"إقليم كتالونيا".. محاولات انفصال مستمرة منذ فجر التاريخ

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


شهدت مدينة برشلونة عاصمة إقليم كتالونيا وعدة مدن أخرى تابعة للإقليم موجة احتجاجات واضطرابات عنيفة، بعد تجدد مطالبها بالانفصال عن البلاد، وأغلق شبان ملثمون يوم الجمعة الماضية الطرق وأضرموا النيران وتبادلوا المناوشات بينهم قوات الشرطة التي ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

ودعا رئيس إقليم كتالونيا "كيم تورا" الحكومة المركزية الإسبانية إلى "محادثات غير مشروطة" بحد تعبيره، وذلك بعد موجة احتجاجات عنيفة على مدار عدة أيام، زُجّ بقياديين انفصاليين في الإقليم  بالسجن على إثرها.

وأشار تورا إلى أن الأحداث الأخيرة في الإقليم لا تعكس أبدًا طبيعة حركة الاستقلال السلمية، موضحًا أن كتالونيا لم ولن تتجه إلى العنف أو تتخذه سبيلًا، كما حث تورا رئيس الوزراء "بيدرو سانشيز" على الجلوس إلى طاولة مفاوضات بلا شروط للخروج من الأزمة وتحقيق مطالب الكتالونيين بالانفصال عن إسبانيا.

من جانبها أعلنت الحكومة الإسبانية في بيان لها ردًا على مطالب رئيس إقليم كتالونيا "كيم تورا"، أنها كانت ولا تزال منفتحة على الحوار في إطار احترام القانون، وتسعى برشلونة إلى طرح مسألة إجراء تصويتًا جديدًا يمنح حق تقرير المصير للإقليم والانفصال عن إسبانيا، الأمر الذي ترفضه حكومة مدريد.

محاولات الانفصال
لعقود طويلة وممتدة عبر التاريخ حاول سكن إقليم كتالونيا الذي يتمتع بحكم ذاتي، الانفصال عن إسبانيا التي ينظرون إليها على أنها محتلٍ لأراضي الإقليم الذي يضم أربع مقاطعات هم برشلونة وجرندة ولاردة وطراغونة، ونظمت كتالونيا سلسلة استفتاءات كانت آخرها استفتاء أكتوبر 2017 بهدف الانفصال، الأمر الذي رفضت الحكومة الاعتراف بنتائجه.

استفتاء 1979
يبدو أن شهر أكتوبر هو شهر تجدد المطالبة باستقلال الإقليم، حيث شهد ذات الشهر من عام 1979 موافقة مواطنو كتالونيا في استفتاء شعبي تم تنظيمه، على قانون الحكم الذاتي الجديد الذي تم الاعتراف باللغة الكتالونية إلى جانب نظيرتها الإسبانية كلغتين رسميتين للإقليم.

كذلك منحت السلطات الإسبانية أبناء إقليم كتالونيا تولي مسؤوليات المقاطعة بموجب الاستفتاء الشعبي، بعدما أُلغيت المؤسسات في إقليم كتالونيا عام 1939 بعد الحرب الأهلية.

توسع صلاحيات الحكم الذاتي
وتجدد الفكرة مرة أخرى حيث نظم شعب كتالونيا استفتاءًا شعبيًا تم الاتفاق من خلاله على قانون جديد للحكم الذاتي ذات صلاحيات أوسع في الإقليم، ذلك في يونيو 2006، بعد مفاوضات عدة مع رئيس الحكومة الإسبانية آنذاك "خوسيه لويس ثاباتيرو"، وتم التصديق عليه من قِبل البرلمان الإسباني.

وفي الشهر ذاته من عام 2010 خرج آلاف المواطنين من سكان كتالونيا في مظاهرات اجتاحت الإقليم، منددين بإلغاء المحكمة الدستورية جزءًا من قانون الحكم الذاتي الذي أقره البرلمان في عام 2006.

لم تتوقف المحكمة الدستورية عن عرقلت حركة الانفصال أو استقلال الإقليم عن إسبانيا، فبعد أن أجرى الكتالونيون استفتاءًا آخرًا في نوفمبر عام 2014، وانتهى بتصويت الغالبية لصالح الاستقلال عن البلاد، ألغت المحكمة الدستورية نتائج هذا الاستفتاء في 11 يونيو من العام التالي له.

كان قرار المحكمة الدستورية بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فمنذ ذلك التاريخ تسعى الحكومة الإسبانية لعرقلة أي استفتاء شعبي للانفصال عن البلاد، مؤكدة أن إجراء هذه الاستفتاءات غير قانوني.

مطالب الإقليم
تبلغ مساحة إقليم كتالونيا حوالي 32 ألف كم مربع، أي حوالي 6% فقط من المساحة اليابسة لإسبانيا، كما لا يتجاوز تعداد سكانه بمقاطعاته الأربع 8 مليون نسمة، وعلى الرغم من ذلك إلا أن نحو 20% من الناتج المحلي يأتي من هذا الإقليم، وهو أحد أهم الأسباب التي يدور حولها الخلاف بين كتالونيا وإسبانيا، إذ تتجه أموال الكتالونيين إلى الحكومة المركزية التي تبلغ أكثر من 20 مليار يورو سنويًا.

كما تفرض الحكومة الإسبانية ضريبة كبيرة تُقدر ب10% من إجمالي الناتج المحلي، ولا تقدم إسبانيا مردود كبير من ناحية الخدمات لقاطني الإقليم.

ويعد انفصال إقليم كتالونيا عن البلاد أحد أهم المطالب التي يسعى إليها زعماء الإقليم وقاطنوه منذ سيطرة إسبانيا على الإقليم وأصبح جزءًا منها بعد زواج ملكي بين الملكة إيزابيل ملكة قشتالة وفرديناند ملك أراغون.