في كلمة للشعب... الرئيس العراقي يضع خارطة الطريق لمعالجة الأوضاع في البلاد

عربي ودولي

الرئيس العراقي
الرئيس العراقي



أكد رئيس الجمهورية العراقية الدكتور برهم صالح، على أن استهداف المتظاهرين السلميين والقوات الأمنية بالرصاص الحي، واستهداف الإعلام والإعلاميين حدث غير مقبول في العراق، الذي تعاهدنا على أن يكون ديمقراطياً تراعى فيه الحقوق والحريات.

وقال الدكتور برهم صالح في كلمة متلفزة وجهها الى الشعب العراقي، مساء اليوم الأثنين، "اؤكد من موقعي كرئيسٍ للجمهورية، أن على اجهزتنا الأمنية بمختلف تشكيلاتها المدافعة والذائدة عن الشعب وحقوقه ومقدراته ودستوره التصدي الحازم، لمَنْ خرق الدستور وأعتدى على المواطنين والاجهزة الأمنية وروّع وسائل الإعلام".   

وأضاف، أن الفساد المالي والاداري عرقل فرص التقدم، وكبَّل إمكانيات وطننا الكبيرة الكفيلة بنقل شعبنا إلى مصافٍ آخر، مشيراً إلى ان المحاصصة الحزبية والفئوية ترفض مغادرة واقعنا رغم المحاولات والدعوات المستمرة إلى نبذها واختيار طرق عملية وعلميّة حقيقية للوصول الى الحكم الرشيد.

وتابع السيد الرئيس قائلاً "يا شباب العراق، أنتم أملنا ووسيلتنا في أي تغيير حقيقي وصولاً إلى عراق مزدهر قوي ضامن لأمنه واستقراره ينعم فيهِ الجميع بحياة حرة كريمة، مضيفاً انه "لا شرعيةَ لأيِّ عملية سياسية أو نظام سياسي لا يعمل على تحقيق متطلباتكم وتطلعاتكم في وطن كريم، هذا واجبُنا وإن شاء الله لن نحيد عنه أبداً"، معبراً عن احترامه وتقديره لطروحات المرجعية الدينية التي شخّصتْ مكامن الخلل مبكراً وحذرت من خطورة التلكؤ في الإصلاح وخدمة المواطنين.

وبناءً على مداولات جادة مع عدد من القيادات السياسية والوطنية والمنظمات المدنية والفعاليات المجتمعية، وتقديراً لموقف السيد مقتدى الصدر، دعا سيادته إلى فتح تحقيق قضائي بمسببات العنف، الذي حصل في الأيام الماضية ومنع الاندفاع إلى استخدام القوة المفرطة وحماية حق المواطن في التظاهر السلمي، مؤكداً "إننا سنعمل على دعم تشكيل لجنة خبراء مستقلين، من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والنزاهة، استجابة لدعوة المرجعية الدينية، وفتح باب الحوار البنّاء مع القوى الفاعلة وفي مقدمتهم أبناؤنا المتظاهرون، مشدداً على فتح حوار سياسي شامل وصريح وبنّاء لتشكيل كتلة وطنية نيابية ساندة وداعمة لخطوات الإصلاح بما فيها مُخرجات اللجنة المقترحة من قِبل المرجعية العليا والإجراءات التشريعية والحكومية".

وأشار الرئيس إلى ضرورة دعم الجهود الرامية في الحكومة لاجراء تعديل وزاري جوهري لتحسين وتعزيز الاداء الحكومي وتفعيل آليات العمل بما يشمل تحقيق قفزة نوعية في الاداء والخدمات، لافتاً الى أهمية تفعيل دور المحكمة المختصة بقضايا النزاهة، وإحالة جميع ملفات الفساد لحسمها ضمن توقيتات محددة، ومنع أيِّ استثناءٍ في هذا الشأن، مبيناً انه لا حصانة في هذا الملف الحيوي لأي طرف أو جهة أو شخصية، بالإضافة إلى العمل على استرداد المال العام.

وأوضح رئيس الجمهورية العراقية، أننا سندعم تعهدات الحكومة ومجلس النواب بتعويض المتضررين من أعمال رفع التجاوزات بصورة مجزية لمساعدتهم على تحمل أعباء السكن، ووقف تنفيذ عمليات رفع التجاوزات قبل التأكد من تعويضهم، مشيراً إلى ضرورة رفع تجاوزات الأحزاب والقوى المرتبطة بأجهزة الدولة والشركات في كل انحاء العراق، وكذلك دعم التشريعات والإجراءات التنفيذية المطلوبة لإيجاد فرص عمل وتقديم معونة مالية للعاطلين وتأهيلهم ولا سيما الخريجين وحملة الشهادات العليا. 

