خلايا إخوانية تواصل اختراق "التعليم"

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


رغم فصل 1000 مدرس

فوجئ المصريون، قبل أيام، بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، تصدر قرارا بفصل نحو 1070 معلمًا؛ بسبب انتمائهم لجماعة الإخوان «الإرهابية»، ضمن عملية تطهير المدارس من العناصر المتطرفة، حرصًا على مستقبل الطلاب.

هذا القرار أثار الرأى العام المصرى لأيام، وبين مشكك فيه ومعارض له، قررت «الفجر» البحث وراء دوافعه، فى ظل ما تمثله المدرسة من أهمية، فى تشكيل وعى أطفالنا وشبابنا وتوجهاتهم الفكرية، خلال مرحلة التعليم ما قبل الجامعى، إلا أننا فوجئنا بالعديد من الخلايا النائمة، التى لم يطلها «الفصل» حتى الآن، بحسب الحالات التى قابلنها، والتى نستعرض جزءًا منها فى السطور التالية.

بعد بدء العام الدراسى، فوجئت والدة إيمان حسن، الطالبة بالصف الثانى الإعدادى، برغبة ابنتها الملحة فى ارتداء الحجاب، وعندما طلبت الأم مبررًا لهذا القرار صرخت الفتاة فى وجهها وهددتها بعدم الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى أو استذكار دروسها قبل تنفيذ رغبتها.

وبالفعل، كادت الأم تنفذ رغبة صغيرتها، رغم عدم اقتناعها، إلا أنها لاحظت أثناء تمشيط شعر ابنتها بوجود «علكة» ملتصقة به، فبدأت فى توبيخ «إيمان»، ظنًا منها أنها تعمدت فعل ذلك، إلا أن الفتاة انهارت فى البكاء وصارحت والدتها بحقيقة الأمر، قائلة: فى حصة اللغة العربية، ألصقت المُدرسة «نهى» علكة فى شعرى، بعدما دخلت إلى الفصل ووجدتنى أرسم على السبورة فتاة غير محجبة، فوبختنى بداعى أننى أدعو كل البنات للتبرج والسفور.

وتابعت: ثم غيرت المعلمة مسار الحصة للحديث عن الحجاب وفضله وضرورة ارتداء الفتيات له منذ الولادة، حتى لا يطالهن العذاب الأليم، وعندما وجهت الأستاذة سؤالًا لى حول فضل ارتداء الحجاب لم أستطع أن أجيبها، فأخبرتنى الأستاذة نهى أن السبب عدم تركيزى بسبب شعرى، الذى أطلقته لتراه أعين الرجال، ثم طلبت منى الوقوف طوال الحصة «عشان تخافى ربنا بعد كده وتعرفى إن شعرك بداية الخيط نحو الزنى.. زى ما حطيت لبانة عليه أى حد سهل يعمل فيه أى حاجة».

لم تتمالك الأم نفسها، وتوجهت إلى المُدرسة «نهى» فى مكتبها، وعندما طلبت منها تفسيرًا لما قامت به مع نجلتها، أخبرتها أنها سمعت طالب يخبر «إيمان» أن شعرها ناعم، فاضطرت إلى هذا التصرف لتُعلم ابنتها درسًا أخلاقيًا، موضحة أنه واجبها كمُعلمة قبل التعليم، فما كان من الأم إلا أن اتخذت قرارًا بنقل ابنتها إلى مدرسة أخرى حفاظًا على صحتها النفسية.

موقف آخر واجهته والدة «آدم»، الطالب بالصف الأول الإعدادى، بعدما لاحظت تراجع مستواه فى مادة الرياضيات على عكس السنوات السابقة، وعندما حاولت معرفة السبب منه كانت إجابته هى الصدمة الكبرى بالنسبة لها. تقول الأم إن ابنها فاجأها بأن مدرسة الرياضيات ترفض الحديث إلى الطلبة أثناء الحصة، وتمتنع عن الشرح، وتكتب لهم على السبورة «صوت المرأة عورة لذلك التزموا الصمت وضعوا أعينكم على اللوحة».

وتقوم المُدرسة التى تدعى «لمياءً» بكتابة المسائل وحلولها وتطلب من الطلبة نقلها، وعندما يحاول طالب الاستفسار عن جزئية لم يفهمها لا ترد عليه، وتتعامل معهم عن طريق الإشارات باليد والسبورة فقط. وعندما قدمت الأم شكوى إلى مدير المدرسة، حاول تهدئتها والاعتذار لها، ثم اقترح عليها أن تعطى ابنها درسًا خصوصيًا كما يفعل أقرانه، وحينما طلبت تغيير المدرسة أخبرها بأن هناك عجزًا فى الكوادر التعليمية، ما يمنع اتخاذ هذا الإجراء فى الوقت الحالى.

