النص الكامل لكلمة وزير الآثار أمام 600 عالم مصريات من 30 دولة بالقاهرة

أخبار مصر

بوابة الفجر


افتتح الدكتور خالد العناني وزير الاثار عصر اليوم الدورة الثانية عشر للمؤتمر الدولي لعلماء المصريات والتي تستضيفه القاهرة في الفترة من 3 إلى 8 نوفمبر2019 بحضور 600 عالم مصريات من 30 دولة.

وألقى كلمة أمام الحضور في الجلسة الافتتاحية، جاء نصها كالتالي: "إنه لمن دواعي سروري وفخري أن أتواجد بينكم اليوم في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الثاني عشر لعلماء المصريات، الذي تستضيفه مصر للمرة الرابعة في تاريخه، حيث إنعقدت دورته الأولى عام 1976 في مصر البلد التي سُمي باسمها هذا العلم الشيق، بالإضافة إلى دورتيه الخامسة عام 1988 والثامنة عام 2000. 

يُشارك في هذا الُملتقى العلمي الأبرز في العالم في هذا المجال ما يقرُب من 600 عالم وأستاذ ودارس ومحب لعلم المصريات من مصر ومن اكثر من ٣٠ دولة، يُشاركون بـ٣٧٥ ورقة بحثية من بينهم ما يقرب من ١٠٠ طالب مصري وأجنبي. 

التقينا وتجمَّعنا من كل دول العالم لغاية واحدة وهدف واحد وهو علم المصريات، لكشف ونهل المزيد من بحر أسرار أعظم وأقدم حضارات الدنيا، من خلال مناقشة محاور هامة من تاريخ مصر القديم، الطرق الحديثة المستخدمة فى أعمال الحفائر الأثرية، الأسس العلمية لإدارة المواقع الأثرية والترميم وعلوم الآثار والتكنولوجيا، المتاحف، إضافة إلى الفن والعمارة، واللغة والأدب، والمعتقدات الدينية، والحياة الاجتماعية فى مصر القديمة.

ويقيناً من الإدارة المصرية ممثلةً في وزارة الآثار بأهمية صيانة والحفاظ على هذا الإرث الحضاري الفريد، ولتعظيم الاستفادة منه، وكذلك لتقديم عناصر جذب جديدة ومتميزة لضيوف مصر من السائحين من كل دول العالم؛ اسمحوا لي أن أغتنم فرصة تشريفكم لنا للتحدث إليكم عن أهم الأحداث الأثرية التي جرت بمصر منذ انتهاء دورة المؤتمر الحادية عشر في فلورنس في أغسطس 2015. 

لقد تم خلال السنوات الماضية بفضل الله ثم بفضل دعم سياسي ومالي منقطع النظير من فخامة السيد رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء والحكومة المصرية، شهدت السنوات القليلة الماضية إنجازات كبيرة في مجال الآثار المصرية، تنوعت بين تنفيذ مشروعات متاحف وتطوير وصيانة وترميم لمواقع أثرية في مختلف محافظات مصر، كما زاد عدد البعثات الأثرية المصرية والأجنبية العاملة بمصر مما نتج عنه اكتشافات أثرية هامة.

فقد تم افتتاح عدد كبير من المتاحف مثل متحف الفن الإسلامي، متحف سوهاج القومي، متحف ملوي بالمنيا، متحف كوم أوشيم بالفيوم، المتحف الملحق بجزيرة ألفنتين، متحف طنطا، متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية، متحف السويس، متحف تل بسطا، متحف روميل ومتحف مطروح، متحف الصيد بقصر الأمير محمد علي بالمنيل، المتحف المكشوف بالمطرية، وقاعة عرض بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.

كما تقدم العمل بشكل ملحوظ بمتاحف أخرى مثل مشروع المتحف المصري الكبير والذي تبلغ تكلفته حوالي مليار دولار، وسيُمْكِنَكُمْ زيارته عصر يوم الخميس القادم، أيضاً تم استئناف العمل بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، كما أوشكنا على الانتهاء من مشروعات متاحف الغردقة، المركبات الملكية، كفر الشيخ والعاصمة الإدارية الجديدة، إضافةً إلى استئناف العمل بمُتحفيِّ شرم الشيخ والآتوني بالمنيا، ولم تغفل الوزارة المتحف المصري العريق بالقاهرة والذي يجري تطويره حالياً بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.