وأكد صالح على ضرورة الإسراع بتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي من المستقلين، على أن يتولى خلال فترة وجيزة أعماله بدراسة طلبات التعيين بعدالة، ومنح الخريجين من حملة الشهادات العليا الاولوية في التعيين، بالإضافة إلى إطلاق فوري للدرجات الوظيفية المقررة في الموازنة وإطلاق درجات حركة الملاك. 

وأشار الرئيس العراقي، إلى ضرورة إعادة النظر بالقانون الانتخابي لمجلسِ النواب ومنظومته وبما يعيد الثقة بالعملية الانتخابية ويشجع مشاركة المواطنين، وتشريع قانون جديد ينسجم مع الطموحات الوطنية لجميع فئات الشعب العراقي، مبيناً أن رئاسة الجمهورية ستتولى تشكيل فريق حوار وطني لمتابعة هذا الملف بمساعدة خبراء من الأمم المتحدة، وتشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات وبما يسمح بأقصى درجات الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية.   

وفيما يلي نص الكلمة: 

بسم الله الرحمن الرحيم

شعبَنا العراقيَّ الكريم أبنائي وبناتي شبابَ التظاهراتِ والساحات جنودَنا وضباطَنا البواسلَ في كُلِّ صنوفِ القواتِ الأمنية السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته شَهِدنا خلالَ الايامِ الماضيةِ أحداثاً مؤلمةً، وكان صوتُ شعبِنا خلالَها مسموعاً وقوياً بضرورةِ تصدي الجميعِ للارتقاءِ الى مستوى تطلعاتِ المواطنين واحتياجاتِهِم ومطالبِهِم ومظالِمهم، مؤلمٌ في الصميمِ ما نطالُعُه من دمٍ عراقيٍ مهدورٍ للشهداءِ والجرحى في صفوفِ المتظاهرين والقواتِ الأمنية، ما حدثَ من استهدافٍ للمتظاهرين السلميين والقواتِ الأمنيةِ بالرصاصِ الحي، ومن استهدافٍ للاعلامِ والاعلاميينَ غيرُ مقبولٍ في العراق، الذي ارتضيناهُ وتعاهدنا على أن يكون ديمقراطياً تُراعى فيه الحقوقُ والحريات، ويلتزمُ فيه الجميعُ بالدستور، السلطةُ قبلَ المواطن، الحكومةُ وقياداتُ الأجهزةِ الامنية تؤكدُ عدمَ وجودِ اوامرَ بإطلاق الرصاص، وأن هذه التجاوزاتِ وهذا العنفَ المفرطَ والاستهدافَ بالرصاصِ الحي لم يأتِ بقرارِ من الدولةِ واجهزتِها، وعليهِ، فإنَّ من يقومُ بهذا الفعلِ مجرمونَ وخارجونَ عن القانون، واؤكدُ من موقعي كرئيسٍ للجمهوريةِ، أن على اجهزتِنا الامنية بمختلفِ تشكيلاتِها المدافعة والذائدة عن الشعبِ وحقوقه ومقدراتِه ودستورِه التصدي الحازم لمَنْ خرقَ الدستورَ والقانون واعتدى على المواطنين والاجهزةَ الامنية وروّع وسائلَ الاعلام، هذه فتنةٌ وجريمةٌ، ولا يمكنُ السكوتُ عنها، فدمُ شعبِنا وقواتِنا الامنيةِ ليس عرضةً للمزايدةِ ولا للمغامرات، وثقتُنا بشعبِنا مطلقة، وعلى كلِ خارجٍ على القانون الخضوعُ لسلطةِ الدولةِ وقانونِها وقضائِها، هؤلاءِ الشبابُ الذين سقطوا تركوا جرحاً في الصدور، لايمكن أن يبرأ بالتطميناتِ ولا بالكلامِ ولا بالوعود، بل يجب أن نتكاتفَ جميعاً لنطبّبَ جراحَ العراقِ في هذه المحنة ونمضي الى الأمام متحدينَ يشدُّ احدُنا ظهرَ الآخر.

