إن لم يمكنه إلا ذلك صحيحة باتفاق الفقهاء، ومَن أجاز منهم له أن يجذب رجلا من الصف أمامه، فإنما اشترط معرفة موافقة المجرور على ذلك مسبقا، ولذلك فإنا نرى قصر ذلك على هذه الحالة فقط، أمّا إن لم يعلم المنفرد خلف الصف هل يوافقه المجذوب أو لا أو علم عدم موافقته على ذلك؛ فليس له أن يجذب أحدا؛ وذلك تأدّبا مع مذهب المخالف ودرءا للفتنة .