طارق الشناوي يكتب: "مالمو" يكشف النفخ فى "الزبادى"!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


مهرجان حميم ودافئ، يمنح رواده فرصة لرؤية العالم العربى بكل أطيافه، وليست فقط السينما، الشريط الذى يتحرك أمامك يقدم حالة البلد ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، ويشير إلى أى مدى يتمتع السينمائى داخل وطنه بحريته فى التعبير، وعندما نعلم مثلا أن فيلم ختام (مالمو)، والذى سيعرض مساء الأربعاء القادم، (يوم وليلة) للمخرج أيمن مكرم بطولة أحمد الفيشاوى وخالد النبوى ودرة، لم يحصل بعد على تصريح العرض العام فى مصر، لاعتراضات رقابية أراها (خايبة)، وتدخل فى إطار ما تعانيه مصر حاليا فى شتى مناحى الحياة على أرض المحروسة وهو (النفخ فى الزبادى)- سوف أشير إلى هذا الزبادى الذى أخافهم بعد مشاهدة الفيلم- ويظل تعثر عمل فنى داخل وطنه بعد أن وافقت الرقابة مسبقا على السيناريو، يلقى بظلال سيئة على (ترمومتر) حرية التعبير.

المهرجان بدأ دورته الأولى مواكبا لثورات الربيع العربى، وهكذا كان حرص صاحب فكرة المهرجان (محمد القبلاوى) المخرج الفلسطينى السويدى الجنسية، على أن يلتقط السينما وكيف تحرك العقل والوجدان العربى، فى كل دورة يحتفى بواحدة من السينمات، العام الماضى كانت مصر، هذه المرة تونس، وهكذا افتتح المهرجان أمس الأول بالفيلم التونسى (فى عينيا)، وتم تكريم المنتج الراحل نجيب بلعياد مدير مهرجان (قرطاج) الذى ترك بصمة لا تنسى على الحياة السينمائية فى تونس، كما أنه ترك مساحة لا تمحى فى قلب كل من عرفه.

العنوان العربى هو المسيطر على (مالمو) ليستكمل ما حرص عليه مهرجان (قرطاج ) عام 66 عندما أسسه الناقد التونسى طاهر الشريعة معلنا عن توجهه العربى الإفريقى. العديد من المهرجانات العربية ومن بينها (القاهرة) تسمح بمسابقة عربية، بدأت فى المرحلة التى تولى فيها سعد الدين وهبه دفة قيادة المهرجان، وقبل أن يعلن عن مسابقة خاصة بالفيلم العربى، فلقد كان التواجد العربى دائما لافتا، أتذكر مثلا أن سوريا، برغم أن مهرجان (دمشق) السينمائى كان يسبق افتتاح (القاهرة) ببضعة أسابيع وأحيانا بأيام، إلا أن مؤسسة السينما هناك كانت تحرص على أن تُبقى على فيلم سورى، لم يعرض من قبل، من أجل أن يحظى (القاهرة) بالعرض الأول.

وفى دولة الإمارات العربية عام 2004 بدأنا نتابع توجها عربيا مباشرا فى مهرجان (دبى) وكان يشترط العرض الأول، حقق نجاحا إقليميا ودوليا ضخما، نفخر به وبعد 14 دورة توقف قبل عامين، بدون أسباب مقنعة.

مهرجان (مالمو) لا يشترط الحصول على سبق العرض وهكذا مثلا ستجد فيلمى (ليل خارجى) لأحمد عبد الله و(الضيف) لهادى الباجورى، يمثلان السينما المصرية، سبق عرضهما تجاريا وشاركا فى أكثر من مهرجان، إطلالة (مالمو) تلعب دورا مغايرا، الهدف الأسمى وهو الاقتراب من تقييم حالة السينما العربية وسط تحديات تريد أن تمنع عنها حتى حق التنفس.

لجان التحكيم فى مالمو يحرص القبلاوى بقدر المستطاع على تحقيق التوازن فيها، وهو ما يعنى أن تلك (الشوفينية) والتى تعنى الانحياز العاطفى المغمض العينين للبلد، لن يُصبح لها الكلمة العليا.

وهى آفة نلحظها حتى فى تصريحات عدد من النجوم الذى يعتقدون أن حب الوطن يعنى الحماس الفنى والثقافى المسبق لأى عمل فنى يمثل البلد، وتلك حكاية أخرى تستحق وقفة قادمة.