وعلى صعيد المواقع الأثرية، تم افتتاح مشروعات خفض منسوب المياه الجوفية بإدفو وكوم الشقافة والأوزيريون بأبيدوس وكوم امبو، وافتتاح ترميم معبد هيبس بالخارجة والعديد من مقابر سقارة والأقصر والإسكندرية، وكذلك عدد كبير من الكنائس والأديرة، والمباني الإسلامية والمساجد الأثرية والقصور من العصر الحديث، كما تم الانتهاء من مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة وتقدم العمل بشكل ملحوظ في مشروع الكشف عن طريق الكباش بالأقصر، ذلك بالإضافة إلى القيام بعدد من مشروعات إدارة المواقع الأثرية في الجيزة وسقارة والأسكندرية وأبيدوس، وفتح مقابر ومعابد وقصور ومواقع جديدة للزيارة بعد الترميم والتطوير.

وفي ذات السياق، فإن مصر تستعد خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة لافتتاح عدة مشروعات هامة أوشك العمل بها على الإنتهاء، منها مشروع ترميم هرم زوسر المُدرَّج بسقارة، متحف الغردقة، قصر البارون بمصر الجديدة، المعبد اليهودي بالأسكندرية، متحف كفر الشيخ، المرحلة الأولى من متحف شرم الشيخ، متحف المركبات الملكية، قاعتين بالمتحف القومي للحضارة المصرية هما قاعتي العرض المركزي والمومياوات الملكية والتي سيتم نقلها من مكانها الحالي بالمتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة في موكب ملكي مهيب يليق بعظمة الأجداد، وكذلك سيتم افتتاح أول مصنع للمستنسخات الأثرية، قصر محمد علي بشبرا، طريق الكباش بالأقصر، تطوير أهرامات الجيزة، ثم الحدث الثقافي الأكبر والأهم بلا شك والذي ينتظره العالم أجمع وهو الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير خلال الربع الأخير من ٢٠٢٠. 

كما حققت وزارتا الآثار والخارجية نجاحات ملحوظة في ملف استرداد الآثار المصرية المهربة، حيث استطاعتا استرداد أكثر من ألف قطعة أثرية من أكثر من ١٥ دولة، لعل من أشهرها والذي تم استرداده مؤخراً التابوت المُذهب لنجم-عنخ والمعروض حاليًا بقاعة العرض بالمتحف القومي للحضارة المصرية. 

وشهدت أيضاً الأعوام القليلة الماضية تنظيم عدة معارض آثار مصرية مؤقتة جابت العالم، باليابان وسويسرا وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا وموناكو وكازاخستان وكندا والولايات المتحدة الأمريكية. 

وعلى صعيد آخر، يُشرفني أمام حضراتكم ولأول مرة اليوم إطلاق النسخة التجريبية من الموقع الإلكتروني الجديد الخاص بآثار مصر والذي يتم إعداده بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، باللغتين العربية والإنجليزية.

السيدات والسادة علماء وباحثي وطلاب المصريات من كل دول العالم، شركاء مصر في دراسة حضارتها الفريدة: أشكركم جميعًا وأثمِّن قراركم الصائب بتخصيص أغلى ما تملكون لدراسة حضارة بلدي مصر: وهو حياتكم. 
وذلك يُشجعني ان أتحدث إليكم الآن بصفتى دارس وباحث في علم المصريات، شَرُفَ بدراسة وتدريس المصريات بالجامعات المصرية والأوروبية، والعمل بالمؤسسات العلمية و البحثية داخل مصر وخارجها، ومؤخرا بالمتاحف المصرية ووزارة الآثار؛ تلك التجارب ساعدتني على تكوين رؤية واسعة لكل شركاء العمل الأثرى؛ ولدي يقين كامل بإمكانية وضع خارطة طريق للوصول إلى شراكة حقيقية بناءة للحفاظ على آثار مصر وحضارتها وللنهوض بعلم المصريات.

إنني على يقين من أن الجمعية الدولية لعلماء المصريات وشركائنا من الباحثين في جميع أنحاء العالم يمكنهم لعب دوراً أكثر فاعلية في مساندة آثار مصر، رسميًا من خلال مؤسساتهم، أو أدبيًا، خاصةً في قضايا بيع ونهب وسرقة آثار مصر التي تباع على مرأى ومسمع من كل علماء المصريات، وللأسف بواسطة بعض المتاحف في بعض الأحيان، أو بصالات المزادات الأجنبية، دون إظهار أي سندات ملكية، لتذهب الآثار -التي تتحول إلى سلعة- لقصور بعض الأغنياء والتجار، حارمين الدارسين والزائرين والأجيال القادمة من مشاهدتها والتعرف على إرث هو ملك البشرية كلها. كنا ننتظر في مصر أي دعم معنوي أو أدبي أو رسمي من أي مؤسسة علمية أو متحف أو عالم مصريات من خلال إظهار تحفظهم أو رفضهم لو حتى ببيان صحفي أو إرسال بريد إلكتروني للوزارة للتعبير عن التضامن مع الوزارة في قضاياها المشروعة. 

