إيرانيون في تركيا يكتشفون وسائل للتحايل على العقوبات

عربي ودولي

مدينة إسطنبول التركية
مدينة إسطنبول التركية


اكتشف الإيرانيون في تركيا وسيلة للالتفاف على القوانين السارية في بلادهم لشراء العقارات، والحصول على جوازات سفر تركية على أمل حماية قيمة مدخراتهم، رغم تشديد العقوبات الأمريكية على إيران.

 

ومع اكتشاف وسائل للتحايل على قيود تحويل الأموال في إيران، دفع الإقبال على شراء المساكن الإيرانيين لاحتلال المرتبة الثانية في قائمة مشتري العقارات الأجانب في تركيا، بعد العراقيين.

 

طرق ملتوية

وقال صاحب متجر سابق للأدوات الكهربائية، يساعد الآن بني وطنه على شراء وحدات سكنية في إسطنبول، إن مئات الإيرانيين من أصحاب المهن اضطروا لإجراء "تحويلات نقدية بالاحتيال" لتسيير أمورهم.

 

وفي مقابلة في مجمع يضم أبراجاً سكنية، ومتاجر يدور الحديث فيه بالفارسية جنباً إلى جنب مع التركية، قال صاحب المتجر السابق، إنه ليس فخوراً بما يفعله لأن عمله ينطوي على مساعدة الإيرانيين في تحويل الأموال من بلادهم، مقابل عمولة.

 

وبعض التعاملات التي يبرمها لحساب مواطنيه مخالفة للقانون، وهو يعلم أنه إذا عاد إلى بلاده، ستقبض السلطات عليه بتهمة غسل الأموال.

 

وقال مشترطاً حجب اسمه: "لا توجد وسيلة لإنجاز ذلك بطريقة قانونية، لذلك نساعدهم في تحويل الأموال. من أنا لأفعل ذلك؟ يجب أن يقوم بنك في الواقع بهذه المهمة".

فشل الحكومة

ودفعت سياسة "الضغوط القصوى" التي تفرضها واشنطن لتكبيل اقتصاد إيران، وإرغامها على التنازلات في برنامجها النووي، طهران لفرض قيود على ملكية المواطنين للنقد الأجنبي خارج البنوك.

 

غير أن محللين يقولون، إن هذا الإجراء وتدابير أخرى تهدف إلى دعم الريال الإيراني قوبلت بتجاهل على نطاق واسع، الأمر الذي دفع الحكومة للجوء إلى المقايضة لحماية الاقتصاد.

 

ويقول خمسة إيرانيين حاورتهم رويترز عن شراء العقارات في تركيا، إن ما أغراهم هو تشابه الثقافة في البلدين حيث الأغلبية المسلمة، وسهولة تسجيل الأعمال كأجانب، في بلد لا يعترف بالعقوبات الأمريكية على إيران.

 

ركود الاقتصاد التركي

وبعد أن انزلق الاقتصاد التركي إلى الركود بسبب أزمة العملة في العام الماضي، سهلت أنقرة حصول رعايا دول أخرى على الجنسية، وخفضت الحد الأدنى المطلوب للاستثمار في العقارات من 1 مليون دولار إلى 250 ألف دولار.

 

والهدف من إصدار جواز السفر مدى الحياة للأجانب الذين يلتزمون بالامتناع عن بيع عقاراتهم لمدة لا تقل عن ثلاثة أعوام، هو الحفاظ على تدفق الأموال إلى الاقتصاد الذي ازدهر بفضل حركة البناء فيه بأموال أجنبية منذ سنوات.

 

غير أن أبناء الطبقة المتوسطة الإيرانيين، رأوا في الملكية العقارية فرصة للتخلص من الصعوبات التي يواجهونها في بلادهم، وملاذاً آمناً من العقوبات الأمريكية التي شددتها واشنطن منذ أسبوعين باستهداف البنك المركزي الإيراني.

 

خطط بديلة

وقال المحامي الإيراني علي أصغر زادة، الذي ينوي نقل أسرته من تبريز إلى إسطنبول بسبب الأوضاع الاقتصادية: "لدي أصدقاء ومعارف كثيرون اشتروا مساكن في إسطنبول، وإزمير. الناس يفكرون في شراء مساكن في خطة بديلة".

 

وأضاف أصغر زادة، أنه فوجئ بارتفاع ثمن ألبان الأطفال في إيران ثلاثة أمثاله في غضون شهور، بعد إعادة فرض العقوبات. وعندها قرر أن تركيا هي الخيار السليم لعائلته.

وتبين أرقام رسمية ارتفاع عدد العقارات التي اشتراها إيرانيون في تركيا إلى مثليه تقريباً في الأشهر الثمانية الأولى، من العام الجاري.

 

وانخفض مؤشر أسعار العقارات السكنية بعد أخذ التضخم في الاعتبار 11.2% في يوليو على أساس سنوي.

وربما عجل انخفاض الأسعار بتراجع إقبال الإيرانيين على شراء وحدات سكنية في أسواق العقارات الغربية، في الوقت الذي قللت فيه شركات إيرانية استثماراتها في الخليج.

 

جوازات السفر

وقال فاتح جاياباتماز المدير بشركة في.آي.بي تيركش باس الاستشارية، التي تساعد الأجانب في التقدم بطلبات الحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار، إن الإيرانيين اعتادوا الشراء في الولايات المتحدة، أو كندا، أو أوروبا.

غير أن السياسات الأمريكية المناهضة للهجرة، وازدياد الخوف من الأجانب في أوروبا أقنعا الإيرانيين بالتفكير في سوق أقرب إلى بلادهم.

 

وقال جاياباتماز: نرى أن هناك زيادة في الإقبال من جانب الإيرانيين على الجنسية التركية".

 

وأضاف أن من المفيد أن تركيا تمنح الأجانب بسهولة أرقام هوية ضريبية يمكنهم من خلالها شراء العقارات، وتأسيس الشركات.

 

وقال: "الأمر بهذه البساطة. الإجراءات البيروقراطية في تركيا تكاد تصل إلى الصفر، عندما يتعلق الأمر بالأجانب".

 

تسهيلات

وحصل أكثر من 981 أجنبياً على الجنسية التركية منذ سبتمبر(أيلول) 2018، عندما خفضت أنقرة الحد الأدنى للاستثمار العقاري للحصول على الجنسية، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية، أكثر من 250 منهم، إيرانيون.

 

ورغم العقوبات الأمريكية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي، إن بلاده تحتاج للنفط والغاز الطبيعي الإيراني، وستواصل شراءهما.

 

وقال صاحب المتجر السابق الذي طلب حجب اسمه، إن مئات الشركات موجودة "على الورق" في تركيا، لا لشيء إلا تمكين الإيرانيين من تحويل المال، مضيفاً أنه سجل بعض الشركات، ومنها شركة مجوهرات وشركة مستلزمات دوائية.