وبما يعزُّ شعبَنا ويحفظُ مرجعيةَ الدولةِ وهيبتَها ويُرسي بناءَ مؤسساتِها: ((هذا الدم دم عراقي.. اللي يهتف حتى يطالب بحقه هو عراقي.. واللي يحاول يدافع عن المؤسسات من عناصر الامن والجيش هو عراقي.. ما لازم نوصل الهذي المرحلة نشوف دم ابنائنا بالشوارع.. ولازم نرجع واحد يشد ظهر الثاني المواطن والمسؤول والجندي حتى نتجاوز هذي المحنة))، هناك من يريدُ أن يتكلمَ عن أيدٍ خارجيةٍ في الاحداث، ولا نقولُ إنه ليسَ هناك من يريدُ ويمتلكُ مصلحةً في زرعِ الفتنِ بين الشعب الواحد، حتماً إن هناك مصالحَ تريدُ أن تستثمرَ كلَّ ثغرةٍ و كلَّ مشكلةٍ و كلَّ تناحرٍ داخلَ بلدِنا، لكنَّ الاساسَ هو ارادةُ شعبِنا الحي، وهذا الشعبُ العظيمُ اظهرَ للعالمِ معدنَهُ الاصيل، يجبُ أن نتصارحَ جميعاً مسؤولين واحزابَ وموظفين وناشطين ومثقفين ومواطنين بأنَّ هذا الحراك، هذه الاحتجاجاتِ جاءتْ على خلفيةِ البؤسِ والمظالمِ والشعورِ العام بحاجةِ البلدِ الى الإصلاح، تحصينُ بلدِنا من المؤامراتِ يأتي من خدمتِنا لشعبِنا اولاً، ومن شعورِ شعبِنا بالرضا ومشاركتِه في مسؤوليةِ بناءِ البلد، شعبُنا، وقواه الأمنية، الذي واجهَ الإرهابَ بشجاعةٍ عظيمةٍ، ودحرَ فلولَ داعش وسطَّرَ مآثرَ ستذكرُها الانسانيةُ جيلاً بعد جيل، يعاني منذُ سنواتٍ طويلةٍ من سوءِ الخدماتِ والبطالةِ وانعدامِ فرصِ العمل.

نعم.. إنَّ الاقتصادَ العراقيَ تعرضَ حقيقةً للاستنزافِ بسببِ التحدياتِ الامنيةِ والإرهابية، نعم.. الانتصارُ على داعش لم يكنْ بلا اثمانٍ غاليةٍ في الأرواحِ وفي إمكاناتِ الدولةِ ومقدراتِها، لكنْ ايضاً.. الفسادُ المالي والاداري، عرقلَ فرصَ التقدمِ، وكبَّلَ إمكانياتِ وطنِنا الكبيرةِ الكفيلةِ بنقلِ شعبِنا الى مصافٍ آخر.

المحاصصةُ الحزبيةُ والفئويةُ ترفضُ مغادرةَ واقعِنا رغمَ المحاولاتِ والدعواتِ المستمرة الى نبذِها واختيارِ طرقٍ عمليةٍ وعلميّةٍ حقيقيةٍ للوصولِ الى الحكم الرشيد، عندما تحلُ المصالحُ والمحاصصاتُ الحزبيةُ محلَ الإرادةِ الوطنيةِ الكفيلةِ بدفعِ العجلةِ المتوقفةِ الى الامام، فإن وطنَنا ينزفُ من إمكانياتِه وفرصِهِ من تطلعاتِ شعبِنا المشروعة، يقيناً أيها الاخوةُ والاخوات ابنائي وبناتي، إننا من دونِ مصارحةٍ حقيقيةٍ مع الضمير ومع شعبِنا لن نكونَ بمستوى إرادةِ هذا الشعبِ العظيم الذي أثبتَ ويُثبتُ وعيَهُ وإصرارَهُ على نيلِ ما يستحقُّهُ من مكانةٍ حضاريةٍ اصيلة، المصارحةُ المطلوبةُ.

يجبُ أن تتبعَها خطواتٌ جادةٌ وليستْ شعاراتٍ ووعوداً وتمنيات. الشعبُ يطالبُ بالعدالةِ الاجتماعيةِ والحياة الحرة الكريمة والحريةِ والامنِ وفرصِ العملِ والخدماتِ الاساسية، وهذه ليستْ مطالبَ مستحيلةً، بل هي في صُلْبِ مسؤوليةِ أيّةِ دولةٍ تمثّلُ شعبَها وتدافعُ عنه، يا شبابَ العراقِ، أنتم أملُنا ووسيلتُنا في أيِ اصلاحٍ حقيقيٍ وصولاً الى عراقٍ مزدهرٍ قوي ضامنٍ لأمنه واستقرارِه ينعمُ فيهِ ابنائه بحياةٍ حرة كريمةٍ، ولا شرعيةَ لأيِّ عمليةٍ سياسيةٍ أو نظامٍ سياسيٍ لا يعملُ على تحقيقِ متطلباتِكم وتطلعاتِكم في وطنٍ كريمٍ، هذا واجبُنا وإن شاء الله لن نحيدَ عنه أبداً.

