أردوغان يمنح داعش "قبلة الحياة"

العدد الأسبوعي

أردوغان
أردوغان


يهدد العالم بإطلاق 10 آلاف سجين داعشى و12 ألفاً من عائلات التنظيم فى معسكرات الأكراد شمال سوريا

لم يكن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يحتاج لأكثر من قرار دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من مواقعها على الحدود السورية التركية وقوامها 1000 جندى، ليبدأ فى شن الهجوم على الأكراد فى شمال شرقى سوريا.

وليستيقظ العالم، فى اليوم التالى على تحول آلاف المقاتلين الدواعش وعائلاتهم، فى سجون ومعسكرات، قوات سوريا الديمقراطية، إلى ورقة المساومة والرعب، على السواء، الآن داخل المشهد السورى وخارجه.

وذلك إيذاناً بتصدير جملة من سيناريوهات الفزع الداعشى للعالم بأكمله من جديد، وفى مقدمتها فرار الآلاف من الدواعش الأجانب ورجوعهم إلى دولهم الأصلية مرة أخرى.

«قبلة حياة» جديدة للتنظيم وخلافته المتداعية مركزياً فى سوريا والعراق إذن، هكذا تعامل خبراء الإرهاب، محليون ودوليون، مع العملية العسكرية التركية ضد مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية، والتى قد يترتب عليها إطلاق هؤلاء الآلاف من الدواعش، من أماكن احتجازهم مرة أخرى، فى وجه العالم، ودول أوروبا أو إعطاؤهم فرصة الانضمام إلى الخلايا النائمة لداعش فى سوريا والعراق، أو حتى التمهيد لظهور نسخ جديدة من التنظيم بهم فى المنطقة، بحسب كارين فول هيبل، الخبيرة فى شئون الإرهاب، ومديرة معهد الخدمات الملكية المتحدة.

وبالتالى فبعد أن علقت كل من ألمانيا وهولندا وفرنسا مبيعات السلاح لأنقرة، شدد وزراء خارجية الدول الأوروبية، على رفضهم للهجوم التركى، ووصفه جان إيف لو دريان وزير الخارجية الفرنسية بأنه «يعيق الجهود المبذولة ضد داعش، ويشكل خطراً على أمن الأوروبيين ويتعين إيقافه.

كذلك فإن الأكراد، الذين يواجهون انتهاء الدعم الأمريكى، ومواجهة الأتراك، ويخشون تقويض مكاسبهم، يتخلون الآن على ما يبدو عن دور«السجان» لعناصر داعش وعائلاتهم، بالنيابة عن دول الغرب فى المنطقة.

وقد سبق وأن حذر مسئول كردى بارز بأن حراسة الأكراد للدواعش «لم تعد أولوية»، وأنهم سيذهبون إلى الجبهة لمواجهة الغزو التركى، وهو التهديد الذى أثار مخاوف دولية، خاصة أوروبية من فقدان السيطرة على هذه السجون والمخيمات.

فيما أطلق دونالد ترامب اتهاماً نارياً، فى هذا الشأن، قال فيه إن القوات التى يقودها الأكراد فى شمال شرقى سوريا ربما تطلق عمداً سراح متشددين محتجزين من «داعش» لدفع القوات الأمريكية إلى العودة للمنطقة».

وقد كشف ترامب فى تغريدة له على تويتر: «فى حال الأكراد أو الأتراك فقدوا السيطرة فإن الولايات المتحدة قامت بالفعل بأخذ اثنين من المقاتلين التابعين لـ(داعش) والمرتبطين بعمليات الإعدام والذبح فى سوريا والمعروفين باسم (البيتلز)، وقمنا بإخراجهما إلى خارج البلاد إلى مكان آمن تسيطر عليه الولايات المتحدة» وأضاف قائلا: «إنهما أسوأ من الأسوأ»، فى إشارة منه إلى كل من ألكسندر كوتى وشافعى الشيخ، عضوى «خلية الإعدامات» فى تنظيم داعش المعروفة بـ«البيتلز» وقد تم ترحيلهما إلى العراق.