نحن ننتظر ألَّا يترقب علماء ودارسو المصريات في العالم افتتاح المشروعات الأثرية في مصر لزيارتها مثلهم مثل السائحين. كما أتمنى أن يصل للوزارة بشكل يومي، من مُتخصصي وعاشقي الآثار المصرية الذين وهبوا حياتهم لها، عشرات الطلبات للمشاركة العلمية في مشروعات الآثار والمتاحف الكبرى من خلال إعداد ومراجعة البطاقات، تقديم مقترحات لسيناريو العرض بالمتاحف، أو المشاركة في إعداد المادة العلمية للموقع الإلكتروني للوزارة بكل لغات العالم. 

إن الأفكار وسُبل التعاون عديدة ولا حصر لها، لا ينقصها إلَّا الرغبة الحقيقية في التعاون - المؤسسي. ويجب ألَّا تقتصر الشراكة بيننا على العمل الأثري بمصر لعدة أسابيع كل عام، أو طلبات دراسة تُقَدَّمُ للوزارة لإجراء أعمال أو دراسات بعينها، بل لابد أن تكون الشراكة بالمعنى الحقيقى للكلمة على مدار العام. لا تنتظروا أن تطلب مصر المساندة في قضاياها المشروعة أو إسهاماتكم العلمية في مشاريعها القومية، أنتم شركائنا في هذا العلم، إجعلونا نشعر أننا أسرة واحدة كبيرة يجمعها الشغف والولع بهذه الحضارة. 
وقد يكون هذا المؤتمر الدولي الثاني عشر لعلماء المصريات فرصةً لخلق مجموعة من "مُحبي آثار مصر" المُستعدين لتقديم إسهامات علمية حقيقية ومؤثرة في مشروعات الآثار في مصر. وعلى من يرغب فى الإشتراك فى هذا الكيان، أن يقوم بملء استمارة فى وحدة التسجيل بالخارج بالمجان.

السيدات والسادة ...
تعدكم وزارة الآثار بأن تكون الدورة الثانية عشر لهذا المؤتمر في مصر مختلفةً عن كل الدورات السابقة، ويُسعد الوزارة إقامة أكثر من فاعلية للسادة المشاركين بالمؤتمر، حيث تجوب بهم تاريخ مصر الطويل بمختلف عصوره التاريخية، من خلال تنظيم ثلاث فعاليات؛ تحت سفح الهرم يوم الأحد 3/11، ويوم 7/11 بقلعة صلاح الدين، وقد حرص شركاؤنا الدائمون المُتمثلون في معاهد الآثار الأجنبية في مصر على المشاركة الفعالة مع وزارة الآثار باستضافة حفل عشاء بقصر الأمير مُحمد علي بالمنيل يوم 5/11.

وفى نهاية كلمتي أحب أن أتوجه بالشكر والإمتنان لدولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ الدكتور مُصطفى مدبولي لتفضل دولته برعاية المؤتمر وتشريفه بحضور حفل الافتتاح. 

كما اتوجه بالشكر للجنة العلمية واللجنة التنظيمية للمؤتمر على المجهود الذي بذلوه لتنظيم وإعداد هذا المؤتمر وفعالياته على خير وجه.

كما أتوجه بخالص الشكر إلى كل الرعاة الذين قاموا برعاية هذا الحدث الهام وهم: وزارة السياحة، وزراة الشباب والرياضة، وزارة البترول، وزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية، وزارة الاتصالات وشركة We للاتصالات، بنك مصر، البنك الأهلي المصري، شركة أُوراسكوم للاستثمارات، شركة ووتر واي، شركة أبركرومبي أند كنت، المجلس الثقافي البريطاني الذي وفر ترجمة حفل الافتتاح. 

وفى النهاية، أتمنى لكم مؤتمرًا علميًا ناجحًا ، وطِيب الإقامة فى بلدكم مصر، وأتمني أن ألقاكُم دائما شركاءً فاعلين وداعمين للعمل الأثري في مصر.