حافظوا على سلميةِ تظاهراتِكم ولا تسمحوا للمتصيدينَ أن يسرقوا منكم هذا الوطن.. لا تسمحوا لأحدٍ بأن يسرقَ احلامَكُم ومطالبَكُم، إننا إذ نؤكدُ على احترامِنا وتقديرِنا لطروحاتِ المرجعيةِ الدينيةِ التي، شخّصتْ عبرَ خطبِها ونصائِحها مكامنَ الخلل مبكراً وحذرت من خطورة التلكؤ في عملية الإصلاحِ وخدمة المواطنين.

ومع تقديرِنا وتثمينِنا لكلِ الجهودِ، التي بُذِلَتْ من قِبَلِ الحكومةِ لمعالجةِ الازماتِ المتراكمة والموروثةِ والمعقدة والمرتبطة بإراداتٍ سياسيةٍ مُتقاطعة، وبناءً على ما تقدمتْ به رئاستا مجلسِ الوزراء ومجلسِ النواب من مبادراتٍ وخطواتٍ  للاستجابةِ الى مطالبِ المتظاهرين، وايضاً بناءً على مداولاتٍ جادةٍ مع عددٍ من القياداتِ السياسيةِ والوطنية والمنظماتِ المدنيةِ والفعالياتِ المجتمعية، وحقيقةً تقديراً لموقفِ السيد مقتدى الصدر الهادف والداعي إلي وقف نزيف الدم العراقي والحرص على الاتيان بحلول جذرية لمشاكل الناس.

أطرحُ امامكم النقاطَ التالية للمُباشرة نحوَ إنجازِها خلال مدةٍ زمنية قصيرة الأجل:

أولاً: فتحُ تحقيقٍ قضائيٍ بمسبباتِ العنفِ الذي حصلَ خلالَ الايامِ الماضية، وأخذُ إجراءاتٍ وقراراتٍ جادةٍ لتحديدِ آلياتِ مواجهةِ هذا النوعِ من الاحتجاجاتِ ومنعِ الاندفاعِ إلى استخدامِ القوةِ المفرطة على أساسِ قواعدِ الاشتباك ومكافحةِ الشغب وحماية حقِّ المواطن في التظاهر السلمي، وعلى الجهات المختصة محاسبةُ المسؤولين عن اراقةِ الدمِ العراقي.

ثانياً: استجابةً لدعوةِ المرجعيةِ الدينيةِ سنعملُ على دعمِ تشكيلِ لجنةِ خبراءَ مستقلين، من الشخصياتٍ المشهودِ لها بالكفاءة والنزاهة، وفتحِ بابِ الحوارِ البنّاء مع القوى الفاعلة وفي مقدمتِهم أبناؤنا المتظاهرون، وسنعملُ في إطارِ الرئاسات والقوى السياسية لضمانِ أن تحظى هذه اللجنةُ بأجماعٍ وطني، وتوفيرِ الأجواءِ المطلوبةِ لعملِها دونَ تدخلاتٍ سياسيةٍ، لتكونَ قادرةً على تشخيصِ الخللِ ووضعِ المعالجاتِ الوافيةِ للبدءِ بعمليةٍ فعالةٍ للإصلاحِ، وبالاستعانةِ بالدعمِ المرجعي والشعبي، ونعتبرُ مخرجاتِ اللجنةِ المقترنةٍ بفتراتٍ زمنيةٍ مُحدّدةٍ خطواتٍ عمليةً وخارطةَ طريقٍ مُلْزِمَةً للمضيِّ بها، وستضعُ رئاسةُ الجمهورية كلَّ امكاناتِها لإنجاحِ هذا الجهد.