فى نفس التوقيت فإن ترامب اللاعب الأخطر فى المشهد برمته، قرر أن يرمى الكرة فى ملعب الأتراك وكتب فى إحدى تغريداته المتلاحقة منذ بدء الأزمة أن «تركيا تتحمل مسئولية جميع مقاتلى تنظيم «الدولة الإسلامية/ داعش» فى المنطقة التى تم تحريرها خلال العامين الماضيين، عقب هزيمة التنظيم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية»، وذلك بالتوازى مع تصريحات لوزير الدفاع الأمريكى مارك إسبر بأن «الهجوم التركى تسبب فى تحرير محتجزين لداعش».

وزير الخارجية التركى، مولود تشاووش أوغلو، صرح بدوره بأن بلاده مسئولة عن سجناء تنظيم «داعش» الذين جرى احتجازهم فى نطاق «المنطقة الآمنة».

لكن أوروبا ردت على لسان رئيس الاتحاد الأوروبى جان كلود يونكر، الذى دعا تركيا لوقف العمليات العسكرية ضد المسلحين الأكراد فى شمال سوريا وقال لأنقرة إن الاتحاد لن يدفع أموالا لإقامة ما يسمى بـ»المنطقة الآمنة» فى شمال سوريا.

فيما تحاول الدول الأوروبية الإسراع أيضاً فى تنفيذ خطط لنقل الآلاف من مقاتلى «داعش» الأجانب من سجون محتجزين بها فى سوريا إلى العراق خوفاً من هروبهم وعودتهم إليها مرة أخرى، كما أعلنت الدنمارك على الفور دراسة تشريع قانون سحب الجنسية، بحق مواطنيها مزدوجى الجنسية.

ويصل عدد مقاتلى داعش المحتجزين لدى قوات «قسد» الكردية إلى 10 آلاف مقاتل داعشى موزعين على 7 سجون، أشهرها سجن «ديريك» المعروف بالسجن الأسود، فى مدينة المالكية ويضم 5 آلاف من عناصر التنظيم، كان يحرسه أكثر من 400 عنصر من قوات «قسد» قبل أن يتم سحبهم وإرسالهم للحدود مع تركيا، فلم يتبق إلا 20 فرداً لحراسة هذا العدد الضخم من الدواعش.

وعلى بعد 10 كم من سجن ديريك أيضاً يقع سجن «جيركن» فى مدينة القامشلى ويضم مقاتلين عرباً وأجانب من عناصر داعش.

وذلك بخلاف 12 ألف فرد ينتمون إلى عائلات داعشية، بينهم 8 آلاف طفل و4 آلاف امرأة داعشية، من 50 جنسية، وأيضاً 30 ألفاً من العرب والسوريين.

وتضم منطقة المواجهات شمال شرقى سوريا، أكبر 3 مخيمات للدواعش وعائلاتهم، وهم مخيم الهول وبه 68 ألفاً من أبناء وأسر المسلحين، وأيضاً مخيم «عين عيسى» وغالبيته من المقاتلين الأجانب وعائلاتهم، وكذلك مخيم روج ويضم 1800 من الدواعش.

و لكن فى الجمعة الماضية 11 أكتوبر، تحولت المخاوف إلى حقيقة، وتم الإعلان عن فرار 5 معتقلين دواعش من سجن «جيركن» بعد سقوط قذائف تركية بالقرب منه.

ويوم الأحد أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، عن فرار 785 من عائلات داعش من مخيم «عين عيسى»، بعد اشتباكات مع الحراس، بالتزامن مع قصف تركى للمخيم، ليتم بعد ذلك إخلاء المخيم بالكامل.

كما تم إحباط محاولات للهرب من «مخيم الهول»، فقد بدأت عناصر تنتمى للتنظيم فى تنفيذ عمليات إرهابية لتهريب السجناء، فانفجرت سيارة مفخخة بالقرب من سجن يضم عناصر خطرة لداعش فى مدينة الحسكة السورية، وسط إطلاق للنيران.

وفى صباح الثلاثاء، أعلن أن 700 من عناصر وعائلات تنظيم داعش الفارين قد وصلوا بالفعل إلى الأراضى العراقية التى سيبدأون بتوفير ملاذات آمنة فيها على الفور.