تزايد أطماع الرئيس التركي في شمال سوريا

عربي ودولي

بوابة الفجر



تستمر تركيا في العمل على تعزيز نفوذها في شمال سوريا، وذلك بتبني استراتيجية قائمة على تمتين وجودها العسكري، بالتزامن مع دعم تدخل السلطات بالشؤون المدنية والاقتصادية والأمنية لسكان المنطقة، والعمل على "تتريكها"، تمهيدا لضمها بشكل نهائي في المستقبل.

وتعود بداية التدخل التركي في المنطقة لأغسطس 2016، حيث أطلقت أنقرة عملية عسكرية رفعت شعارا ظاهريا تمثل بالقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي.

ومع حلول العام 2017، حققت القوات التركية تقدما كبيرا إذ سيطرت على جزء من الشريط الحدودي بين البلدين، من جرابلس شرقا، واعزاز غربا، والباب جنوبا.

وبدأت الأهداف الخفية لتركيا تتضح لاحقا، حيث أعلنت أنقرة أكثر من مرة أنها تريد إيقاف أي توسع للقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة بأي مناطق غربي الفرات.

وبالفعل أطلقت تركيا بالتعاون مع جماعات مسلحة تابعة لها في يناير 2018 عملية عسكرية بالمنطقة، هدفها الأول كان السيطرة على عفرين الخاضعة لحماية المقاتلين الأكراد.

وبعد إحكام سيطرتها على عفرين، بدأت تركيا بتغيير "ديموغرافيا" المنطقة باستبدال الأكراد بآخرين نزحوا من مناطق استعادتها الحكومة السورية من الفصائل التي كانت تدين بالولاء لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.

واستندت تركيا أيضا على وثائق عثمانية لتبرير سيطرتها على مدينتي جرابلس ومنبج في محافظة حلب، كما تذرعت بوجود مقابر تعود لقادة عثمانيين في مناطق أخرى شمالي سوريا، لبسط نفوذها عليها.

ومن إدلب إلى عفرين في حلب، لم تتوقف الأطماع التركية في السيطرة على المزيد من الأراضي السورية، بذريعة مواجهة الجماعات الكردية المسلحة، التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.

ولم يقتصر التدخل التركي في سوريا على قضم الأراضي، بل امتدت الهيمنة التركية لتشمل الكتب المدرسية ولافتات الطرق والمؤسسات العامة التي باتت تعج باللغة التركية.

والى جانب التواجد العسكري، وجدت المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة التركية خلال العامين الماضيين، موطئ قدم لها في هذه المنطقة الآمنة نسبيا، شمالي سوريا.

وأنشأت أنقرة على سبيل المثال شبكة كهرباء في مدينة جرابلس، حيث عُلقت صورة للرئيس التركي أردوغان على جدار في مستشفاها الرئيسي المدعوم من أنقرة.

كما تنتشر في سوق أعزاز محال تبيع البضائع التركية من حلويات وثياب ومواد تنظيف ومشروبات غازية ومواد غذائية كالسمنة والسكر والزيت.

ويحصل بعض السكان على البضائع عبر "المديرية العامة للبريد التركية" الرسمية، التي فتحت مكتبا لها في مدينة أعزاز يعمل فيه موظفون أتراك وسوريون.

ويُسمح في مكتب البريد باستخدام الليرة التركية فقط، التي تراجعت إلى أدنى معدلاتها مقابل الدولار خلال الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد المستوردة من تركيا.

حلم أردوغان التوسعي

واستكمالا للمخطط التركي التوسعي، توصلت واشنطن وأنقرة إلى اتفاق في أغسطس الماضي، لإقامة منطقة آمنة بين الحدود التركية والمناطق السورية، شرقي نهر الفرات، الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.

وتسعى تركيا إلى المنطقة الآمنة بالتفاهم مع الولايات المتحدة كمدخل للتوسع الجغرافي، الذي يؤمن فيه القوميين الأتراك، وتقتضي الخطة التوسع في داخل تراب سوريا وفرض منطقة آمنة مؤقتة، كتكتيك مرحلي نحو توسع يشمل تسع محافظات سورية (حلب والحسكة ودير الزور والرقة وحماة وحمص واللاذقية وإدلب وطرطوس)، في حين تشمل خارطة التوسع في العراق محافظات (الموصل ودهوك، وأربيل، والسليمانية، وكركوك، وصلاح الدين).

وتضغط أنقرة بكل ما أوتيت من قوة لإقامة المنطقة العازلة استكمالا لمخططها التوسعي، حيث قالت وزارة الدفاع التركية، اليوم الجمعة، إن وزير الدفاع خلوصي أكار أبلغ نظيره الأمريكي مارك إسبر هاتفيا بأن تركيا مصممة على إنهاء العمل مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بإقامة "المنطقة العازلة" في شمال شرق سوريا إذا تلكأت واشنطن في هذا الأمر.

وتابعت الوزارة في بيان، أن أكار أبلغ وزير الدفاع الأمريكي بأن تركيا تسعى لإقامة "منطقة آمنة" بعمق نحو 30 كيلومترا في الأراضي السورية إلى الشرق من نهر الفرات، ودعا الولايات المتحدة لوقف دعمها تماما لوحدات حماية الشعب الكردية.

وكان مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، قد قال الشهر الماضي، إن الولايات المتحدة تعطل تنفيذ اتفاق لإقامة "منطقة آمنة" في شمال سوريا.

وأوضح أوغلو، أن نهج الولايات المتحدة في اتفاق المنطقة الآمنة غير مرض، مضيفا أن الخطوات التي اتخذتها شكلية فحسب، مضيفا "نحن نرى أن الولايات المتحدة تدخل مرحلة تعطيل، وتحاول حمل تركيا على الاعتياد على عملية التعطيل هذه".