د.حماد عبدالله يكتب: شلة "النميمة" فى الستينيات !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله -
د.حماد عبدالله - أرشيفية


ما يمتع في الليالي التى يجتمع فيها مجموعة من الأصدقاء, أن يستهلكوا بعض الوقت من اللقاء إما على فنجان شاي أو قهوة أو عصير, ويمتد في بعض الأحيان اللقاء إلى عشاء أو تناول بعض السندوتشات , ويتخلل عادة اللقاء أحاديث, عن أصدقاء أو زملاء أخرين أو أعمال مرتبطة مع البعض ، وغالباً يتعرض الأصدقاء إلى الأوضاع والأحداث الجارية, والإدلاء بالرأي فيها, ووضع تصور لما يجب أن يكون , وعادة الأصدقاء يكون الحديث بينهم أكثر إنفتاحاً وأكثر صدقاً, عما أن كان نفس الحديث بين زملاء عمل أو زملاء طريق أو سفر .
وأتذكر مع أصدقاء لي منذ الدراسة الثانوية والجامعية خاصة بأن لقاءاتنا وأحاديثنا , كنا نطلق عليها (حديث النميمة) منذ شبابنا , كان لدينا لقاء نميمة يجمعنا وأتذكر جيداً وكذلك أصدقائي وهم المرحوم الدكتور "سعيد الوتيري" والمرحوم المهندس "محمد أنور القباج" , والمهندس "وفائي عبد الدايم" والمرحوم  المهندس " فايق خضر" والدكتور "فاروق الششتاوي" , والمهندس "إبراهيم عبد الصمد" جناح أيمن النادى الأهلى الشهير!!
هؤلاء هم كانوا مجموعة أصدقاء (النميمة) كما أطلقنا عليهم في الستينيات , وكانت مشاربنا تختلف حيث البعض منا كان مؤمن بالإشتراكية وشارك في عضوية منظمة الشباب (مثلي) ومنهم من لا يؤمن بالإشتراكية بل يؤمن بالنظريات الرأسمالية ، وخاصة تلك الموجة الأمريكية التى إجتاحت العالم في أعقاب (ثورة الشباب) في فرنسا عام (1969), وكان  يتزعم فريق الأصدقاء في هذا الإتجاه المرحوم المهندس "فايق خضر" , ويميل إليه المرحوم المهندس "محمد أنور القباج " , وهو ما كان يمثل لنا رجل الأعمال في هذا الزمن , حيث "محمد أنور" إبن المرحوم " أنور القباج" أصحاب محلات (أنور أفندي) أشهر محلات بيع الأقمشة الصوفية في شارع (سليمان باشا) (الله يرحم الشارع) !! ويرحم أصحاب المحلات المحترمة فيه وعلى رأسهم المرحوم "أنور أفندي"وكانت الأحاديث في (مجتمع النميمة), تتعرض للسياسة العامة التى تنتهجها مصر بزعامة "جمال عبد الناصر". وكان لكل منا موقفه من تلك السياسات وخاصة بعد هزيمة يونيو (1967)!! 
ولم أرى في عيون هؤلاء الأصدقاء المعارضون لي وبعضنا في رأيهم نحو السياسة العامة والرئيس الراحل "جمال عبد الناصر", نظرة تعبر عن شماتة, بل العكس , رأيت صباح (9يونيو) حينما تنحى الرئيس عن منصبه, رأيتهم جميعاً وكأننا على قلب رجل واحد , خرجنا للشوارع نبكي ونستصرخ الرئيس "عبدالناصر" للعودة!!
نفس الموقف وأصعب , يوم وفاة الزعيم في (28 ديسمبر 1970) , لم نعد إلى بيوتنا لأكثر من أسبوع منذ إعلان الوفاة مساء يوم (28 سبتمبر) وحتى دفن الرئيس يوم (2أكتوبر) !!
وأصبحت جلسات (النميمة) , تتحول إلى جلسات كيف نستطيع أن نملأ الفراغ الذى تركه "جمال عبد الناصر", بوفاته, وأعتقدنا أن مصر أصبحت في أشد الإحتياج لأبنائها آلان ، اكثر مما كان وقت أن يعيش "جمال عبد الناصر" بيننا!!
فبادرنا بدخول "الجيش" من كان لديه إعفاء بأسباب مؤقتة  أو دائمة , تخلينا عنها وأنا منهم لنستكمل ما أراده " جمال عبد الناصر" في إعادة بناء (القوات المسلحة المصرية) , وإستعادة الأرض وكان لدخول خريجى الجامعات " الخدمة العسكرية " أثر بالغ فى تغيير شكل القوات المسلحة المصرية ، وكانت مظاهرات الطلبة في الجامعات المصرية في (فبراير 1968) ضد "أحكام الطيران " هي نتاج مجتمع  "النميمة" بين شباب الوطن الذى كان مهموماً بمصر في الستينيات وأوائل السبعينيات هذه شهادة من (شلة النميمة)!!