خدعة ترامب فى عملية اصطياد حمزة بن لادن

العدد الأسبوعي

حمزة بن لادن
حمزة بن لادن


هل قتلت أمريكا "ولي عهد الإرهاب" ثم أعلنت مكافأة للقبض عليه؟


قبل أيام، وبالتزامن مع الذكرى الـ18 لهجمات 11 سبتمبر، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مقتل حمزة بن لادن نجل الزعيم السابق، ومؤسس تنظيم القاعدة، فى عملية أمريكية لمكافحة الإرهاب.

مؤكداً أن «حمزة بن لادن كان مسئولاً عن مهام التخطيط والتعامل مع مختلف الجماعات الإرهابية» وأن «مقتله لا يحرم التنظيم من المهارات القيادية المهمة والعلاقة الرمزية بوالده فحسب، بل يقوض الأنشطة التشغيلية له».

ضربة هى الأخطر للخطط المستقبلية لتنظيم القاعدة، عبر عنها على صوفان، الخبير الأمريكى، السابق فى محاربة الإرهاب، بقوله : «إذا كان صحيحاً أن حمزة مات، فإن القاعدة قد فقد مستقبله لأن حمزة كان يمثل مستقبل القاعدة».

وحمزة بن لادن، «ولى عهد الإرهاب» كما أطلقت عليه المخابرات المركزية الأمريكية، هو الابن «الأثير» لأسامة بن لادن، والوحيد له من زوجته الثالثة خيرية صابر، والخامس عشر أيضاً فى الترتيب بين 23 ابناً وابنة، أنجبهم أسامة من 5 زيجات.

وهو أيضاً «الوريث» الذى كان يجهزه والده، لخلافته على رأس التنظيم الذى أسسه قبل عقود.

 حمزة كذلك هو الواجهة الشابة الجديدة للقاعدة، وعصا التنظيم التى كان من المخطط لها أن تجذب بقايا وفلول تنظيم داعش الإرهابى، بعد سقوط دولة «الخلافة» فى سوريا والعراق، وقد ظهر على ساحة الإرهاب العالمى أغسطس 2015، فى توقيت حرج لتنظيم القاعدة، وصلت فيه المنافسة بينه وبين غريمه تنظيم «داعش» إلى درجة الصدام، ونجح خلاله داعش فى جذب شباب الإرهابيين، وسحب البساط من القاعدة، والحصول على بيعة عدد من فروع التنظيم، التى تنصلت من بيعتها لأيمن الظواهرى، وأعلنت ولاءها لخليفة داعش أبو بكر البغدادى.

ولم يجد أيمن الظواهرى، اختياراً مثالياً للمرحلة أفضل من حمزة بن لادن، يستدعى به رمزية والده «المؤسس»، ويبدأ به حقبة جديدة للتنظيم، ومن ثم صدر حمزة إعلامياً لأول مرة فى تسجيل صوتى  أطلق عليه «طلة الأسد»، قدم فيه الظواهرى بنفسه، حمزة بن لادن إلى جمهور القاعدة والعالم، معلناً ميلاد «أسد جديد فى مأسدة الجهاد» وواصفاً إياه بأنه «الأسد ابن الأسد، الحبيب ابن الحبيب، المجاهد ابن المجاهد، ابن الشهيد وأخى الشهداء».

لتتوالى بعد ذلك الرسائل و التسجيلات الصوتية لحمزة بن لادن، التى وصلت إلى 12 رسالة وتسجيلاً صوتياً، وحاول خلالها محاكاة أسلوب والده، واقتبس عباراته الشهيرة بنصها، كما هدد فيها الولايات المتحدة الأمريكية بالثأر لمقتله فى باكستان 2011، ودعا المسلمين لشن الهجمات على أمريكا وحلفائها انتقاماً من قتلة «الشيخ»، كما قدم  للذئاب المنفردة كتالوج عمل كامل لشن تلك الهجمات.

غير أن التسجيلات الصوتية لحمزة بن لادن توقفت فجأة، بعد آخر تسجيل صادر له فى مارس 2018، دون سبب واضح، ودون أن يصدر تنظيم القاعدة  شرحاً لسبب اختفائه.

