في ظل استمرار الاحتجاجات.. لبنان إلى أين؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تتواصل التظاهرات الاحتجاجية والاعتصامات الجماهيرية في العديد من المناطق اللبنانية، للمطالبة بوضع حد للفساد والوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور، في ظل استمرار تعطيل الدراسة وتوقف المصارف والكثير من المؤسسات الخاصة عن العمل، وكان المتظاهرون اللبنانيون دعوا في بيان لهم الى الإضراب العام، وقطع الطرق الرئيسية، وشل الحركة في جميع مدن ومناطق البلاد، حتى تحقيق كامل المطالب الشعبية.

استمرار الاعتصامات
كما تتواصل الاعتصامات الشعبية أمام مصرف لبنان المركزي في بيروت بالتزامن مع اعتصامات متماثلة امام فروع المصرف في المدن اللبنانية الرئيسية، احتجاجا على السياسات المالية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ويحمل المتظاهرون حاكم المصرف مسؤولية إفقار اللبنانيين مرددين شعارات تطالبه بالرحيل، كما تعد هذا التظاهرات الحاشدة غير مسبوقة في تاريخ البلاد على خلفية قضايا معيشية ومطلبية، يشارك فيه عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف الأعمار من شمال البلاد حتى جنوبها مروراً بالعاصمة بيروت.

شرارة الحراك انطلقت بعد إعلان الحكومة اللبنانية عن فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات الهاتف الخلوي، لكنها سرعان ما تراجعت عنه، لكن فكرة العشرين سنتاً التي اقترحها وزير الاتصالات محمد شقير كانت وكأنها القشة التي قصمت ظهر البعير.

جهود الجيش
وقد أعلن الجيش اللبناني على صفحته الرسمية على موقع "تويتر" أنه "لم يألُ الجيش جهداً في الأيام الماضية في التواصل مع كل الأفرقاء المعنيين للحؤول دون حصول احتكاك أو تصادم بين المواطنين، وفي هذا السياق، أكد رئيس الحكومة سعد الحريري بعد لقائه جمعية المصارف في لبنان الحرص على فتح الطرق وتأمين الانتقال، فيما أصدرت الجمعية بياناً أعلنت فيه عزمها إغلاق جميع أبواب المصارف على خلفية الاحتجاجات المستمرة في البلاد.

ولم تحرك الحكومة، التي أقرّت يوم الاثنين الماضي خلال اجتماعها بالسراي الرئاسي في بعبدا الورقة الاصلاحية التي قدمها الحريري في محاولة لتخفيف حدة الاعتراضات، ساكناً، في حين أفادت وسائل اعلام لبنانية عن نقاش يجري خلف الكواليس حول إمكانية اجراء تعديل وزاري يرضي الشارع، ويضمن عدم استقالة الحكومة في ظل ظرف مالي واقتصادي وسياسي دقيق للغاية.

كما لم تلق الإجراءات الاصلاحية صدى ملحوظا لدى المتظاهرين الذين يعتبر مراقبون للشأن اللبناني أنهم فقدوا "الثقة" بالطبقة السياسية التي يأخذون عليها فسادها ونهبها لمقدرات الدولة وسوء إدارتها للبلاد وأزماته الاقتصادية.

هذه الاجراءات وفق خبراء اصلاحات جذرية، لم يكن ممكنًا التوصل اليها لولا حراك الشارع، من بينها إقرار موازنة العام 2020 مع عجز نسبته 0.6%، ومساهمة القطاع المصرفي والمصرف المركزي بخفض العجز بقيمة تتجاوز 5 آلاف مليار ليرة (3.3 مليارات دولار) خلال العام المقبل، وخفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المئة.

كما يرى محللون أن مستقبل التظاهرات في لبنان ليس واضحاً بعد، خصوصاً في ظل اصرار الحراك الشعبي على البقاء في الشوارع حتى تحقيق جميع مطالبه بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين والاسراع في تطبيق الورقة الاصلاحية في شقيها الاقتصادي والاجتماعي لكنهم في الوقت نفسه يحذرون من مخاطر داهمة تحدق بالحراك وسط محاولات بعض الجهات المشبوهة في الداخل ركوب موجة التظاهرات بتحريض من قوى اقليمية معروفة لحرفها عن مسارها السلمي عبر التظاهر والاصطفاف الى جانب المحتجين، بهدف القيام بتصفية حسابات قديمة مع المقاومة والانتقام منها ما يصب في مصلحة الكيان الاسرائيلي الذي لا يريد ان ينعم لبنان بدوام الامن والاستقرار وانما ينشغل بصراعات داخلية تستنزف جميع طاقاته وإمكاناته.

المحلل السياسي جوزيف بو فاضل، أكد أن لبنان دائمًا ما يعاني من أزمات، لكن سرعان ما يستطيع الخروج من هذه الازمات، لافتا إلى انه يحتوي على مجموعة من التناقضات، كما أن هناك بعض المعالجات والحلول التي تتم اليوم، وتطرح على أساس ان الحكومة تستمر ولكن بإصلاحات جذرية لصالح الشعب، حيث أن هناك حزبين في الحكومة، الاول حزب التقدمي الاشتراكي، والقوات اللبناني، ممثليْن بستة وزراء.

ويشير المحلل السياسي، إلى أن هناك أشخاص خاسرون وآخرون رابحون من هذه الاحتجاجات والاوضاع، فالرابحون هم من يسيرون مع شعبهم في خط المقاومة والممانعة، والخاسرون هم من يسيرون على عكس هذا الخط، فالذي يريد ان يستمر في الحكومة فهناك شروط وهي الالتزام بخط المقاومة والممانعة، ومن لا يريد فليخرج من الحكومة، وفي نهاية الشهر الحالي، سيكون هناك حلا للمشكلات والأزمات التي تتعرض لها لبنان، وسوف يرضي الأكثرية الصامتة من الشعب اللبناني، ولكن لن يرضي الجميع.