"رئيس مُحتمل خلف القضبان".. هل يصل نبيل القروي لقصر قرطاج؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


 

ما زال "نبيل القروي" المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية يقبع في السجن، بعد أن أُلقي القبض عليه في أغسطس المنصرم، ليثير الكثير من علامات الاستفهام المحاطة بالدهشة، عن الكيفية التي وصل بها رجل أعمال سجين على ذمة قضايا فساد وغسيل أموال، على المركز الثاني في نسبة الانتخاب، الأمر الذي يؤهله لخوض جولة جديدة أمام منافسه قيس سعيد.

 

صوت المهمشين

 

تخطى نبيل القروي العقد السادس بـ6 سنوات، ومع ذلك فإنه لا يمتلك مسيرة سياسية أو أكاديمية كبيرة، كما أن اسمهع لم يلمع في تونس إلا في السنوات الماضية، نظرًا لكونه أحد الكوادر الإعلامية بعد تأسيسه لمجموعة "قروي" التي أنشأت قناة نسمة التليفزيونية، والتي أثارت في نهاية 2011 الجدل بعد عرض فيلم "بيرسيبوليس" الفرنسي الإيراني الذي جسد صورة الذات الإلهية، ما تسبب بفرض غرامة على القروي بقيمة 1200 يورو بتهمة "تعكير صفو النظام العام".

 

أخذت حياة القروي طريقًا جديدًا في عام 2016، وذلك بعد وفاة أخيه، ليتجه بعدها إلى العمل الخيري، وجمع تبرعات للفقراء من الشعب التونسي، الأمر الذي أكسبه قاعدة شعبية كبيرة، جعلته يطلق على نفسه "صوت الفقراء" و"صوت المهمشين".

 

لا يتجاوز النشاط السياسي للقروي الثلاث سنوات فقد ساهم في تأسيس حزب نداء تونس مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، إلا أنه أعلن رحيله عن الحزب، لعدم اقتناعه بالسياسة التي ينتهجها الراحل، فقرر القروي بعدها تأسيس حزب "قلب تونس" في يونيو الماضي وهو الحزب الذي خاض من خلاله الانتخابات الرئاسية التونسية الحالية ووصل إلى جولة الإعادة.

 

كما اتُهم القروي بأنه من فلول نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على، إلا أنه نفى تلك الاتهامات، مؤكدًا على أن النظام التونسي الراحل كان دائما ما يضع القيود أمام أعماله التجارية وشركاته.

 

القروي سجينًا.. كيف وُضع بين الجدران؟

 

يوم 23 أغسطس الماضي ألقت السلطات التونسية القبض على القروي، وكالت له العديد من الاتهامات منها غسيل الأموال، وهو ما نفاه المتحدث باسمه، حاتم المليكي، حيث قال إن القروي سجين سياسي والأمر لا يتعلق بإيداعه في السجن فقط، بل يتعلق بالعديد من الوقائع الأخرى، إذ جرت منذ أشهر محاولة استصدار قانون من البرلمان لحرمانه من الترشح خلال الفترة الانتخابية، وهو ما يخالف الأعراف والقوانين الديمقراطية حيث كان الهدف من ذلك إقصاء القروي شخصيًا وتحديدا من السباق الانتخابي.

 

ساعد القبض على القروي قبل معركة الانتخابان، أن يكون من أكثر المرشحين الأوفر حظًا، فعلي الرغم من التهم التي وُجهت إليه لا أن ذلك لم يمنعه من الاستمرار والوصول إلى المرحلة الثانية، كما غاب القروي عن المناظرات التليفزيونية، رغم وجوده في القائمة النهائية للمرشحين، وفى المجموعة الأولى من المناظرات، ولم يتواجد نبيل القروي في الليلة الأولى من مناظرات "تونس تختار"، وظل كرسيه شاغرًا طوال ساعتين ونصف.

 

وقد غرد القروي عبر الحساب الخاص به عبر تويتر: "حرموني هذه الليلة من حقي الدستوري للتعبير أمام الشعب التونسي، ويجرؤون على الحديث عن انتخابات شفافة وديمقراطية في غياب مبدأ أساسي وهو التساوي في الحظوظ"، ووفقًا لما نشرته وكالة فرانس 24، فإن منظمي المناظرة درسوا إتاحة مشاركته في النقاش عبر الهاتف من زنزانته، لكن القرار ترك للقضاء.

 

وحاولت قناة الحوار إجراء حوار مسجل مع القروي من داخل السجن، وهو ما وافقت عليه الهيئة المستقلة للانتخابات، ولكن بعد عرض الأمر على محكمة الاستئناف التونسية رفض الطلب لتعارضه مع مواد من قانون "تنظيم السجون"، ولم يقف نبيل عاجزًا عن الممارسات التي قامت بها السلطة التونسية ناحيته، فأضرب عن الطعام قبيل ساعات من الانتخابات داخل سجنه، وذلك للمطالبة بحقه في الاقتراع.

 

المُرشح يتحدث من محبسه

 

استطاعت مجلة "لوبوان" الفرنسية إجراء حوار مع نبيل القروي من داخل سجنه، حيث أكد على أن الانتخابات ستتحول إلى "مسخرة ديمقراطية" إذا لم يتم الإفراج عنه، واتهم القروي رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وحزب حركة النهضة بالوقوف وراء دخوله السجن من أجل إقصائه من المرور إلى الدور الثاني، لكن النتيجة جاءت عكس ما أرادوا، متوقعًا أن يظل في السجن إلى ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية المنتظرة في 6 أكتوبر.

 

وقال القروي: "هؤلاء الناس لا علاقة لهم بداخل البلاد، الشيء الذي تسبب لهم في هزيمة نكراء، وسيبذل إسلاميو النهضة قصارى جهدهم للاحتفاظ بي في السجن حتى يوم 6 أكتوبر، موعد الانتخابات التشريعية، حيث يعتقدون أنهم إذا نجحوا في إبعادي واحتفظوا بتوقيفي، سيفوزون بالاستحقاق التشريعي".

 

وفيما يتعلق بالدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، التي تُجرى بعد أسبوعين، أشار القروي: "ستكون معركة حاسمة بين قيس سعيّد والنهضة من جهة، ومحور حداثي اجتماعي ليبيرالي أمثله أنا وحزب قلب تونس وعلى كل ناخب أن يختار معسكره. سأكون رئيسًا عصريًا مدافعًا عن القيم الديمقراطية، متسامحًا يحترم حقوق الأقليات، ورئيسًا قريبًا من مواطنيه، يجوب البلاد طولًا وعرضًا لمحاولة تحسين أوضاعهم اليومية.

 

القروي باقٍ في السجن

 

لم تفلح المساعي التي بذلها محاميو القروي في الإفراج عنه، فقد قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة تونس، اليوم الأربعاء، تأجيل النظر في طلب الإفراج عن المرشح للرئاسي في الدور الثاني، نبيل القروي، إلى يوم الاثنين القادم، وجاء قرار تأجيل النظر في الإفراج عن القروي الذي يرأس حزب "قلب تونس" لتعذر انعقاد الجلسة بسبب إضراب القضاة.