ثالثاً: فتحُ حوارٍ سياسيٍ شاملٍ وصريحٍ وبنّاءٍ لتشكيلِ كتلةٍ وطنيةٍ نيابيةٍ ساندةٍ وداعمةٍ لخطوات الإصلاحِ بما فيها مُخرَجاتُ اللجنةِ المقترحةِ من قِبَلِ المرجعيةِ العليا والإجراءاتُ التشريعيةُ والحكوميةُ، وتذليلُ العقباتِ والضغوطاتِ السياسية، ومساعدةُ الحكومةِ على المضيِ باتجاهِ خطواتٍ فعالةٍ لمحاربةِ الفسادِ وتوفيرِ الخدمات.

رابعاً: دعمُ الجهود الرامية في الحكومة لإجراءِ تعديلٍ وزاريٍ جوهريٍ لتحسينِ الاداءِ الحكومي وتعزيز هذا الاداء وتفعيلِ آلياتِ العملِ بما يشملُ تحقيقَ قفزةٍ نوعيةٍ مطلوبةٍ في الاداءِ والخدمات. ومن اجل استكمال مشروع الدولة والنهوضِ بمؤسساتها، وحفظِ هيبتها وتأكيد مشروعيتِها، ودورِها في خدمة الناس.

خامساً: تفعيلُ دورِ المحكمةِ المختصةِ بقضايا النزاهة، وتوفيرُ الظروفِ الملائِمَةِ لعملِها بحريةٍ، وإحالةِ جميعِ ملفاتِ الفساد لحسمِها ضمنَ توقيتاتٍ محددةٍ، ومنعِ أيِّ استثناءٍ في هذا الشأن، ولا حصانةَ في هذا الملفِ الحيويِ لأي طرفٍ أو جهةٍ أو شخصية، بالاضافةِ الى العملِ على استردادِ المال العام.

سادساً: سنعمل على دعم تعهداتِ الحكومةِ ومجلسِ النواب بتعويضِ المتضررينَ من الاهالي من أعمالِ رفعِ التجاوزاتِ بصورةٍ مُجزيةٍ لمساعدتِهم على تحملِ أعباءِ السكن، ووقفُ تنفيذِ عملياتِ رفعِ تجاوزاتٍ أخرى قبلَ التأكُّدِ من تعويضِ المتضررين، على أن يتمَّ ايضاً رفعُ تجاوزاتِ الأحزابِ والقوى المرتبطة بأجهزةِ الدولةِ والشركاتِ في كل انحاء العراق، و كذلكَ التشريعاتُ و الإجراءاتُ التنفيذيةُ المطلوبةُ لإيجادِ فرصِ عملٍ و تقديمِ معونةٍ ماليةٍ للعاطلين و تأهيلِهم ولا سيما الخريجين وحملةَ الشهادات العليا، و غيرِ ذلك من الإجراءاتِ التي اعلنَها مجلسُ الوزراء في مبادراتٍ اقتصاديةٍ، و خدميةٍ عاجلة.

سابعاً: دعمُ الإسراع بتشكيلِ مجلسِ الخدمةِ الاتحادي من المستقلين، على أن يتولى خلالَ فترة وجيزة أعمالَهُ بدراسةِ طلباتِ التعيين بعدالة، ومنحِ الخريجين وايضاً من حَمَلةِ الشهاداتِ العليا الاولويةَ في التعيين، وإجراءِ مراجعةٍ شاملةٍ لإجراءاتِ وضوابطِ وآلياتِ التعيينِ الحكومي، بما يمنعُ المحسوبياتِ والفسادَ في هذا الملف. بالإضافةِ الى إطلاقٍ فوريٍ للدرجاتِ الوظيفيةِ المقررَّةِ في الموازنةِ وإطلاقِ درجاتِ حركةِ الملاك.

ثامنا: إعادةُ النظرِ بالقانونِ الانتخابيِ لمجلسِ النواب ومنظومته وبما يعيدُ الثقةَ بالعمليةِ الانتخابيةِ ويشجعُ مشاركةَ المواطنين وتشريعُ قانونٍ جديدٍ ينسجمُ مع الطموحاتِ الوطنيةِ لجميعِ فئاتِ الشعب العراقي، وستتولى رئاسةُ الجمهوريةِ تشكيلَ فريقِ حوارٍ وطنيٍ لمتابعةِ هذا الملف بمساعدةِ خبراءَ من الأممِ المتحدة. وتشكيلُ مفوضيةٍ مستقلةٍ للانتخاباتِ وبما يسمحُ بأقصى درجاتِ الشفافيةِ والنزاهة في العمليةِ الانتخابية.