الحالات السابقة تدق ناقوس الخطر داخل المدارس، لذا يجب السيطرة عليها على الفور، هذا ما قالته الدكتور ماجد نصر، عضو لجنة التعليم بالبرلمان، عندما عرضنا عليها الأمر، مشددة على ضرورة فرض رقابة صارمة على المعلمين داخل المدارس، لمنع التطرف الدينى وتجنب طرح الآراء الشخصية والمعتقدات الخاصة بالمدرسين فى الفصول.

وطالبت «نصر» بضرورة الالتزام بالمنهج التعليمى المقرر داخل الكتب من قبل الوزارة دون زيادة أو نقصان، لافتة إلى أن تواجد هؤلاء المدرسين يعد ضمن خطة الجماعات المتطرفة التى تسعى إلى التأثير على الأجيال القادمة وعكس انتماءاتهم، وفى حال ثبوت وجود شخص من هذه الفئة يعكس انطباعاته الشخصية والفكرية على التلاميذ يجب إحالته إلى التحقيق على الفور واستبعاده عن العملية التعليمية، ليتحول عمله إلى الإدارى، بحيث لا تصبح له صلة مباشرة بالطلاب.

هذا المقترح أيده النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بالبرلمان، الذى قال إن القانون لا يزال قيد التعديل، ويجب أن يتضمن فى بنوده مادة لردع هؤلاء المدرسين، من خلال تحويلهم إلى العمل الإدارى أو فصلهم بشكل مؤقت من الخدمة، كنوع من التحذير، وفى بعض الحالات قد يتطلب الأمر الفصل النهائى بحسب السلوك الذى ارتكبه مع الطلبة.

وأوضح أن إجراء الوزارة بفصل عدد من المدرسين الإخوان من الخدمة لن يؤثر بشكل كبير على الطلبة، خاصة أن أغلب المعلنة أسماؤهم حاصلون على إجازات وهاربون خارج البلاد، مشددًا على ضرورة التركيز على المندسين المتخفيين بين الطلبة، ممن لايزالون يباشرون عملهم ويبثون سمومهم بين الطلبة.

ولفت «بركات» إلى أن الحكم القضائى ليس كافيًا لإثبات أن المدرس متطرف، فهو يتم بعد ارتكاب الواقعة، ولكن داخل الفصل يتم تصدير أفكار معينة تخدم المعلم دون وجود إثبات حقيقى للجريمة لمحاسبته، مقترحًا أن يتم تشديد لجان التفتيش داخل المدارس بإرسال مشرفين ومراقبين بين الحين والآخر، لمعرفة العاملين بالمدارس والسؤال عن سلوكياتهم وطباعهم.

أما عن معايير اختيار المدرس وتعيينه، أضاف عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أنه يصعب تحديد معايير تحكم اختيار المدرس، ولكن يجب عرض ملفه على الجهات الأمنية المختصة لمعرفة انتماءات الشخص واتجاهاته قبل إجراء الاختبارات التربوية له.

وفيما يتعلق برخصة مزاولة المهنة التى أصدر وزير التربية والتعليم، قرارًا بتطبيقها، رفض النائب فايز بركات، أن يطلق عليها مصطلح «رخصة»، موضحًا أنه يفضل أن يكون لها منطوق آخر وهو «فترة صلاحية لمزاولة المهنة»، حتى لا يحدث خلط بين الرخصة المستخدمة للمحلات والشركات.

وعلى النقيض، يرى النائب عبدالرحمن برعى، عضو لجنة التعليم بالبرلمان أيضا، أنه لا يجب أن يتدخل المدرسون وأولياء الأمور فى الحكم على زملائهم، بل يجب أن تكون هناك رقابة أمنية متفردة بذاتها، لمنع خلق نوع من المكيدة والاتهامات الباطلة التى قد تضر أحد العاملين بالمدارس بسبب خلافات شخصية.

وكانت النائبة مايسة عطوة، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، قد تقدمت بطلب لمجلس الوزارء ووزارتى التعليم والاتصالات، حول تركيب كاميرات مراقبة داخل الفصول، بعد تداول العديد من الشكاوى من قبل أولياء الأمور، بسبب انتشار المعلمين التابعين لجماعة الإخوان داخل المدارس وتعنتهم باستمرار تجاه الطلاب.