فى فبراير 2017، أفرجت المخابرات المركزية الأمريكية «سى. آى. إيه» عن حفل زفاف حمزة بن لادن فى إيران من ابنة قيادى تنظيم القاعدة، أبو محمد المصرى، عبدالله أحمد عبدالله.

وبعد عامين من إدراجه على قوائم الإرهاب الدولية، وفى فبراير 2019 أعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة، مليون دولار لمن يدلى بمعلومات تقود للقبض على حمزة، الذى وصفته بـ«أحد القادة البارزين» فى تنظيم القاعدة.

وذلك فى ظل علامات استفهام وتعجب، عن ضعف قيمة المكافأة المرصودة للقبض على حمزة، والتى تضعه فى ذيل قائمة برنامج المكافأة من أجل العدالة، بالمقارنة بأيمن الظواهرى بمكافأة قدرها 25 مليون دولار، وأبو بكر البغدادى 10 ملايين دولار، وغيرهما من قيادات القاعدة وداعش.

فى أول تسريب عن مقتل حمزة بن لادن، فى 31 يوليو الماضى، نقلت شبكة «إن. بى. سى نيوز» عن ثلاثة مسئولين أمريكيين أن ابن لادن الشاب لقى مصرعه فى عملية بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكى، خلال العامين الماضيين.

فى ذلك التوقيت قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إنه لا يريد التعليق على تلك التقارير، وكذلك فعل مستشاره السابق  للأمن القومى جون بولتون.

لكن فى 22 أغسطس 2019، كان مارك اسبر وزير الدفاع الأمريكى، هو أول مسئول يؤكد رسمياً مقتل حمزة بن لادن، مجيباً على سؤال الساعة: «هذا ما أفهمه»، ومضيفاً: «ليس لدى تفاصيل، وإذا كانت لدى تفاصيل فإننى لست متأكدا إلى أى مدى يمكننى المشاركة بها».

بدا عندئذٍ أن هناك قراراً متعمداً بتأجيل الإفصاح عن الخبر للحظة الذروة، بحلول ذكرى 11 سبتمبر، ليخرج ترامب بنفسه معلناً عن وقوع «الصيد الثمين»، وإحراز إدارته الجديدة هدفاً لا يستهان به فى مرمى تنظيم القاعدة، بعد أن أتى سلفه أوباما برأس أسامة بن لادن شخصياً.

فى إعلانه عن مقتل بن لادن الجديد، قال ترامب إن حمزة كان متواجداً على الحدود الأفغانية الباكستانية، دون الإدلاء عن موعد تنفيذ العملية أو الإدلاء بأى تفاصيل عنها، ليرسخ من حالة الغموض حول ملابسات  تلك العملية وتوقيتها أيضاً.

فيما استمرت التسريبات لوسائل الإعلام، فقال مسئولون أمريكيون حاليون وسابقون، اشترطوا إخفاء هويتهم، إن غارة أمريكية استهدفت حمزة بن لادن فى المنطقة الحدودية، مايو أو يونيو 2017، أسفرت عن إصابته فقط، وقتل فيها ابنه الطفل أسامة 12 عاماً، وتحدث مسئول ثالث عن غارة أمريكية أخرى فى ديسمبر 2017، هى من نجحت فى قتل حمزة بن لادن.

على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تستغرق فى بعض الأحيان شهورًا وربما سنوات لتأكيد مقتل أحد قادة التنظيمات الكبار، غير أن فرضية خبيثة تطرح نفسها هذه المرة مع كل المراوغة الأمريكية لإدارة ترامب فى الإعلان عن توقيت عملية قتل حمزة بن لادن، هل من الممكن أن تكون إدارة ترامب قد قتلت حمزة، واختارت عدم الإفصاح عن ذلك، قبل الترويج الكافى لخطورة حمزة بن لادن إعلامياً، الذى يعنى بعد ذلك أن قتل حمزة هو انتصار لا يستهان به على الإرهاب. السؤال الأهم، هل أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن مكافأة القبض على حمزة بن لادن، بعد أن قتلته فعلاً، لإضافة مزيد من التوابل والجاذبية على المشهد؟!، بحسب بعض التسريبات فإنه بعد الإعلان فى فبراير الماضى عن مكافأة قدرها مليون دولار للقبض على حمزة، اعتقد مسئولون بالاستخبارات، أنه قد مات.