تاسعا: المباشرةُ بفتحِ حوارٍ وطنيٍ لمناقشةِ المعالجاتِ المطلوبةِ للاختلالاتِ الكامنةِ في المنظومةِ السياسية، والتي تعرقلُ تعزيزَ مبادئِ الحكمِ الرشيد وبما يؤدي الى تمتينِ الوحدة الوطنية، أيها الاعزاءُ والأحبةُ، ابنائي المتظاهرين من اجل حقوقِكم المشروعةِ، ادعوكُم الى المشاركةِ في حوارٍ بنّاءٍ وحقيقيٍ في نطاقِ منظومةٍ وطنيةٍ حريصةٍ وصادقة تضمَنُ اطلاعاً شعبياً على خطواتِ الاصلاح، وعقدَ لقاءاتٍ مباشِرةٍ ويوميةٍ مع شبابِنا في كلِ المدنِ للبحث معهُم في الاصلاحِ وترشيدِ الحكم وتحقيقِ الأهداف التي نسعى اليها جميعاً.

كما أدعو الى وقفِ التصعيدِ وانتظارِ نتائجِ الخطواتِ المُتَخَذة من كلِ الاطرافِ والجهاتِ المسؤولة للاستجابة الى مطالبِ الشعب وتطلعاتِه. كفى بنا تناحراً كفى دماً عراقياً كفى اراملَ وثكالى وايتاما في هذه البلاد.  العراقُ عانى الأمرّين من العنفِ و التعسفِ والتنكيل و المقابرِ الجماعية و الانفالِ و والاقصاء والحروبِ و الحصارِ و الارهابِ.. و العالمُ يقرُّ بأننا قد نكونُ مقبلينَ على تحولٍ تكونُ فيهِ الاولويةُ لإعمارِ بلادِنا..   لا نريد أن يكونَ العراقُ وقوداً لصراعاتِ الآخرين ولا ساحةَ تصفيةِ حسابات.

شبابُنا وأهلُنا لهم الحقُّ في التعبيرِ عن رأيِهم، الدستورُ يكفلُ ذلك و أيُّ مصادرةٍ لهذا الحقِّ أمرٌ غيرُ مقبولٍ وغيرُ دستوري.

التظاهرُ السلميُّ حقٌ مكفولٌ دستورياً وديمقراطياً وشعبُنا يستحقُّ هذا الحقَّ ومن الحيفِ حرمانُه من ممارسةِ حقه، المتربصونَ والمجرمونَ الذين واجهوا المتظاهرين والقوى الأمنيةَ بالرصاصِ الحي.. هم اعداءُ هذا الوطن، وهم أعداءُ الشعب، ويجبُ أن نقفَ لمنعِهم من تحقيقِ مآربِهم.

واجبُ الإعلام مسؤوليةُ نقلِ الخبرِ بحيادية والابتعادُ عن التأجيج، لكنْ ما تعرضتْ لهُ بعضُ القنواتِ ووسائلِ الاعلام من ترهيبٍ غيرُ مقبولٍ لا دستوراً ولا قانوناً وهو يمثلُّ ضربةً في الصميم لقيمِ العراقِ الدستورية، ويجبُ ضبطُ النفسِ ومنعُ التصعيدِ وحفظُ مساحة للحوار بينَ ابناءِ الوطنِ الواحد، ومنعُ الاجنبي من التدخلِ في حوارِنا الوطني وفي خيارنا الوطني.

أبناءَ شعبِنا الكريم، إن هذهِ الاجراءاتِ والمقترحات لا يُمكنُ أن تكونَ نهايةَ المطافِ في ضمانِ تطلعات الشعب العراقي، لكنها ستوفرُ أرضيةَ البدءِ بالإصلاحِ الحقيقي، ولن يكونَ بالإمكانِ تطبيقُ هذه المفرداتِ إلا برقابةٍ شعبيةٍ حقيقية، وحريةٍ وشفافيةٍ في تداولِ المعلوماتِ وضمانِ حريةِ الاعلام، لنحفظ بلدنا ولتحترم إرادة شعبنا، فالشعبُ هو صاحب القرار في اختيار من يأتمنه على إدارةِ شؤونِهم وأمورِهم، القرارُ قرارُ الشعب، والشرعيةُ شرعيةُ الشعب، والديمقراطيةُ هي وسيلةٌ لتنفيذِ إرادةِ الشعب.

وفي نهاية الكلمة، الرحمةُ والغفرانُ لشهدائِنا والشفاءُ العاجلُ لجرحانا كلُّنا أبناءُ وطنٍ واحد كلنا للعراق، لاستقراره وحماية ابناءه، حفظكم اللهُ جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.