كاتبة إسرائيلية: السلام بين مصر وتل أبيب تسببت فى زيادة شعور الكراهية ضد الصهيونية

العدو الصهيوني

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


أشارت روت فايس الكاتبة والمحاضرة الإسرائيلية، فى أحد فصول كتابها الجديد "تناقض السياسة اليهودية""، إلى طريقة تعامل رجال السياسة فى إسرائيل مع أهم موقف تعرضت له البلاد منذ إنشاؤها قبل 71 عام، إلا وهو زيارة الرئيس السادات للقدس يوم 19 نوفمبر عام 1977.

وروت الكاتبة الإسرائليية، أن هذا اليوم التاريخى كان الاحتفال فيه أشبه باستقبال نزول ملك من السماء وهو على ظهر بساط الريح، ويومها وقف جميع رجال السياسة فى إسرائيل، سواء السابقين أو المعاصرين وقتها، لاستقبال الرئيس المصرى، وفى اليوم التالى، هتف بأسمه الأف الإسرائيليين الذين اكتظوا فى الشوارع للاحتفال به، أثناء توجهه للقدس، لإلقاء خطابه التاريخى.

وقامت الصحف الإسرائيلية وقتها، بنشر مانشيتات باللغة العربية لأول مرة، للترحيب بالسادات، واقترح مشجعو كرة القدم، تنظيم مباراة تجمع المنتخبين المصرى والإسرائيلى، وخصصت الإذاعة العبرية معظم وقتها، لبث أغانى مصرية، يومها كان يوم وقوع الشعب الإسرائيلى فى حب عدوه _حسب قولها.

إلا أن النشوة المصاحبة لزيارة السادات، تلاشت بسرعة، وكانت زيارة رئيس الحكومة "مناحم بيجن" لمصر فى شهر ديسمبر 1977، وكانها أقيمت فى كوكب أخر، فلم تتواجد الجماهير فى الشوارع، للهتاف لبيجن، ولم يتم تعليق الاعلام الإسرائيلية فى الشوارع، بل قام السادات يومها أيضًا، بإرسال نائبه حسنى مبارك، لاستقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية فى المطار، وهو ما تحدث عنه وزير الدفاع وقتها "عيزر فايتسمان"، الذى أشار إلى تجاهل بيجن بشكل تام أثناء وجوده فى القاهرة وتواضع مراسم الاستقبال التى أعدت له.

وتشير الكاتبة، إلي أن إسرائيل وقتها قررت قبول تبادل الأدوار بين المنتصر والخاسر _حسب زعمها _ عندما استقبلت السادات كبطل، وتجاهلت الرد على خطابه فى الكنيست الذى قال خلاله إن الأرض المصرية، غير قابلة للنقاش او المساومة، ولن تتنازل مصر عن شبر واحد من أراضيها.

وخلال محادثات كامب ديفيد التى سبقت اتفاقية السلام، تنازل مناحم بيجن "اليمينى المتشدد" الرافض لفكرة التنازل عن أى قطعة من الأرض، عن كل سيناء، وقرر استئصال جميع المستوطنات التى كان قد تم بناؤها منذ فترة قصيرة داخل سيناء، لكى يشبع رغبة الرئيس المصرى رجل السلام المتسامح، فى الحصول على سيناء خالية تماما من اليهود.

وأشارت الباحثة، إلي أنه قد سمعت من قبل عن بعض تفاصيل اللقاء الذى تم بين جولدا مائير والسادات خلال زيارته، وأن جولدا مائير قالت له بالحرف "نستطيع إن نغفر لكم قيامكم بقتل أبنائنا.. لكننا لن نسامحكم أبدا على أنكم جعلتونا نقتل أبناؤكم" هذا التضاد فى الأقوال _كما تشير الباحثة_ يخضع االحزن على قتل الضحايا الإسرائيليين، للشعور بالأسف على قتل الضحايا المصريين.

وتشير إلي أنه بالطبع لا يوجد شك حول قوة وشجاعة السادات وقدرته الرهيبة على التفاوض والأقناع، لكن ضميره الداخلى تشكل على تقاليد سياسية مختلفة عن تقاليد اليهود، كما يختلف المناخ السياسى فى بلاده، عن المناخ السياسى فى إسرائيل، وقتها تناست جولدا مائير أنه عندما كانت رئيسة للوزراء قبل أربع سنوات من لقائها بالسادات، كان هو ينسق مع حافظ الأسد على الهجوم على إسرائيل يوم عيد الغفران، أكثر أيام العام قدسية لدى اليهود، حتى عندما جاء للقدس من أجل استعادة ارضه، لم يعرب عن ندمه لتسببه فى قتل المئات من اليهود خلال الحرب، لكن بسبب إدراكه أنه لو واصل قتلهم لعشرات السنين، ما كان سينتصر عليهم أبدا.

وكانت محاولات السادات لسحر واجتذاب الإسرائيليين له خلال مبادرته، تتناقض بشكل كبير مع أمتناعه عن تأهيل شعبه لتقبل السلام، وبالطبع كان لديه ما يخشاه، فالعداء تجاه إسرائيل يظل العامل المشترك للأتحاد مع العرب، فعلى سبيل المثال بعد توقيعه على إتفاقية السلام مع إسرائيل، قررت الجامعة العربية الاستغناء عن خدمات مصر، وتقرر نقل مقرها من القاهرة إلى تونس.

والغريب كما تشير الباحثة، إلي أن مبادرة السادات للسلام، أدت الى تفاقم الخط المعادى للصهيوينة داخل العالم العربى بصورة أشد عما كانت عليه قبل التوقيع على معاهدة السلام، فالتحالف بين الكتلة العربية والشيوعية، وفر لليسار العربى لغة أيدولوجية أكثر نجاعة من معاداة السامية القديمة لليمين، وبفضل الاتحاد السوفييتى، تبنى العرب الشعارات السوفييتية القديمة المضادة للصهيونية منذ ثلاثينات القرن الماضى، وقاموا باستبدال كلمة "التوسع الاستعمارى" بكلمة العنصرية.

وبشكل عام نجحت الثقافة السياسية الروسية بشكل كبير فى تحويل دفة الصراع العربى الإسرائيلى لتأخذ شكل أكبر من الكراهية تكشفت بصورة أوضح بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.