تقرير: الثورة في العراق تكشف عن انقسامات في طهران والنجف

عربي ودولي

بوابة الفجر


"انتفاضة شعبية" أم "مؤامرة صهيونية"؟ هذان هما العنوانان اللذان يسيطران على تحليل الانتفاضة الشعبية العراقية، الذي يدخل الآن أسبوعه الخامس من قبل رجال الدين الشيعة في إيران والعراق.

ومن النجف، اعترف علي السيستاني، أعلى سلطة شيعية في العراق، بشرعية الانتفاضة وحذر "القوى الأجنبية" غير المحددة من التوقف عن التدخل في الشؤون العراقية.

ومن طهران، ادعى علي خامنئي، "المرشد الأعلى" في إيران، أن الانتفاضة هي نتيجة "مؤامرة" من قبل أعداء الإسلام، وحث السلطات العراقية على سحقها بالقوة إذا لزم الأمر.

ورسالة السيستاني، التي قرأت خلال تجمع صلاة الجمعة في كربلاء، جنوب العراق، ولم تصل إلى حد التعبير عن التأييد الصريح للانتفاضة لكنها عبرت عن تعاطفها مع "الاحتجاجات غير العنيفة". ويجد أنصار الانتفاضة هذا الأمر أقل من توقعاتهم، ولكنهم يرحبون بدعوة السيستاني لإنهاء استخدام القوة العسكرية ضد المحتجين.

وربطت رسالة خامنئي، التي نُشرت في خطاب أمام القادة العسكريين في طهران، بين الأحداث في العراق وبين ما وصفه بـ "الأحلام الشريرة المماثلة التي كانت لديهم تجاه إيران".

وعلى الرغم من لهجتها المتحدية، فإن خطاب خامنئي يشير بوضوح إلى قلق عميق في الجمهورية الإسلامية. والتقارير الأولية بأن اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس المسؤول عن تصدير الثورة،

وقد زار بغداد لتنسيق خطط لسحق الانتفاضة، وقد تم توزيعها من قبل الدوائر الرسمية في طهران. ومع ذلك، فقد تحطمت بسرعة عندما أدرك صناع السياسة خطر تجاوز إيران قدراتها الحقيقية في العراق.

والعراق هو الأقرب إلى إيران لعدد من الأسباب، لديها أطول الحدود، 1425 كيلومتر، بين جميع جيران إيران الـ 15. كما أن العراق موطن لثالث أكبر مجتمع شيعي في العالم بعد إيران والهند. والأكراد العراقيين، الذين يمثلون أقل بقليل من 20 في المائة من السكان، كانت دائمًا ما يرون من قبل إيران، التي تعد موطنًا لنحو 5 ملايين كردي.

وجميع القبائل الإيرانية - العربية تقريبا في جنوب غرب إيران لها فروع على الجانب الآخر من الحدود مع العراق. وأن وجود أكثر من مليوني لاجئ عراقي في إيران، طردهم صدام حسين على مدى ثلاثة عقود، يعني أن العديد من العراقيين، بمن فيهم بعضهم الآن في مناصب سياسية وعسكرية عليا في بغداد، يحملون الجنسية الإيرانية العراقية المزدوجة.

ويعيش حوالي 90٪ من العراقيين داخل دائرة نصف قطرها 100 كيلومتر من الحدود مع إيران. في كل عام يسافر ما يقدر بنحو 12 مليون إيراني إلى العراق للحج إلى المدن المقدسة، بينما يعمل أكثر من 10 آلاف رجل دين إيراني، بمن فيهم السيستاني نفسه، من قواعد في النجف وكربلاء وبغداد.

في العامين الماضيين، ازدادت أهمية العراق بالنسبة لإيران لسبب آخر: إعادة فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للعقوبات التي علقها سلفه باراك أوباما. وتؤكد مصادر موثوقة في طهران أن العراق هو الآن المكان الرئيسي لعمليات خرق العقوبات من قبل إيران.

وخسارة العراق تلوح في الأفق باعتبارها مصدر قلق كبير للنخبة الحاكمة في الخميني. وقيام عراق ناجح بدون "ولاية الفقيه" من شأنه أن يخترق الزعم بأن الشيعة يجب أن يعيشوا في ظل نظام الخامينئي.

وهذا من شأنه أن يعزز موقف غالبية رجال الدين الشيعة في كل من إيران والعراق الذين يعتقدون أن التورط في الحكومة لا يصب في مصلحة الإيمان.

ويعتقد بعض كبار رجال الدين، وخاصة محمد جواد علوي بروجردي، أنه يجب على رجال الدين أن يستأنفوا دورهم التقليدي باعتباره "ضمير المجتمع وليس حكامه".

يبقى الشعار الرئيسي في شوارع العراق: نريد دولة محترمة وشعبا يتمتع بالكرامة.